يُعاني العالم بأجمعه من تغييرات مُناخية واحتباس حراري أثرا بشكل دراماتيكي على دول عدة. فمن موجة الحر الشديدة التي ضربت قبل أسبوع أوروبا حيث تخطت درجات الحرارة الـ 40 درجة، إلى فيضانات تكساس ونيو مكسيكو في أميركا التي جرفت المنازل والممتلكات وتسببت بمقتل 160 شخصاً، يعيش
لبنان لغاية الآن صيفا اعتياديا حيث لم تضربه بعد موجات حارة عكس السنوات الماضية، فكيف سيُكمل صيف 2025؟ وما أسباب هذه التغيرات المُناخية المُتسارعة التي تضرب العالم؟
المُتخصص بالأحوال الجوية وعلم المناخ الأب ايلي خنيصر يُشير في حديث إلى "
لبنان 24" إلى ان "درجات الحرارة ستنخفض هذا الأسبوع ما بين 3 إلى 4 درجات على ان تُعاود الحرارة ارتفاعها بعد 18 تموز الجاري مع دخولنا بما يُعرف ب "شلهوبة" مار الياس.
وعن العامل الذي يسبب بارتفاع درجات الحرارة في لبنان والجوار، يقول خنيصر إن "السبب يعود إلى تموضع المنخفض الهندي الموسمي، فكلما انخفض ضغطه كلما ارتفعت درجات الحرارة وتمددت نحو الدول المجاورة، ومن جهة ثانية إذا اقتربت نواته نحو الرياض وجدة تتأثر منطقة الحوض الشرقي للمتوسط بطقس لاهب فتتخطى درجات الحرارة الـ43 في المناطق الداخلية الأمر الذي شهدناه في صيف 2023 حيث تعرّض لبنان لموجات لاهبة مُتتالية منذ منتصف حزيران ولغاية منتصف شهر آب."
ويُتابع خنيصر: "أما اليوم فنلاحظ ان المنخفض الهندي الحار متمركز فوق دول الخليج بضغط يتراوح ما بين 994 و996 hpa على عكس عام 2023 حيث تدنى إلى 988 hpa، من هنا
نجيب على السؤال التالي هل هذا الصيف سيكون حارا ولاهبا؟"
حتى الساعة، بحسب خنيصر، تُشير حركة المنخفض الهندي إلى ان صيف المنطقة سيكون اعتياديا حتى ولو ارتفعت درجات الحرارة عن المعدل العام بـ 2 أو 3 درجات.
في المقابل تُشير خرائط ضغط المنخفض الهندي الى انه سيشتد قساوة فوق دول الخليج ما بعد 15 تموز فتتراجع قيم ضغطه إلى 992 و990 hpa الأمر الذي سيُسبب بموجات حارقة في الإمارات وقطر والكويت والعراق فتتخطى درجات الحرارة الـ 55 درجة ويرفع درجات الحرارة في لبنان بعد 19 تموز الحالي لتلامس الـ 38 درجة بقاعاً.
ويؤكد خنيصر ان لبنان سيبقى بمنأى عن هذه الموجات اللاهبة نظرا لتمركز نواة المنخفض الهندي شرق شبه
الجزيرة العربية.
موجات حر في أوروبا وسيول مُدمرة في أميركا
يقول خنيصر: "بعدما شهدت أوروبا موجات حارة وصلت بين اسبانيا وفرنسا وإيطاليا إلى 45 درجة مئوية ضربت منخفضات جوية وسط أوروبا بسرعة رياح تخطت الـ 100 كلم في الساعة فانهارت درجات الحرارة وسببت سرعة الرياح الباردة بأضرار جسيمة في الممتلكات، هذه الموجة الباردة ستنحسر اعتبارا من منتصف هذا الشهر لتعود وترتفع درجات الحرارة وتلامس الـ 40 درجة في عدة دول أوروبية".
أما الكارثة الكُبرى التي تعرّضت لها ولاية تكساس ونيو مكسيكو في أميركا، فيُشدد الأب خنيصر على ان "سبب هذه العواصف المدارية يعود إلى ارتفاع درجة حرارة مياه خليج المكسيك إلى 33 درجة مئوية الأمر الذي ساهم بتشكل عواصف مدارية رطبة حارة اصطدمت برياح باردة جدا قادمة من جبال الأبالاش ما ساهم في ارتفاع نسبة الرطوبة فتساقطت الأمطار في تكساس وتخطت الـ 1000 ملم في 3 أيام وتشكّلت السيول المدمرة وضربت الفيضانات عدة مناطق جرفت معها المنازل والسيارت واختفت معالم قرى ومناطق عديدة في تكساس ونيو مكسيكو حتى انها تسببت بمقتل نحو 160 شخصا."
