في إطار سياسة الانفتاح الميداني والشراكة الفاعلة مع المزارعين والمجتمع المحلي، قام
وزير الزراعة الدكتور نزار هاني، يرافقه مدير عام الزراعة المهندس لويس
لحود، بجولة شاملة في بلدة قاع الريمومحيطها، التقى خلالها مزارعي الكرز، واطّلع على واقع الإنتاج، وزار عددًا من التعاونيات والمراكز الزراعية، كما شارك في مهرجان الكرز في بلدة عين داره، في رسالة واضحة مفادها: الزراعة في قلب السياسات التنموية الوطنية.
استُهلّت الجولة بلقاء موسّع في القاعة العامة لبلدية قاع
الريم، جمع فعاليات سياسية وبلدية واقتصادية من المنطقة، إضافة إلى مزارعين وممثلي التعاونيات والمصانع.
رئيس بلدية قاع الريم الأستاذ غسان صليبا رحّب بالوزير، مؤكدًا أن "زيارته تعبّر عن
التزام فعلي تجاه القطاع الزراعي"، داعيًا إلى اعتماد الزراعة التعاقدية لمحصول الكرز أسوة بالقمح، ومشيرًا إلى الطابع الزراعي-الصناعي المميز للبلدة.
رئيس تجمع الصناعيين في
البقاع الأستاذ
نقولا أبو فيصلاعتبر أن التكامل بين الزراعة والصناعة مسؤولية وطنية، مشددًا على أهمية تطوير شبكات تسويق عالمية واعتماد تقنيات التجفيف لرفع القيمة المضافة للمنتجات الزراعية.
أما مدير عام الزراعة المهندس لويس لحود، فأكد اهتمام الوزارة بالكرز ومنتجات قاع الريم، مشيرًا إلى خطة لتحويل البلدة إلى نموذج متكامل للسياحة الزراعية الصناعية، مع برامج جديدة تشمل دعم الحليب، الأسماك، وسلاسل القيمة.
ومن جانبه، رأى رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في
زحلة الأستاذ منير التيني أن التنوع الزراعي في المنطقة ميزة يجب تعظيمها، داعيًا إلى تعزيز التعاون البحثي والوقائي لمكافحة الآفات الزراعية.
وعبّر مزارعو قاع الريم، من خلال كلمة ألقاها ممثلهم الدكتور مارك الرياشي، عن حجم الخسائر غير المسبوقة التي أصابت محصول الكرز هذا الموسم، محذرين من تراجع هذا الإنتاج إلى مستويات تهدد استمراريته كجزء من هوية البلدة وذاكرتها الزراعية.
وتركزت مطالبهم على ضرورة الدعم العاجل للمزارعين، مكافحة الآفات، تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة، تفعيل التعاونيات، تحسين البنية التحتية الزراعية، وتمكين الشباب للانخراط في العمل الزراعي عبر مبادرات متكاملة.
كما تخلل اللقاء مداخلات وأسئلة من الحضور تمحورت حول مشاريع "المشروع الأخضر"، وفتح الأسواق الخليجية أمام الإنتاج اللبناني، وتفعيل التعاونيات، وإنشاء طرق زراعية، ومكافحة الآفات.
وقدّمت المهندسة سافانا جرجس عرضًا تقنيًا حول طرق الوقاية من ذبابة
البحر الأبيض المتوسط باستخدام تقنيات المكافحة المتكاملة.
كما تم التداول في عدد من الأسئلة والمداخلات حول المشاريع التنموية، وفتح الأسواق الخليجية، والمشروع الأخضر، وتفعيل التعاونيات، وقدّمت المهندسة سافانا جرجس عرضًا حول طرق مكافحة ذبابة
البحر الأبيض المتوسط باستخدام أساليب المكافحة المتكاملة.
في ختام اللقاء، ألقى وزير الزراعة نزار هاني كلمة شاملة، شدد فيها على أن الوزارة تعتمد نهجًا إصلاحيًا استراتيجيًا يربط بين الإرشاد، التسويق، والزراعة التعاقدية.
وقال: "الزراعة لم تعد قطاعًا هامشيًا، بل هي قضية وطنية سيادية ترتبط بالأمن الغذائي، والصمود الاقتصادي، وكرامة الريف"، مشيرًا إلى أن "الإصلاح الزراعي لا يبدأ من المكاتب، بل من الحقول والناس".
وأوضح: "نحن نعمل على تعزيز منظومة الإنتاج الزراعي عبر الإرشاد الميداني، وتحديث سلاسل القيمة، وتحفيز التعاونيات، والانتقال من الزراعة الكلاسيكية إلى الزراعة التعاقدية، كخيار استراتيجي يربط بين الإنتاج والتسويق ويخفف من عبء الكلفة على المزارع ويضمن تصريف الإنتاج سلفًا."
وأكد الوزير أن "قضاء زحلة، وبلداته من قاع الريم إلى القاع، تقدّم أنجح النماذج الوطنية في الزراعة التعاقدية، من البطاطا إلى الحبوب، ومن الصناعات الزراعية إلى المبادرات التعاونية التي بدأت تؤسس لاقتصاد زراعي متكامل."
وشدّد: "نحن لا نريد مزارعًا قَلِقًا على تصريف إنتاجه، بل مزارعًا شريكًا في السوق، يعرف ما ينتج ولمن، وفق عقود واضحة وعادلة. وهذا ما تعمل الوزارة على ترسيخه في خططها الجديدة."
وأضاف الوزير هاني أن "تصدير الإنتاج اللبناني يستدعي ضبط الجودة، ومكافحة الآفات، وتعزيز الديبلوماسية الزراعية، وربط استراتيجياتنا الوطنية بأجندات الأمن الغذائي في
دول الخليج"، مشددًا على أن "
لبنان يمتلك من التنوّع المناخي، والمهارات البشرية، والمبادرات التعاونية، ما يؤهله ليكون شريكًا فاعلًا في الأمن الغذائي العربي."
وختم الوزير بالتأكيد على أن "
وزارة الزراعة، رغم محدودية إمكانياتها، ستبقى شريكًا ميدانيًا حقيقيًا إلى جانب الناس، في مواجهة التحديات، وتعزيز الإنتاج، وبناء مستقبل أخضر ومستدام"، لافتًا إلى أن "قاع الريم يمكن أن تتحوّل إلى نموذج متكامل يجمع الزراعة والصناعة والسياحة البيئية."