Advertisement

لبنان

قاسم بين إنجازات 2000 وتحديات 2025: هل انتهى عصر المقاومة؟

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
26-05-2025 | 10:01
A-
A+
Doc-P-1365960-638838443074767612.jpg
Doc-P-1365960-638838443074767612.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
عكس خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس في ذكرى "عيد المقاومة والتحرير"، رؤية الحزب في ظل المتغيرات الجذرية التي طرأت على المشهد اللبناني والإقليمي بين عامي 2000 و2025. ففي حين كان خطاب التحرير عام 2000 يحتفي بانتصار استثنائي تمثل بانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان من دون قيد أو شرط، جاء خطاب 2025 محاطا بتحديات ميدانية وسياسية مقلقة، لا سيما بعد تمكن إسرائيل هذا العام من احتلال مناطق استراتيجية على الحدود اللبنانية، بما فيها النقاط الخمس، واغتيالها الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله وقادة كبار من الحزب.
Advertisement

هذا التطور المفصلي يطرح إشكالية كبرى: هل لبنان أمام نهاية عصر المقاومة، ودخول لبنان في مرحلة جديدة مختلفة كلياً؟ وهل ما جرى هو انتكاسة استراتيجية، أم محطة عابرة في صراع طويل الأمد؟

سعى الشيخ قاسم في خطابه بوضوح إلى نفي فكرة انتهاء المقاومة أو تراجعها، مؤكداً أن ما يجري لا يعني نهاية المعركة أو تفوقاً إسرائيلياً استراتيجياً، بل اعتبر أن الاحتلال الجديد، وإن كان خرقاً خطيراً، لا يلغي المعادلة الأساسية التي أرستها المقاومة منذ التحرير: أن الصراع مع إسرائيل مستمر، وأن المقاومة باقية كخيار دفاعي مهما تغيرت الظروف. فشدد على أن المقاومة ليست مجرد رد فعل مؤقت بل مشروع مستدام، راسخ في المعادلة الوطنية، مستندا إلى الشرعية الشعبية التي وفرتها التضحيات المتراكمة منذ عقود.
لكن في المقابل، لا يمكن تجاهل التحول العميق الذي فرضه الواقع الجديد: ففي العام 2000، كان الخطاب يحتفي بتحرير الأرض واندحار الاحتلال، أما في 2025، فثمة إحساس بالحصار والضغط، سواء من إسرائيل عبر عدوانها المستمر، أو من القوى الدولية التي تحاول فرض تسويات تتجاوز إرادة الحزب، أو حتى من الداخل اللبناني، حيث ترتفع أصوات تشكك بجدوى استمرار المقاومة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية.

إن الاحتلال الجديد للنقاط الخمس، يعيد إلى الأذهان، بحسب مصادر سياسية، تجربة 1978 و1982، لكنه هذه المرة يأتي في سياق مختلف: إسرائيل لم تعد تبحث عن اتفاق 17 أيار جديد، بل ربما تسعى لفرض وقائع ميدانية تعيد لبنان إلى دائرة الضغط والابتزاز. وهنا تكمن خطورة المرحلة: ففي عام 2000، كان الحزب في موقع المبادر، يدفع الاحتلال إلى الانسحاب، أما اليوم، فالمعادلة مقلوبة: إسرائيل هي من تتقدم، والحزب يلتزم اتفاق وقف اطلاق النار وينتظر الاتصالات السياسية والدبلوماسية التي يجريها لبنان الرسمي مع المجتمع الدولي لوقف اسرائيل لاعتداءاتها وانتهاكاتها.

حمل خطاب الشيخ قاسم محاولة لتثبيت خيار المقاومة في الوجدان اللبناني، لكن السؤال الجوهري يبقى: هل هذا الخيار ما زال عمليا وقادرا على حماية لبنان، أم أن المتغيرات الدولية والإقليمية من تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل، إلى المفاوضات الاميركية –الإيرانية، إلى تبدل الأولويات الداخلية اللبنانية، إلى الأزمات الاقتصادية المتفاقمة – تجعل منه عبئاً أكثر منه ضمانة لا سيما وأن لبنان في الفترة الأخيرة لطالما كان ساحة لحروب الأخرين أو للدفاع عن الاخرين

بالنسبة الى الشيخ قاسم فإن المقاومة ليست فقط خياراً دفاعياً بل ضرورة وجودية في ظل استمرار الخطر الإسرائيلي. لكنه في الوقت نفسه، بدا كأنه يدرك أن الزمن الذهبي للمقاومة كما تحقق في 2000 لم يعد نفسه في 2025. هناك واقع جديد يتشكل: إسرائيل استعادت زمام المبادرة ميدانياً، والضغوط على المقاومة لم تعد فقط عسكرية بل اقتصادية وسياسية وإعلامية. ورغم ذلك، فإن قاسم أعاد التأكيد على أن المقاومة ستظل حاضرة، حتى لو تغيرت أشكالها وأدواتها، ولن تسكت طويلاً على العدوان، ملوحا بخيارات مفتوحة، وإن كان لم يفصح عنها.

في المحصلة، يعكس خطاب الشيخ قاسم معركة الدفاع عن شرعية خيار المقاومة في وجه واقع جديد فرضه الاحتلال الإسرائيلي مجددا في 2025. لكنه أيضا يعكس، بحسب المصادر إصرار الحزب على رفض الاعتراف بالخسارة أو الدخول في معادلات جديدة تحت الضغط، بل الاستمرار في خيار المواجهة، حتى لو كان الثمن مرتفعا.

والسؤال يبقى: هل تستطيع المقاومة اليوم إعادة إنتاج معادلة التحرير كما فعلت في 2000، أم أن ميزان القوى قد تغير فعلاً، وأن لبنان أمام بداية مرحلة جديدة عنوانها: انكفاء الحزب وتراجع قدرته على فرض شروطه كما في السابق؟

الجواب، كما يعكسه خطاب قاسم، ليس رفضاً قاطعاً لهذا الاحتمال، بل مواجهة له بتأكيد الاستمرار، ولو كان الطريق محفوفاً بالتحديات الكبرى والتضحيات الثقيلة. لكن الثابت والأكيد هو أن لبنان الرسمي حسم الجدل حول سلاح الحزب، وأكد الرئيس جوزاف عون أن "قرار حصر السلاح اتخذ ويبقى موضوع كيفية التنفيذ"، أنه يسعى لأن يكون عام 2025 عام حصر السلاح بيد الدولة، مؤكداً اتفاقه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على "كل المواضيع خصوصا حصر السلاح بيد الدولة".

في الشق الداخلي، سعى قاسم إلى تعزيز صورة حزب الله كضامن للوحدة الوطنية والتوازن بين الطوائف، عبر تسليط الضوء على دور الحزب في الانتخابات البلدية، مؤكدا التفاهمات التي أبرمها مع مختلف القوى السياسية، حتى تلك التي تختلف معه، من أجل استقرار المؤسسات البلدية. وهذا الخطاب يحمل في طياته رسالة مزدوجة: من جهة تأكيد انفتاح الحزب على الشراكة، ومن جهة أخرى توجيه انتقاد مبطن لمن يعارض التزكية والتفاهمات، معتبرا أن التنافس لا يجب أن يكون على حساب الوحدة أو خدمة البلد.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

هتاف دهام - Hitaf Daham