حركة المحيطات
يعتبر خنيصر "انها مؤشرات تنذر بما هو قادم وسيكون الأسوأ فارتفاع درجة مياه المحيطات على مدار السرطان تنذر بكوارث طبيعية وهي تشكّل الأعاصير المدمرة ويبدأ موسمها في منتصف آب ولغاية تشرين الثاني."
يُضيف:"يتوقع علماء الطقس ان تشهد المحيطات التالية الهندي والهادي والأطلسي موجة قاسية من الأعاصير التي تتراوح ما بين الدرجتين والـ 4 درجات، فالعام الماضي أسوأ الأعاصير الذي فتك بأميركا كان إعصار ميلتون الذي دمر ولاية فلوريدا، أما ما يُشاع عن ان البحر الأبيض المتوسط معرض لخطر أعاصير "الميديكين" فهذا الخبر ليس دقيقا حتى الساعة فحرارة البحر الأبيض المتوسط تتوزع ما بين الـ 28 و30 درجة في المناطق الشرقية وما بين 30 و31 درجة ما بين جنوب إيطاليا وشمال المغرب.
وتعتبر نسبة التبخر في البحر المتوسط حتى الساعة اعتيادية جدا وتدعم المنخفضات الجوية التي تضرب أوروبا في فصل الصيف فتزيدها رطوبة، إذا ليس هناك أي خطر لا أعاصير في البحر المتوسط أو زلازل او موجات تسونامي، فهذه، يعتبرها الأب خنيصر ،مجرد إشاعات لإثارة البلبلة والذعر.
وأشار إلى انه مع تقدم
العلم يُمكن رصد الأحوال الجوية من الأقمار الصناعية ولكن يستحيل رصد حدوث الزلازل في باطن الأرض لأنها تحدث بشكل خاطف وفُجائي.
ويتابع: "أما بالنسبة إلى حركة القطب
الشمالي فنراه ناشطا على طبقة الـ 500 hpa في معظم الدول الأوروبية، ما يوازي الـ 5500 متر لذلك سوف نشهد خلال فصل الصيف بين اليونان وتركيا وإيطاليا واسبانيا تساقطا كثيفا لحجارة بردية كبيرة نتيجة تدفق التيارات القطبية والتبريد الحاصل في طبقات الجو المذكورة، فما سنشاهده خلال فصل الصيف هو خليط من الأعاصير المدمرة والسيول الجارفة وحجارة البرد والفوضى العارمة الناجمة عن تطرف مناخي ملحوظ."
شح المياه في لبنان
وبالعودة إلى لبنان، فبعد ان حذر الأب خنيصر خلال شهر شباط الماضي من ان لبنان على موعد مع كارثة كبيرة خلال فصل الصيف ودعا خلالها رجال الدين إلى إقامة صلوات الاستسقاء (طلب المطر) لأن حصار المرتفعات الجوية أبعد عن لبنان أكثر من 12 منخفضا
جويا الأمر الذي سبب بتراجع نسبة المتساقطات بين 30 و40 % عن المعدلات العامة اليوم بدأ المواطنون يعيشون هذا الوضع السيئ، يُشير إلى انه ما زال أمامنا 4 أشهر لعودة الموسم المطري فالآبار الجوفية تعاني من نقصان في المياه وجف الينابيع .
وأكد ان الموسم المطري 2024ـ 2025 يُعتبر من أسوا الأعوام التي مرت على لبنان من حيث قلة الأمطار وقلة التراكمات الثلجية.
وأشار إلى ان المزارعين في المناطق البقاعية لجأوا لحفر آبار جديدة بعمق 300 متر تحت سطح الأرض بحثا عن المياه، أضف إلى معاناة المواطن في تأمين المياه المنزلية حيث نشهد سوقا سوداء بسبب قلة المياه في الآبار، مُتسائلا: إذا كيف سيكون سيكون الوضع بين آب وتشرين الثاني على صعيد المياه؟ مُحذرا من اننا أمام كارثة.