مَن تابع جلسة التصويت على منح الحكومة الثقة في الجلسة العامة لمجلس النواب يوم الأربعاء الماضي، رأى بوضوحٍ أنّ "التيّار الوطنيّ الحرّ" بات وحيداً في السياسة، بعدما جدّدت أغلبيّة الكتل التي انتقدت آداء حكومة نواف سلام، ثقتها لها وخصوصاً "الثنائيّ الشيعيّ"، الذي لا يزال يرفض نزع سلاح "
حزب الله"، في ظلّ الإعتداءات والخروقات والأطماع الإسرائيليّة.
وكما كان واضحاً، أراد رئيس تكتّل "
لبنان القويّ" النائب
جبران باسيل عبر الإصرار على طرح الثقة بالحكومة، العمل على إسقاطها في مجلس النواب، لأنّ سلام استبعد "الوطنيّ الحرّ" من المُشاركة في
مجلس الوزراء. كذلك، جدّد "التيّار" خلال الجلسة العامة قوله، إنّه الطرف المُعارض الوحيد حاليّاً للعهد، بينما برهنت الأصوات التي نالتها الحكومة من أغلبيّة الكتل، أنّها تُؤيّد خطّة عملها وبيانها الوزاريّ.
وفي هذا السياق، أشار
باسيل إلى أنّه كان يعلم سلفاً أنّ تكتّله النيابيّ سيحجب وحده الثقة عن الحكومة، على الرغم من كافة المُلاحظات التي أبدتها الأطراف السياسيّة الأخرى بشأن طريقة عملها. وبحسب أوساط نيابيّة، "لا يزال رئيس "التيّار" يُوحي أنّه الضحيّة في العهد الجديد، بسبب إستبعاده من المُشاركة في الحكومة الأولى، ومن خلال إقصائه من التعيينات الإداريّة، ومُحاسبة المسؤولين المحسوبين عليه".
وتعتبر الأوساط عينها لـ"
لبنان 24"، أنّ "باسيل يستثمر سياسيّاً من خلال تصريحاته الشعبويّة، مع اقتراب الإنتخابات النيابيّة، فأمامه مهمّة شاقّة تتمثّل في توسّع "القوّات اللبنانيّة" في الشارع المسيحيّ، وقد أتت نتائج الإستحقاق البلديّ والإختياريّ لتُؤكّد هذا الأمر". وفي هذا الصدد، تطرّق رئيس "الوطنيّ الحرّ" إلى آداء الوزراء، ومن بينهم المحسوبون على معراب، وانتقد طريقة تعاطيهم مع أبرز الملفات، أكان في إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، أو في مُمارسة الضغوط والدبلوماسيّة لدفع العدوّ الإسرائيليّ الى الإنسحاب من الأراضي المحتلّة في الجنوب.
وأيضاً، يعمل باسيل على الإستفادة من واقعه السياسيّ المُتراجع، عبر التركيز على نقاط ضعف العهد الجديد والحكومة، لزيادة رصيده في الإنتخابات النيابيّة. ويُعلّق مرجع سياسيّ بارز على سياسة "التيّار" المُتّبعة منذ انتخاب رئيس الجمهوريّة، ويقول إنّ "الوطنيّ الحرّ" لم يستطع ، عبر الإيحاء أنّه الضحيّة ،رفع عدد مُؤيّديه، وكان الإستحقاق البلديّ والإختياريّ خير دليلٍ على ذلك، من خلال خسارته لبلديّات واتّحادات بلديّات كانت من نصيبه، ولوّح بفوزه في أقضيّة مُعيّنة، علماً أنّ أصوات فريقه لم تكن الحاسمة في هذه الأماكن".
ويُضيف المرجع السياسيّ لـ"لبنان24"، أنّ "التيّار" يصبّ كلّ تركيزه على الإنتخابات النيابيّة، وهو لن يخوضها منفرداً كما يُوحي بأنّه المُعارض الوحيد للحكم وللداعمين له، فهو بأمسّ الحاجة لحلفائه السابقين، وأبرزهم "حزب الله" والمقربين منه الذين يُؤمّنون له مقاعد نيابيّة عديدة، في بعبدا كما في
البقاع الغربيّ وبعلبك وزحلة وبيروت وعكار، وغيرها من الأقضيّة".
ويُشير المرجع إلى أنّ "كلمة باسيل في مجلس النواب كانت خير دليلٍ على رغبته بالتقارب من جديد من "الحزب"، عبر رفضه "نزع" سلاح "المُقاومة"، بالقوّة وبالضغوط الأميركيّة والإسرائيليّة، وتشديده على ضرورة قيام حارة حريك بتسليم عتادها العسكريّ، أيّ بعد توفّر الظروف المُلائمة لذلك، أو عبر حوارٍ وطنيّ".