Advertisement

لبنان

تلفزيون لبنان "أبًّا عن جدّ"

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
21-07-2025 | 09:00
A-
A+
Doc-P-1394442-638886845245178386.png
Doc-P-1394442-638886845245178386.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
عندما أسندت إلي مهمة التنسيق بين تلفزيون لبنان ووزارة الاعلام العام 2008، وكان مجلس إدارتها لا يزال قائمًا، وإن صوريًا، وعلى رغم ما كان يعانيه مديره العام المرحوم إبراهيم الخوري من مرض خبيث، عملت على إعداد دراسة مفصّلة للنهوض بهذا المرفق الوطني المهم، بدءًا بإنقاذ ارشيفه التاريخي من الاهمال، وانتهاء بإعادة دوره كمنتج درامي أساسي.
Advertisement
ولكن، هذه الدراسة لم تبصر النور لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها، وقد يأتي اليوم الذي تُكشف فيه كل الحقائق، وبقيت الأمور على حالها الاهترائية، ولم يفلح أي من وزراء الاعلام المتعاقبين في تعيين مجلس إدارة جديد، وذلك لما  كان من خلاف بين القوى السياسية على التوافق على هذا التعيين، وبقي التلفزيون الوطني متروكًا من دون أب شرعي، إلى أن تمكّن الوزير الحالي بول مرقص، ومن خلال آلية تعيين شفافة، من الذهاب إلى مجلس الوزراء بحصيلة السير الذاتية النهائية وبما نتج عن المقابلات الشخصية، التي رست على عدد محدود من بين مئات المرشحات والمرشحين، حيث وافق الوزراء على اسم الدكتورة الصديقة اليسار ندّاف لتتولى مهام رئاسة مجلس الإدارة الجديد، ومدير عام تلفزيون لبنان، بعد فراغ استمر نحو 17 سنة على التوالي، التي لم تفلح معها المعالجات المؤقتة.
وبهذا التعيين الشفّاف، ونظرًا إلى ما تتمتّع به الزميلة ندّاف من مواصفات متطابقة مع هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، يؤمل أن يحقّق التلفزيون الوطني نقلة نوعية، خصوصًا أن الوزير مرقص قد مهدّ لهذا التعيين بتعبيد طريق النهوض بسلسلة خطوات واعدة، ومن خلال خطة إصلاحية شاملة تستند إلى أربعة محاور أساسية متلازمة: الإدارة، والمحتوى، والتمويل، والتكنولوجيا.
فمن دون حوكمة وإدارة رشيدة لن يستطيع مجلس الإدارة الجديد، أن يقّلع وسط حقل من الألغام القابلة للانفجار بفعل التراكمات السلبية، التي حالت دون تقدّم التلفزيون الرسمي، أقّله على المستوى التقني، على رغم أن فيه كوادر بشرية كفؤة جدًّا. 
وإذا لم يستطع الوزير مرقص الوقوف في وجه التدخلات السياسية، وتثبيت استقلالية مجلس الإدارة عن الضغوط السياسية والطائفية، عبر احترام القوانين الناظمة للمؤسسة وتحقيق الشفافية في التوظيف والعقود، فإن القديم سيبقى على قدمه، وسيبقى التلفزيون الرسمي أسير المحاصصات السياسية.
فأول ما يجب أن يقوم به مجلس الإدارة الجديد هو إعادة هيكلة المؤسسة إداريًا بما يضمن توزيعًا فعّالًا للمهام، وبالتالي القضاء على الترهّل الوظيفي والمحسوبيات والطائفية، التي تتحكّم بمفاصل الوظائف الرئيسية.
ولكي ينجح المجلس في مهمته الجديدة عليه اعتماد تقييم دوري للأداء وربط التقدّم الوظيفي بالكفاءة والمهنية وليس بالولاءات والمحسوبيات والزبائنية.
