شدَّد الوزير السابق القاضي عباس الحلبي، خلال احتفال تخرُّج طلاب جامعة القدّيس يوسف – بيروت، على وجوب أن "نبني معا شبكة تضامن وحوار، تُعيد إلى لبنان بعضا من أمله، قليلا من قواه الحيوية التي غالبا ما تهاجر بعيداً".
وقال الحلبي، بصفته رئيس "جمعية خريجي كلية الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية"
في الجامعة، ورئيس "اتحاد جمعيات الجامعة"، متوجها إلى الخريجين: "أقفَ أمامكم بفرح كبير واعتزاز، باسم اتحاد جمعيات خريجي جامعة القديس يوسف الذي شُرفتُ بتولي رئاستِهِ منذ الثـامـن من الجاري، لأكون مُمَثلا لجيل من الذين مروا من هنا، من هذه الصروح والفروع، وتركوا شيئا من أرواحِهم في حنايا الذاكرة".
أضاف: "جامعتُنا تترُك بصماتِها في نفوسِ خريجيها لأنها ليست مكانا فحسب، بل فلسفة حياة، وبَيت آمِن للحوار والانفتاح، بين العقلِ والقلب، وبين الشرق والغرب. وهي برغبَة الآباء المؤسسين تُقَدم للمجتمع مواطنين يؤمنونَ بأن الوطن فكرة تُرسَم في العقول، قبل أَن تُسَيج على الحدود".
وقال الحلبي: "اليومَ لا ينال أبناؤنا وبناتنا شهادة
أكاديمية فقط، بل ينضمون إلى أُسرة خريجي الجامعة، إلى ذاكرة حية، عمرُها أكثر من قرن ونصـف، كان فيها خريجو الجامعة اليسوعية، أطباء الوطن الجريح، ومحاميه في وجه الظلم، ومهندسيه ومربيه وصحافييه ووزراءه ونوابه ورؤساءه وأدباءه. اليوم ينضم طلابنا وبكُل فَخر إلى اتحاد جمعيات الخريجين. وهذا الاتحاد ليس مجرد إطار تنظيمي أو جمعية اجتماعية تجمعُ الخريجين بعد تخرجهم، بل هو صلة وصل بين الأجيال، وذاكرة جَماعيّةٌ حيّة تحفظُ رسالةَ الجامعة، وتترجمها في شراكات ومبادرات وأعمال تضامن وتراكم خُبرات".
وتابع: "إنه شبكة تمتد من بيروت وصيدا وزحلة وطرابلس إلى أقاصي الاغتراب. شبكة تلتقي على حب الجامعة وعلى الوفاء لقيمها في سبيل بناء الإنسان والوطن. شبكة تُدرك أن خريجي الجامعة هم رأس المال الحقيقي للبنان؛ رأس مال لا يُختزل بالأرقام بل بالضمائر. شبكة تؤمن أن قوة الجامعة لا تُقاس فقط بما فيها، بل بما تزرعه في نفوس طلابها عندما يُغادرونها. هذا ما نراه في وجوه طلابنا الليلة، وهذا ما نُراهن عليه وهذا ما نراه أيضا في عيون أهاليكم الذين تقر عيونهم بنجاحكم ويطمئنون إلى مستقبلكم، فتحية وألف تحية إلى الأهل المضحين في سبيلكم، الباذلين
الغالي والرخيص بسخاء لتوفير
العلم والمعرفة لكم".
أضاف: "إليكم جميعا، أبناء هذه الدفعة المتميزة، دفعة 2025، اليوم تُتوجون مسيرة جامعية بدأت في ظروف صعبة، في خضم سنوات حافلة بالانهيارات والأزمات، وتساؤلات مؤلمة عن الوطن والهوية. ومع ذلك، ورغم كل ذلك، ثابرتم، ونجحتم، ووصلتم إلى نهاية دراستكم. اليوم تُحققون حلم طفولتكم، بعبوركم هذه العتبة التي تفتح لكم آفاقا جديدة.. تنتقلون من زمن التكوين إلى فضاء العمل.. تنتقلون من صفحات الكتب إلى تعقيدات الواقع.. تنتقلون من الجدران التي حممت أحلامكم إلى الساحات العامة التي تنتظر وقفتكم".
وأكمل: "تعبرون أيضاً عتبة الجامعة لتعودوا إليها عبر عتبةٍ أخرى: عتبة الانتماء الدائم، الذي لا يقتصر على سنوات الدراسة، بل يتجاوز الشهادة. تنضمون اليوم إلى مجتمع الخريجين، الذين نواصل معهم مسيرتنا، كلٌّ في مجاله، مدفوعين جميعا بالقيم نفسها التي غرستها هذه الجامعة فينا: قيم المواطنة، والحرية، والعدالة، والحوار، والتنوع والالتزام بالحق والخير العام".
وختم: "باسم رابطة خريجي كلية الحقوق والعلوم السياسية، التي أتشرف برئاستها ريثما يتم انتخاب مجلس إدارة جديد، وباسم اتحاد جمعيات الخريجين، اسمحوا لي أن أقول لكم إننا هنا من أجلكم، لنكون جسرا بين الجامعة والعالم، بين التجربة الأكاديمية والمسيرة المهنية. نحن هنا لنبني معا شبكة تضامن وحوار تُعيد إلى لبنان بعضا من أمله، قليلا من قواه الحيوية التي غالبا ما تهاجر بعيدًا. نحن هنا لقناعتنا بأن خريجي جامعة القديس يوسف، في لبنان وخارجه، يُشكلون معا قوة تغيير حقيقية، تخدم الجامعة والمجتمع. مشاريع كثيرة تنتظرنا، وقد لا يكون الطريق دائما سهلا. ولكن من تعلم في هذه الجامعة لا يسلك أسهل الطرق، بل الطريق الصحيح. واصلوا دربكم، وكونوا ذلك النور الذي لا ينطفئ، حتى في أحلك الأوقات، فهناك الكثير على هذه الأرض يستحق أن يُعاش. عشتم، عاشت الجامعة، عاش لبنان".