منذ تجدّد الإشتباكات المسلّحة في السويداء، انقسم الدروز في لبنان على الرغم من تضامنهم مع إخوانهم في سوريا، إلى قسمين: الأوّل متمثل برئيس الحزب "التقدمي الإشتراكيّ" السابق وليد جنبلاط الذي يدعو إلى الحوار والتهدئة وعدم الإنجرار وراء المخطّطات الإسرائيليّة، والمُحافظة على الوحدة السوريّة، والثاني، بقيادة رئيس حزب "التوحيد العربيّ" وئام وهاب، الداعي إلى مُحاربة الرئيس السوريّ أحمد الشرع، لحماية الطائفة الدرزيّة.
ولم يعدّ الخلاف في لبنان يشمل الدروز فقط، بل وصل إلى الشارع السنّيّ الذي أعلن عن دعمه للسلطات السوريّة ولأعمال الجيش السوريّ، رافضاً أيّ محاولة للإطاحة أو الضغط على الشرع من أجل التنازل عن الحكم.
وبالعودة إلى الإنقسام الدرزيّ الحادّ في لبنان، فإنّ
جنبلاط ومعه شيخ
الموحدين سامي أبي المنى يُشدّدون على التهدئة في السويداء، والتفاهم مع الشرع، لعدم إعطاء ذريعة لإسرائيل بتعزيز الصراع بين السوريين، وتوسيع إحتلالها للأراضي السوريّة.
كذلك، تقول مصادر إنّ هناك مخاوف جديّة لدى جنبلاط من إندلاع إشكالات ومُواجهات بين الدروز اللبنانيين، وبين
النازحين السوريين، الذين لا تزال أعدادهم كبيرة جدّاً، بينما يستمرّ البعض منهم بدخول لبنان بطرقٍ غير شرعيّة، على الرغم من جهود الجيش في الحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة، واكتشافه لخلايا إرهابيّة كانت ستعمد إلى توتير الأمن في البلاد.
وتُضيف المصادر أنّ الإتّصالات بين جنبلاط والقيادة السوريّة لا تزال قائمة لاحتواء الصراع في السويداء، وهو لا يزال داعماً للنظام السوريّ الجديد. وتُشير إلى أنّ رئيس "التقدميّ" السابق يخشى من إنفجار الوضع الأمنيّ أكثر في سوريا، وينعكس على لبنان سلبيّاً، من خلال المزيد من الإنقسام في الشارع، مع بقاء خيار المُواجهة المسلّحة قائماً.
إذاً، بحسب المصادر عينها، فإنّ جنبلاط يعمل على تحصين الساحة الدرزيّة السوريّة، ضمن النظام الحاكم الجديد، إضافة إلى تجنيب لبنان لتداعيات ما يحدث في السويداء، وخصوصاً بعد قيام شبان دروز بقطع طرقات رئيسيّة، وخروج تظاهرات في
طرابلس داعمة للشرع وللعشائر العربيّة، وانتشار مقاطع فيديو لإشكالات واعتداءات على سوريين، وإعلان بعض البلديّات عن حظر تجوّل النازحين في ساعات متأخّرة من الليل.
أمّا في ما يتعلّق بوئام وهاب، فتجدر الإشارة إلى أنّه كان من أبرز الداعمين لنظام
بشار الأسد، ومن المقرّبين منه، وشكّل سقوط صديقه في سوريا في 8 كانون الأوّل 2024، خيبة سياسيّة كبيرة لحلفائه في لبنان، من هنا، فإنّه من الطبيعيّ أنّ يشنّ هكذا هجوم على الشرع، ويُعلن عن إطلاقه فصيلاً مسلّحاً لمواجهة المخاطر التي تُواجه دروز السويداء، بهدف إسقاط حكم الرئيس السوريّ، إذ، يعتبر أنّ حالة الطائفة الدرزيّة كانت أفضل بوجود
الأسد على رأس السلطة.
وتقول المصادر في هذا الإطار، إنّ وهاب يُدرك أنّ دروز لبنان يتضامنون مع إخوانهم في السويداء، على الرغم من أنّ جنبلاط نجح في كبح غضب بيئته بعض الشيء، لذا، يقوم رئيس "التوحيد العربيّ" بالإستثمار في الصراع الدائر في جنوب سوريا، لزيادة رصيده الشعبيّ، مع اقتراب موعد الإنتخابات النيابيّة في العام المُقبل.