أمّا الخطوة التالية فتفرض التركيز على إنتاج محتوى حديث وجذاب، وذلك من إعادة النظر في الهوية البرامجية لتلائم العصر، وكذلك من خلال تطوير نشرات الأخبار، وإنتاج برامج ثقافية وشبابية ووثائقية ترتكز على الهوية الوطنية والانفتاح، إضافة إلى تشجيع الإنتاج الدرامي المحلي بالشراكة مع شركات لبنانية وعربية لإحياء دور التلفزيون الرسمي كراعٍ للمواهب الشابة، وتقديرًا لعطاءات كبار الفنانين.
ولا بد من أن يصار إلى مواكبة القضايا الوطنية والاغترابية، لتفعيل دور التلفزيون الوطني في ربط الداخل بالخارج وتعزيز حضوره في دول الانتشار.
ولكي لا تبقى المقاربات أقرب إلى العاطفة فإن كل ما تقدّم لن يبصر النور إن لم ترافقه ورشة إصلاحية مالية وتفعيل الشراكات، وذلك من خلال وضع خطة مالية مستدامة عبر ترشيد الإنفاق وضبط الفساد الداخلي، والسعي لتمويل متوازن من الخزينة العامة ومن مداخيل إعلانية، إضافة إلى تفعيل مبدأ الشراكات مع القطاع الخاص ضمن عقود شفافة، فضلًا عن استثمار الأرشيف الذهبي للتلفزيون بذكاء تجاري عبر ترخيص عرضه على منصات رقمية.
فنهضة تلفزيون لبنان ليست مهمة إدارية فحسب، بل رؤية وطنية تتطلب إرادة سياسية ومجتمعية تدرك أن هذا الصرح، الذي كان أول تلفزيون في الشرق الأوسط، يجب أن يعود منصة جامعة تعكس التنوع اللبناني، وتكون منبرًا للمهنية والثقافة العامة، لا للبروباغندا أو التقوقع، وهذا ما يعمل عليه الوزير مرقص من خلال ما لديه من أفكار ومشاريع تبدأ بتحديد هوية بصرية جديدة لتلفزيون لبنان حيث سيتم العمل على تحديث صورته وشبكة برامجه، من ضمن  إطار تعاون فعّال بين وزارة الإعلام ومؤسسة France Media Monde عبر السفارة الفرنسية في بيروت، إضافة إلى استكمال تنفيذ مراحل مشروع حفظ ورقمنة مجموعات مختارة من أرشيف تلفزيون لبنان، بالتعاون مع UNESCO ، بهدف ترتيب وتكييف الأرشيف الوطني وحمايته من خلال تأمين معايير السلامة والأمان وفقا للمعايير الدولية.
في تفاصيل ما ينتظر مجلس الإدارة الجديد ما سبق أن أعد الوزير مرقص من مشاريع، ومن بينها:
أولًا، إعفاء تلفزيون لبنان من الدين لصالح NILE SAT
ثانيًا، العمل مع عدد من المهتمين في مجالات عدة لإطلاق برامج جديدة متنوعة من دون كلفة باهظة.
ثالثًا، التواصل مع عدد من شركات الإنتاج في لبنان لتقديم مسلسلات وأفلام تعرض على الشاشة الوطنية من دون مقابل.
رابعًا، التعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية لتقديم الصحافة العبرية مترجمة إلى اللغة العربية.
خامسًا، العمل مع عدد من الشركات للبدء بحملات إعلانية.
سادسًا، تأمين تمويل ورعاية (Sponsorship) من كازينو لبنان وعدد من الشركات لدعم متطلبات تلفزيون لبنان.
سابعًا، إبقاء العمل بالتأمين الاستشفائي للمستخدمين في التلفزيون على رغم الموانع.
ثامنًا، توقيع شراكة لتأهيل البنية التحتية للتلفزيون وتطوير أداء الوحدات الإعلامية بالتعاون مع اليونيسف.
ونظرًا إلى العلاقة الجيدة القائمة بين وزير الاعلام والزميلة نداف، التي كانت مستشارته، فإن النجاح سيكون مضمونًا، وسيتوج حتمًا بخطة نهوض عصرية ومتكاملة العناصر، ليعود هذا التلفزيون الوطني عن جدّ "أبًّا عن جدّ".
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas