Advertisement

لبنان

التحوّل الصامت: هل ينخرط لبنان تدريجياً في مسار مع إسرائيل؟

ايناس كريمة Enass Karimeh

|
Lebanon 24
17-07-2025 | 04:00
A-
A+
Doc-P-1392746-638883426215401308.JPG
Doc-P-1392746-638883426215401308.JPG photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في الأيام الأخيرة، تكرّرت الدعوات السياسية في لبنان التي تتحدّث صراحة عن "اغتنام الفرصة" الإقليمية، في توقيت لا يخلو من الدلالات. إذ ترافقت هذه المواقف، الصادرة بمعظمها عن جهات طالما شكّلت رأس حربة في مواجهة المقاومة، مع تصعيد خارجي في اللهجة ضد سلاح "حزب الله"، وكأن ثمّة من يتهيّأ لاستثمار المناخ الدولي لفرض تحوّلات داخلية كبرى، من دون أي ضمانات، ومن دون حتى التطرّق إلى الاعتداءات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان.
Advertisement

وما يزيد من حساسية هذا الخطاب، هو أنه لا يأتي في إطار نقاش وطني شامل، بل يُمرَّر في سياق إعلامي وسياسي يوحي وكأن البلاد أمام لحظة مفصلية يُفترض استثمارها بأي ثمن، ولو تطلّب ذلك إعادة النظر في ثوابت ارتبطت لعقود بالتوازنات الداخلية والإقليمية.

بالتوازي، بدأت بعض التساؤلات تُطرح حول الجهات التي تدفع بهذا الخطاب إلى الواجهة، وحول ما إذا كانت هذه الدعوات تعبّر فقط عن مواقف سياسية معروفة، أم أنها تعكس توجّهاً أعمق يجري التحضير له بعيداً عن الأضواء.

وبحسب مصادر مطّلعة، فإن التصريحات الأخيرة لا تأتي في سياق داخلي صرف، بل تتصل بمناخ خارجي ضاغط يجري التعاطي معه بمرونة متزايدة داخل بعض الأوساط الرسمية. وتُشير المصادر إلى أن هناك مقاربة متدرّجة قيد التشكّل، هدفها إدخال لبنان في مرحلة "إعادة تموضع" تحت سقف التسويات الإقليمية، بعيداً عن أي نقاش وطني جدّي حول انعكاسات هذا التموضع على التوازن الداخلي.

وفي هذا الإطار، تبرز معلومات عن لقاءات غير علنية جرت بين مسؤولين لبنانيين وجهات دولية، بعضها مرتبط مباشرة بالملف الإسرائيلي، ما أثار تساؤلات حول طبيعة الدور الذي يُراد للبنان أن يتولّاه، وحول ما إذا كانت هناك تفاهمات تمرّ عبر قنوات خلفية، يجري تثبيتها بالتوازي مع تغيّر اللهجة السياسية في الداخل.

وتضيف المصادر أنّ اللافت في هذا المسار هو الترويج التدريجي لمصطلحات من نوع "المصلحة الوطنية" و"الواقعية" و"اغتنام الفرص"، بوصفها مداخل عقلانية لمقاربة الاستحقاقات المقبلة. غير أنّ استخدام هذه العبارات لا يبدو بريئاً، بل يُفهم منه، وفق المصادر، أنه محاولة لتهيئة المناخ السياسي والنفسي لقبول تسوية قد تُفرض لاحقاً على اللبنانيين كأمر واقع.

وما يثير القلق أكثر، هو الغياب الكامل لأي موقف رسمي واضح من هذه المؤشرات المتتالية، إذ تتوالى الإشارات الخارجية والتصريحات الأميركية عن قنوات تواصل غير معلنة، فيما تلتزم السلطات اللبنانية الصمت، وكأن هناك قراراً ضمنياً بعدم التعليق، أو بالأحرى، بترك الأمور تسير نحو وجهة محسومة سلفاً.

انطلاقاً من ذلك، تتخوّف أوساط سياسية من أن يتحوّل الانهيار الداخلي إلى أداة ضغط تُستخدم لدفع لبنان نحو اصطفاف جديد، من دون خوض أي نقاش سيادي حقيقي، ومن دون تحديد واضح للثمن الذي قد يترتّب على هذا التموضع لاحقاً، لا سيّما في ما يتعلق بالمعادلات الوطنية الحساسة.

وتُحذّر المصادر من أنّ الخطورة لا تكمن فقط في المضمون، بل أيضاً في الأسلوب المعتمد: تثبيت التبدّلات من خلال لغة مرِنة وخطاب مُطَمئِن، يُفرغ المواقف الكبرى من محتواها، ويؤسّس لمرحلة سياسية جديدة من دون إعلان أو تفاهم داخلي مسبق.

في المحصّلة، لا يبدو أنّ ما يجري مجرّد تبدّل ظرفي في الخطاب السياسي، بل أقرب إلى إعادة رسمٍ دقيقة لموقع لبنان في المعادلة الإقليمية، من دون خوض مواجهة داخلية معلنة. فبدل أن يكون الحوار الوطني هو الإطار الطبيعي لأي بحث في الخيارات الكبرى، يجري القفز فوق هذا الاستحقاق، عبر محاولة خلق أمر واقع تدريجي يُسَوَّق داخلياً كخيار عقلاني، فيما تُدار خلفه تفاهمات غير واضحة، قد لا يكون لبنان مستعداً لتحمّل تبعاتها.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

ايناس كريمة Enass Karimeh

Lebanese journalist, social media activist and communication enthusiast