Advertisement

لبنان

أسباب درزية لقرار جنبلاط تسليم السلاح

Lebanon 24
27-06-2025 | 22:52
A-
A+
Doc-P-1383759-638866867931869345.jpg
Doc-P-1383759-638866867931869345.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتبت" الاخبار": كانت لافتة زيارة السفير الأميركي في تركيا المبعوث الخاص إلى سوريا، توماس باراك، إلى النائب السابق وليد جنبلاط في بيروت قبل نحو عشرة أيام، إذ إن الأخير كان السياسي اللبناني الوحيد الذي التقاه المسؤول الأميركي علناً.
Advertisement
ولم تكن الزيارة بعيدة عن ملفات شديدة الحساسية يتولّى باراك مسؤوليتها، من بينها الوضع في لبنان، سلاح حزب الله، والإصلاحات، إضافة إلى البعد المتعلّق بدور الطائفة الدرزية وموقعها في سوريا ولبنان والمنطقة.
بحسب مصادر مطّلعة وصفت اللقاء الذي حضرته السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون والنائب تيمور جنبلاط بأنه «آخر طوق نجاة لوليد جنبلاط»، في ظل قلق متزايد يعيشه الزعيم الدرزي، على وقع التحوّلات العميقة التي طاولت المشهد السوري، ولا سيما في الجنوب، بعد سقوط النظام السابق، وتنامي التحديات أمام دروز سوريا، ما يلقي بظلاله أيضاً على الواقع الدرزي في لبنان.
لكنّ رغبة جنبلاط أو قدرته على الاستثمار السياسي في قرار تسليم سلاحه للجيش، لا تُخفي أن الدوافع الحقيقية خلف الخطوة لم تكن مرتبطة مباشرةً بملف المقاومة أو سلاح حزب الله، بل تعود أساساً إلى اعتبارات داخلية تتصل بالوضع داخل «البيت الدرزي» نفسه، وفقاً لما يؤكّده مصدر واسع الاطلاع.
ويقول المصدر إن جنبلاط بدأ، منذ مطلع هذا العام، يُعبّر صراحةً عن قلقه من تطوّر الموقف داخل الأوساط الدرزية، إذ لم يكن يتوقّع أن تلقى زيارته المفاجئة إلى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع ردّة فعل سلبية. وقد فوجئ برفض غالبية دروز سوريا لهذه الزيارة، بل ذهب بعضهم أبعد من ذلك بإبلاغ فريق الشرع، الذي التقاهم مرات عدّة، أن جنبلاط لا يمثّلهم ولا يتحدّث باسمهم، وأن الروابط التاريخية بين دروز المنطقة لا تخوّل أيّ مرجعية منفردة حق اتخاذ القرار نيابةً عن الجميع.
وتبع ذلك حراك داخلي واسع بين دروز سوريا، انطلق من مبدأ الحفاظ على الخصوصية والاستقلالية، ووجّه رسالة واضحة بأن على «الآخرين» - في إشارة إلى جنبلاط - الكفّ عن التدخّل والتحدّث باسمهم. وبرز سريعاً تصاعد نفوذ الشيخ حكمت الهجري، الذي بدأ يرفع سقف المطالب والضمانات التي يشترطها الدروز قبل الانخراط الكامل في مشروع الدولة السورية الجديدة.
وسرعان ما تحوّل التوتر السياسي إلى احتكاكات ميدانية وصدامات أمنية وعسكرية، بلغت ذروتها في مناطق بريف دمشق، وأسفرت عن مقتل عدد من القيادات والعناصر الدروز، ما أدّى إلى موجة نزوح جماعي من تلك المناطق نحو جبل السويداء.
ومع تفاقم الأزمة، بدأ جنبلاط يلمس أن المزاج الدرزي في لبنان بات أقرب إلى الخطاب الذي يتبناه الهجري. وتطوّر الأمر إلى إعلان دروز فلسطين، بقيادة الشيخ موفق طريف، دعمهم العلني للهجري وأنصاره، وممارستهم ضغوطاً على عدد من مشايخ الدروز في لبنان للالتحاق بهذا التوجّه. وقد بدا ذلك جلياً للشيخ سامي أبو المنى، الذي واجه صعوبة متزايدة في تثبيت موقف رافض لتدخّل «دروز إسرائيل» في الشأن الدرزي اللبناني - السوري.
وزاد من قلق جنبلاط، بحسب المعلومات، ما وصله من تقارير عن أن الدعم المالي المتقطّع الذي كان طريف يرسله سابقاً إلى بعض العائلات الدرزية في لبنان وسوريا تجاوز مسألة المساعدات ليصل إلى التعبئة والتنظيم.
وقد لاحظ زعيم المختارة مؤشّرات مقلقة على الأرض، أبرزها تصاعد التسلح الفردي بين دروز لبنان، وتنامي الخطاب الداعي إلى «الاستعداد لمواجهة أي طارئ» في لبنان أو سوريا.
وهذه الأوساط هي نفسها التي سبق أن أقنعت جنبلاط صيف عام 2008، بأن على الحزب التقدمي شراء أسلحة لمواجهة محتملة مع حزب الله، في أعقاب أحداث 5 و7 أيار، وهو ما حصل، علماً أن جنبلاط حرص في ذلك الوقت على جعل الملف تحت إمرته مباشرة، وحصر تفاصيله بدائرة ضيقة جداً.
بعد زيارته الثانية إلى دمشق ولقائه السريع مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في الثاني من أيار الماضي، خرج جنبلاط من دون الإدلاء بأي تصريح، ونقل عنه زوار مقرّبون انطباعات «غير مريحة» حيال الزيارة.
ورغم تكتّم الزعيم الدرزي، إلا أن أوساطاً في دمشق سارعت إلى تسريب روايتها، مشيرة إلى أن الشرع لم يكن يرغب بأن يناقش ملفاً سورياً داخلياً مع مسؤول غير سوري، لكنه استقبل جنبلاط «مضطراً» تحت ضغط من دولة عربية كبرى أقنعته بأن جنبلاط داعم لبقاء دروز سوريا ضمن إطار الدولة السورية، ويرفض أي نزعة انفصالية. ووفقاً للمصادر نفسها، فإن الشرع أبلغ جنبلاط، بأنه سيأخذ وقته في التفاوض مع قيادات السويداء للوصول إلى حل منطقي، لكنه كان حاسماً بأنه لن يسمح بأي انفصال أو تشكيلات عسكرية مستقلة عن الدولة، وسيعمل على «القضاء على الانفصاليين» عندما يحين الوقت.
هذه الرسائل الصريحة زادت قلق جنبلاط، خصوصاً بعد أن لمس عودة منافسيه التقليديين في لبنان إلى المشهد، من خلال مواقف راوحت بين التأييد الصريح لخط الهجري - طريف، أو الامتناع عن معارضته، مع تغيّر المزاج الدرزي العام الذي بات أكثر ميلاً إلى خطاب يدعو إلى تحالفات «تحفظ الوجود».
كذلك لمس جنبلاط أن هذه التحولات تسرّبت إلى صفوف حزبه. فبعض الكوادر الحزبيين باتوا يجاهرون بتواصلهم مع خصومه، مع تصاعد حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، قادتها مجموعات درزية من لبنان وسوريا وفلسطين، تروّج لفكرة أن «الدروز ليسوا متروكين»، وأن إسرائيل مستعدّة لدعمهم. وهو ما وصفه جنبلاط نفسه بـ«مرحلة الاستقواء والشعور بالقوة»، ما رفع منسوب القلق لديه إلى ذروته.
في هذا السياق، قرّر القيام بخطوات استباقية، أبرزها قرار تسليم سلاح الحزب التقدمي الاشتراكي للجيش اللبناني. وعندما سأله مساعدوه عن سبب التوقيت، قال بصراحة: «ليست لديّ أي ضمانات بأن لا يلجأ أحد من داخل الحزب أو من بيئتنا إلى رفع السلاح في وجه الآخرين.
بل أخشى، إن أصابني مكروه، أن يخرج من يُحرّض تيمور على خوض مغامرة عسكرية خاسرة. لذا، الأفضل هو محاصرة الفكرة منذ الآن، ونزع أدواتها».
وبالفعل، توجّه جنبلاط إلى رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، وأبلغه بالقرار، ليبدأ بعدها تنسيق لوجستي مع الجيش الذي تسلّم كميات كبيرة من السلاح الثقيل، بينها مدافع من أعيرة مختلفة، ورشاشات مضادة للطيران تُستخدم غالباً في النزاعات الداخلية، إلى جانب أسلحة هجومية ودفاعية متوسطة.
بهذه الخطوة، أراد جنبلاط أن يقطع الطريق على أي سيناريو غير محسوب داخل الطائفة أو الحزب، في مرحلة يراها الأكثر غموضاً وخطورة في تاريخه السياسي.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك