Advertisement

لبنان

لبنان المحكوم بالمُهل… أسير الفرصة الاخيرة!

ايناس كريمة Enass Karimeh

|
Lebanon 24
15-07-2025 | 03:00
A-
A+
Doc-P-1391487-638881679738931241.jpg
Doc-P-1391487-638881679738931241.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لم بكن تسلُّم لبنان الرد الأميركي على الردّ اللبناني عبر السفارة الاميركية تفصيلاً إدارياً ولا محطة تقنية ضمن مسار تفاوضي، بل لحظة سياسية مفصلية كشفت بوضوح أنّ التعامل الدولي مع لبنان بات محكوماً بلغة المهل والضغط، لا الشراكة والتفاهم. إذ تتعامل واشنطن مع الورقة اللبنانية كآخر اختبار لقدرة هذا الكيان على إعادة إنتاج ذاته وفق معايير الدولة، وسط توافق أميركي– خليجي على ضرورة إنهاء واقع السلاح، سواء عبر الدولة أو على حسابها.
Advertisement

وفيما أُعلن رسمياً أن لبنان يدرس الرد الأميركي، كان اللافت الصمت الكامل حيال تصريحات جريئة أطلقها الموفد الأميركي توماس براك، أعلن من خلالها احتمال ضم لبنان إلى بلاد الشام في حال استمرار فقدان القرار السيادي داخلياً. واعتبرت مصادر سياسية متابعة أن غياب أي رد، خصوصاً من وزير الخارجية يوسف رجي، لا يفسَّر إلا بوصفه تساهلاً غير مبرر أمام كلام يمس الحدود والكيان والصيغة. فما طرحه براك، رغم تغليفه بلغة دبلوماسية، يندرج، وفق المصادر، ضمن أسلوب التمهيد للرأي العام لتقبّل تغييرات كبرى تحت مسميات الواقعية أو الحتميّة.

في هذا السياق، اكتسب لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط بعداً أعمق، إذ وفق المصادر، تناول ما يُتداول من سيناريوهات حول إعادة رسم الجغرافيا اللبنانية، لا سيما في الشمال، وانعكاسات أي ترتيبات إقليمية على تركيبة الكيان. ولعلّ تصريحات جنبلاط عقب اللقاء عكست هذه الهواجس بلهجة موزونة، حين شدد على التمسّك بلبنان الكبير وصيغة 1920، في تذكير ضمني بأن أي عبث بالصيغة لا يُقرأ إلا كتهديد للاستقرار الهش القائم.

من جهة أخرى، تتسارع الاتصالات الداخلية على وقع ما تضمّنه الرد الأميركي من ملاحظات واضحة بشأن سلاح "حزب الله"، حيث رأت مصادر مطلعة أن فحوى الورقة يتجاوز النقاش التقليدي حول الشرعية أو القرار 1701، ليصل إلى تحديد مهلة زمنية للتنفيذ، ما يعني عملياً أنّ المراوحة لم تعد خياراً. وتضيف المصادر أن تركيز واشنطن على ضرورة التحرك داخل المهلة وعدم انتظار توافقات داخلية مستحيلة، يترافق مع تصميم على إقران الضغط السياسي بالضغط المالي، وفرض إيقاع متسارع على المؤسسات الدستورية اللبنانية وسط التقاء نادر مع ضغوط عربية وأوروبية تمارَس باتجاه الهدف نفسه. 

بالتوازي، لا ينفصل الموقف الأميركي الرسمي عن تصريحات منسّقة صدرت عن مساعدة وزير الخارجية الأميركي بربرا ليف، اعتبرت فيها أن "حزب الله" هو كيان يعمل خارج منطق الدولة، وأن استمرار احتفاظه بالسلاح يهدّد تماسك لبنان. كما أشارت في احدى لقاءاتها إلى أن المطلوب من الدولة اليوم ليس الدخول في مواجهة عسكرية، بل اتخاذ خطوات مدروسة ومتدرجة، تُراكم الضغط السياسي وتحوّل المطلب الدولي إلى مسار حتمي التنفيذ، سواء عبر التفاوض أو "بوسائل أخرى". ورأت ليف أن صبر الإدارة الأميركية ليس مفتوحاً، مشيرة إلى أن فشل لبنان في إثبات قدرته على ضبط أمنه الداخلي سيُفقده فرصة دعم حقيقي في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن الرهان الأميركي ما زال قائماً على متغيّرات انتخابية تُعيد صياغة موازين الداخل اللبناني.

وفي هذا الإطار، تكشف دوائر سياسية متابعة أن جوهر المقاربة الأميركية لا يستهدف الاصطدام المباشر، بل يقوم على بناء بيئة سياسية وتشريعية واجتماعية تُفرغ السلاح من وظيفته، وتفرض على المقاومة إعادة تقييم موقعها. وتتقاطع هذه الرؤية مع الضغوط الدبلوماسية العربية، التي تنقلها وفود زائرة إلى بيروت بلهجة أكثر وضوحاً، ما يعكس تقاطعاً واضحاً في الموقفين الخليجي والغربي حول مستقبل المعادلة اللبنانية.

في خلفية المشهد، تثير بعض التحليلات في الإعلام الغربي تساؤلات حول طبيعة الخطوات التي تُطبخ بهدوء، لا سيما في ما يخص دور سوريا في التسويات الجارية. فوسط تصاعد الحديث عن ترتيبات أمنية غير معلنة مع تل أبيب، تُطرح فرضية تحييد الجبهة الجنوبية مقابل ضمانات إسرائيلية بوقف الاستهداف، ومن دون الحاجة إلى توقيع اتفاق شامل أو الاعتراف العلني. ووفق مصادر مطلعة، فإنه لا يُراد من دمشق تقديم تنازلات سياسية حاسمة، بل الإقرار بالأمر الواقع الجديد وضبط إيقاعها الداخلي بما يتناسب مع خارطة المصالح الأمنية المقبلة، وهذه الخريطة لا تشمل، بطبيعة الحال، أي نقاش حول مصير الجولان المحتل الغائب كلياً عن المعادلة. 

أما لبنان، فيقف على عتبة زمنية دقيقة، حيث لا تبدو المواجهة المقبلة عسكرية، بل مؤسساتية، تُستخدم فيها أدوات التشريع والتمويل والضغط السياسي لإعادة تشكيل ملامح السلطة والقرار. إذ إن السلاح اليوم، كما يراه خصومه، لم يعُد بنداً دفاعياً، بل عائقاً أمام انضمام لبنان إلى خارطة المنطقة الجديدة التي يُعاد تشكيلها على أنقاض التسويات السابقة.

في هذا المشهد المتقلّب، لا تبدو الدولة اللبنانية مطالبة فقط بالتعاطي مع الضغوط، بل بإثبات أنها قادرة على التنفيذ ضمن مهلة محددة. فالرهان على عامل الوقت سقط، والمهادنة لم تعد تُقنع أحداً، والواقع اليوم بات أكبر من المواقف؛ مسار واضح، جرأة في المواجهة السياسية، وقدرة على حماية توازن داخلي هش تتقاذفه مشاريع أكبر من حجمه وأوسع من جغرافيته.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

ايناس كريمة Enass Karimeh

Lebanese journalist, social media activist and communication enthusiast