Advertisement

لبنان

"اشتدّي أزمة تنفرجي"...هل يصمد وقف إطلاق النار؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
25-06-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1382261-638864375163708264.jpg
Doc-P-1382261-638864375163708264.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
إذا كان مصير وقف إطلاق النار، الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بين إسرائيل وإيران، في خطوة مفاجئة، كمصير وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، فإن الأمور آيلة إلى التصعيد مرّة جديدة. فإيران، التي لم تتأخر في الردّ على الضربة الأميركية على المفاعل النووية الإيرانية هي غير "حزب الله"، الذي له اعتباراته الداخلية غير المأخوذة في حسابات طهران، التي تعتبر أن ما تعرّضت له من اعتداءات إسرائيلية بغطاء أميركي قد وحدّ ساحتها الداخلية، التي كانت على قاب قوسين أو أدنى من الانفجار الداخلي، وذلك بسبب الخلافات الداخلية، وبسبب الأوضاع الاقتصادية الضاغطة.
Advertisement
فأي انتكاسة لوقف النار الموقّع بالخاتم الترامبي، إذا صمد، ستواجه من قِبل طهران بردّ مباشر على أي خرق من قِبل إسرائيل، التي لم تكن تتوقّع أن تحدث الصواريخ الإيرانية ما أحدثته من دمار وخراب لم يسبق أن تعرّضت له في حربها على قطاع غزة أو على لبنان وسوريا. وهذا الأمر يدعو حكومة العدو إلى التفكير ألف مرّ قبل أن تقدم على أي مغامرة من هذا النوع، لأنها أدركت أن إيران مستعدّة لأن تخسر كل شيء في مقابل عدم تنازلها عمّا تعتبره حقًّا لها في الدفاع عن النفس، خصوصًا أنها ذهبت بعيدًا في توجيه ضرباتها الصاروخية على القواعد الأميركية الموجودة على أرض دولة عربية، مع علمها المسبق أن خطوتها المتقدمة في تفاصيل الحرب المتشعبة ستُقابل بردّة فعل عربية تضامنية مع دولة قطر، التي لعبت أدوارًا توفيقية في حرب إسرائيل على غزة، وهي التي استضافت اللبنانيين في مؤتمر الدوحة، وهي التي ساهمت في إعمار الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت على أثر العدوان الإسرائيلي في حرب تموز، وقيل لها يومها "شكرًا قطر".
ويعتقد كثيرون أن الرئيس ترامب لم يكن ليقدم على هكذا خطوة متقدمة لو لم يكن قد أجرى اتصالات مسبقة مع تل أبيب لكي يضمن أن ما سيعلنه لن يصطدم بأي انتكاسة من قبل الإسرائيليين، الذين باتوا في حاجة إلى خشبة خلاص بعد هذا الحجم الهائل من الدمار، الذي طاول ممتلكاتهم، وبعد موجة الهجرة غير المتوقعة بحجمها الكبير، خصوصًا أن أعدادًا من المهاجرين اليهود، وخصوصًا من الدول الأوروبية، لم يعودوا إلى "أرض الميعاد" لكي يعيشوا مرّة جديدة نوعًا آخر من "الهولوكوست". وهذا الأمر سيدفع رئيس حكومة العدو إلى التفكير ألف مرّة قبل أن يقدم على أي مغامرة جديدة، التي من شأنها، وفق خبراء دوليين في الشأن الإسرائيلي، أن تفتح عليه أبواب جهنم من الداخل الإسرائيلي، على عكس ما هو حاصل في إيران الوحدوية القرار، والتي تلتزم بفتاوى المرشد الأعلى للثورة السيد علي خامنئي.
وعلى رغم العداء المستحكم بين إيران وإسرائيل، وعلى رغم التراشق الدائم بالتهديدات والضربات، فإن ما يجمع بين شعبي البلدين اليوم أكثر مما يفرّقهم، وهو القلق والخوف من المجهول، والتوجّس من حرب قد تخرج عن السيطرة، حاملةً معها نتائج كارثية على المدنيين الأبرياء.
ففي إيران، لم يعد الخوف من الحرب مجرّد هاجس. فالشعب الإيراني الغارق منذ سنوات في أزمة اقتصادية خانقة، يرى في كل تصعيد عسكري تهديدًا مباشرًا لما تبقّى من حياته اليومية. فالعقوبات الدولية، وانهيار العملة، وانقطاع الخدمات، باتت خلفية دائمة لمخاوف تتعاظم مع كل خبر عن غارة أو مناورة. وبالنسبة إلى كثيرين من الإيرانيين فإن هذه الحرب ليست مع إسرائيل فقط، بل مع مجتمع دولي يترصّد بلادهم في كل ميدان. ومن خلف الكواليس، يظهر النظام الإيراني ساعيًا إلى استخدام الحرب لتشتيت الأنظار عن الداخل، ولشدّ العصب القومي والديني في مواجهة أزمات الحكم المتتالية.
أما في إسرائيل، فالحرب هذه المرة ليست كسابقاتها، لأن المجتمع الإسرائيلي يعيش حال تأهب غير مسبوقة، وسط إدراك عميق بأن المواجهة مع إيران، إن تطوّرت نحو الأسوأ، ستكون مكلفة وغير تقليدية. فإيران بالنسبة إلى الإسرائيليين هي ليست "حماس"، ولا "حزب الله" وحدهما في المشهد المأسوي. بل دولة نووية – أو شبه نووية – تمتلك ترسانة صاروخية قادرة على إصابة العمق الإسرائيلي بدقة. فالمواطن الإسرائيلي، وعلى رغم دعم حكومته في الدفاع عن "الأمن القومي"، يخشى أن يدفع ثمن مغامرات سياسية داخلية، خصوصًا مع ضعف الثقة بالحكومة الحالية التي تعاني من انقسامات واحتجاجات متواصلة.
المفارقة الموجعة أن الطرفين، وعلى رغم العداء، يتقاطعان في حقيقة واحدة: الشعوب لا تريد الحرب، ولا قدرة لها على تحمّلها. الإيرانيون يخشون من انهيار اقتصادي شامل، والإسرائيليون يخشون من تفكك أمني واجتماعي داخلي. وفي كلا البلدين، الشعور بالعجز واللاجدوى بات سيّد الموقف.
وسط هذه الصورة القاتمة، يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار قد أصبح مطلبًا شعبيًا في كل من إسرائيل وإيران على حدّ سواء. وهذا ما يدركه الرئيس الأميركي، الذي يريد أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات، ومن دون شروط مسبقة، خصوصًا بعدما كلفتها الحرب أثمانًا باهظة. فهذه الحرب، أيًّا تكن عناوينها كـ "الردع" أو "الأمن"، لا تعرف نهايةً عادلة إلاّ إذا اقتنع الجميع بأن الخسارة مشتركة.
مواضيع ذات صلة
تابع
07:26 | 2025-06-25 Lebanon 24 Lebanon 24
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas