Advertisement

لبنان

ماذا يريد لبنان من أميركا وماذا تريد أميركا من لبنان؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
09-06-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1372398-638850554475922191.jpg
Doc-P-1372398-638850554475922191.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
عندما قام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بجولة على المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الأمارات العربية المتحدة، والتقى خلالها الرئيس السوري أحمد الشرع، وأعلن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، لم تكن له سوى لفتة عابرة بالنسبة إلى الوضع اللبناني المقلق والمضطّرب بفعل ما تقوم به إسرائيل من ضربات جوية متنقلة تهدّد أمن لبنان واستقراره، وبدأ منسوب التفاؤل اللبناني بالنسبة إلى تحسّن الأوضاع الداخلية يتضاءل، حتى أن بعض المطلعين على ما تخطّط له واشنطن للمنطقة يتساءلون عمّا إذا كان الاهتمام الأميركي بلبنان، والذي بدا للوهلة الأولى بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية مرتفعًا جدًّا، قد تراجع إلى المستويات الدنيا، خصوصًا أن لبنان الرسمي والشعبي كان يعّول كثيرًا على وقوف الولايات المتحدة الأميركية في صفّه، أقّله بالنسبة إلى تفعيل عمل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، التي يترأسها جنرال أميركي.
Advertisement
ففي خضم الأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان، يكثر الحديث عن الحاجة إلى دعم خارجي يُعيد شيئًا من التوازن والاستقرار إليه. وغالبًا ما تتجه الأنظار نحو الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها قوة كبرى وفاعلة في الشرق الأوسط. لكن هل يمكن للبنان أن يراهن كثيرًا، أو حتى بشكل جزئي، على هذا الدعم؟
الواقع أن العلاقة بين لبنان والولايات المتحدة قائمة على مصالح متبادلة، لكنها محدودة النطاق. فالولايات المتحدة تنظر إلى لبنان من ثلاث زوايا رئيسية: أمن إسرائيل، احتواء النفوذ الإيراني من خلال تقليم أظافر "حزب الله"، والحفاظ على حد أدنى من الاستقرار في بلد تخشى واشنطن من أن يهدد انهياره بخلق فراغ أمني قد تملؤه قوى إقليمية ودولية غير مرغوب بها أميركيًا.
من هذا المنطلق، تواصل واشنطن دعمها للجيش، الذي تعتبره المؤسسة الوحيدة القادرة على تحقيق نوع من التوازن الداخلي، وإن بشكل رمزي. غير أن هذا الدعم يبقى ضمن خطوط حمر واضحة، وفي الوقت ذاته، لا تبخل واشنطن بالمساعدات الإنسانية والتنموية، لكنها غالبًا ما تكون مشروطة بإصلاحات اقتصادية وإدارية يعرف الجميع أنها صعبة التحقيق في ظل النظام السياسي الحالي المأزوم، والغارق في بؤرة الانقسام والفساد.
أما على المستوى السياسي، فالدعم الأميركي للبنان يبقى ضمن حدود الخطابات الديبلوماسية والمواقف الرمزية، من دون أن يتجاوزها إلى التزام فعلي أو انخراط مباشر في تفاصيل الأزمة اللبنانية. فلبنان لم يعد أولوية في جدول الأعمال الأميركي، في ظل تركيز واشنطن على ملفات استراتيجية أكثر إلحاحًا بالنسبة إليها.
يمكن للبنان أن يستفيد من دعم أميركي محدود ومشروط، خاصة على مستوى الجيش وبعض المبادرات التنموية، لكنه لا يستطيع أن يراهن كثيرًا أو بشكل حصري على الولايات المتحدة. فالسياسة الأميركية تجاه لبنان تقوم، كما هو معروف، على الاحتواء وليس على الالتزام الكامل.
وفي ضوء هذا الواقع يصبح السؤال عمّا تريده أميركا من لبنان، وبالتالي ماذا يريد لبنان من أكبر دولة عظمى؟
وجوابًا عن هذا السؤال البديهي يمكن القول بكل بساطة أن واشنطن تريد أولًا، وقبل أي شيء آخر، تقليص دور "حزب الله" والنفوذ الإيراني في المنطقة عبر الساحة اللبنانية، إذ تعتبر أن "الحزب" هو امتداد للنفوذ الإيراني في المنطقة، وترى أن سلاحه الإيراني المصدر يهدّد مصالحها وأمن إسرائيل، لكنها في المقابل هي لا تسعى إلى صدام مباشر معه أو مع ايران، بل تهدف إلى احتواء هذا النفوذ من خلال دعم الجيش، أو عن طريق فرض عقوبات، وتشجيع قوى سياسية "غير متحالفة" معه.
فواشنطن معنية بمنع أي تهديد يمكن أن يمتد من جنوب لبنان إلى الحدود مع إسرائيل، وهي تسعى إلى ضبط التوازن حتى لا تُفتح جبهة حرب جديدة، أو يتم استدراج تل أبيب إلى مواجهة شاملة مع "حزب الله"، وبالتوازي تعمل على منع الانهيار الكامل ليس كرمى لعيون اللبنانيين، كما يُقال، بل خوفًا من الفوضى التي قد تُستخدم من قبل قوى مناهضة للسياسة الأميركية في المنطقة.
أمّا ماذا يريد لبنان من أميركا، فالجواب عن هذا السؤال بديهي، وهو أن تمارس واشنطن أقصى الضغوطات على إسرائيل لسحب جيشها من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها، ووقف اعتداءاتها المتكررة كل يوم، إضافة إلى مدّ يد المساعدة له مما يسهم في إنعاش اقتصاده، ودعم الليرة، وتمويل مشاريع البنى التحتية.
يُستنتج من كل ذلك أن واشنطن لا تبني علاقاتها مع الآخرين، ومن بينهم لبنان، على العواطف، بل على الحسابات الدقيقة والمصالح. فهي تريد بالطبع أن يكون لبنان مستقرًا وغير خاضع للنفوذ الإيراني.
ومختصر القول إن أميركا تريد من لبنان أكثر مما هو قادر على تقديمه، في ظل تركيبته الطائفية والسياسية الهجينة، فيما لبنان يريد من أميركا أكثر مما هي مستعدة لتقديمه.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas