Advertisement

لبنان

تأثير رفع العقوبات عن سوريا على لبنان: فرصة ذهبية أم تحدٍ جديد؟

زينة كرم - Zeina Karam

|
Lebanon 24
13-07-2025 | 05:00
A-
A+
Doc-P-1390586-638879992597266818.jpg
Doc-P-1390586-638879992597266818.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
 
لطالما كان مصير كل من لبنان وسوريا متداخلاً، لا يقتصر ذلك على الروابط الجغرافية فحسب، بل يمتد ليشمل الأبعاد الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية. ومع تزايد النقاش حول احتمال رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، سواء بشكل تدريجي أو جزئي، يبرز تساؤل محوري حول انعكاسات هذا التغير على لبنان، الذي يعاني أصلاً من أزمات متلاحقة. فهل سيتشكل هذه العملية فرصة لتعافي لبنان، أم أنه سيُلقي بظلاله ليضيف المزيد من التعقيدات والتحديات؟
Advertisement
 
 
 من الناحية الاقتصادية، يمكن لرفع العقوبات عن سوريا أن يفتح آفاقًا جديدة أمام لبنان. فلطالما كانت سوريا سوقًا رئيسيًا للمنتجات اللبنانية، ومع إعادة الإعمار المحتملة، يمكن أن تشهد الصادرات اللبنانية، خاصة في قطاعات البناء، المواد الغذائية، والخدمات، انتعاشًا ملحوظًا. كما أن عودة حركة الترانزيت عبر سوريا، والتي كانت تشكل شريان حياة للاقتصاد اللبناني قبل الأزمة، ستخفف من الأعباء اللوجستية وتخفض تكاليف الشحن، مما يعود بالنفع على المصدرين والمستوردين اللبنانيين.
 
في هذا الإطار، اعتبر الخبير الإقتصادي باتريك مارديني أن لبنان تأثر كثيراً بالعقوبات على سوريا ليس فقط بسبب علاقته التجارية معها، بل بسبب تجارته مع الخليج من خلالها. ومع العقوبات التي فرضت، اضطر لبنان للجوء إلى البحر لتسيير أموره علماً أن كلفته أعلى. ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا، زادت كلفة النقل البحري، الأمر الذي يحصل مع أي حرب أو توتر أمني يحصل في المنطقة.
 
واعتبر مارديني أن كل القطاعات التي تصدّر ستسفيد بشكل مباشر من رفع العقوبات على سوريا كالصناعات الزراعية، إذ سيتمّ التصدير بكلفة أقل مع زيادة المنافسة في الأسواق الخارجية والخليجية تحديداً.
إلا أن مارديني أشار إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، قد نشهد في لبنان ظاهرة تهريب عكسية، أي من سوريا إلى لبنان وذلك بسبب الجمرك المنخفض في سوريا بينما نجده مرتفعاً جداً في لبنان، ليس فقط لناحية السيارات بل أي منتج.
 
ومن حيث الطاقة، سيتمكن لبنان من شراء الكهرباء من الأردن واستجرار الغاز من مصر، ولكن هذا الأمر سيتأخر ريثما يتمّ إصلاح الأضرار في سوريا.
 علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي انتعاش الاقتصاد السوري إلى عودة تدريجية للنازحين السوريين إلى بلادهم، مما سيخفف العبء الديمغرافي والاجتماعي والاقتصادي الهائل الذي يواجهه لبنان. هذه العودة يمكن أن تساهم في تخفيف الضغط على البنية التحتية والخدمات العامة وسوق العمل اللبناني.
 
مع ذلك، لا يخلو الأمر من تحديات. فمع انتعاش الصناعة والزراعة السورية، قد يواجه لبنان منافسة جديدة في أسواق المنطقة، وقد تتأثر بعض القطاعات اللبنانية التي كانت تستفيد من الفراغ الذي تركته المنتجات السورية بسبب العقوبات. كما أن الاعتماد المفرط على الاقتصاد السوري قد يجعل لبنان عرضة لتقلبات وتحديات هذا الاقتصاد المستقبلي.
 
على الصعيد السياسي والأمني، يمكن لرفع العقوبات أن يؤدي إلى تغييرات في المشهد الإقليمي. فعودة سوريا إلى محيطها الإقليمي قد تسهم في استقرار الحدود المشتركة، وتخفيف حدة التوترات الأمنية التي شهدتها المنطقة خلال سنوات الأزمة. وقد يفتح ذلك الباب أمام حوارات وتنسيق أمني أكبر بين البلدين، مما قد يصب في مصلحة لبنان من حيث مكافحة التهريب والتصدي للمجموعات المسلحة.
 
لكن في المقابل، تخشى بعض المصادر من أن يؤدي رفع العقوبات إلى تعزيز نفوذ بعض القوى الإقليمية والدولية في سوريا، مما قد ينعكس على الساحة اللبنانية ويزيد من تعقيدات المشهد السياسي الداخلي.
 
ويبقى ملف النازحين السوريين في لبنان هو التحدي الأكبر. فبينما يرى البعض أن رفع العقوبات سيشجع على العودة الطوعية للنازحين، مما سيخفف الضغط الهائل على لبنان، يرى آخرون أن هذه العودة لن تكون سريعة أو شاملة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في سوريا ونقص الخدمات الأساسية في خضم ورشة إعادة الإعمار.
يحمل إذاً رفع العقوبات عن سوريا في طياته فرصًا كبيرة للبنان للخروج من أزمته الاقتصادية وتحقيق قدر أكبر من الاستقرار. ولكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات جديدة تتطلب من القيادة اللبنانية رؤية استراتيجية واضحة. فالنجاح في الاستفادة من هذا التحول يعتمد بشكل كبير على قدرة لبنان على صياغة سياسات داخلية وخارجية متوازنة، تخدم مصالحه العليا في خضم هذه المتغيرات الإقليمية والدولية.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

زينة كرم - Zeina Karam