رفع مجلس النواب الحصانة عن النائب والوزير السابق
جورج بوشكيان إفساحاً في المجال للقضاء للتحقيق معه، وإحال وزراء اتصالات سابقين هم نقولا صحناوي وبطرس حرب وجمال
الجراح إلى لجنة تحقيق نيابية في مخالفات في قطاع الاتصالات.
ووافق مجلس النواب على رفع الحصانة عن النائب والوزير السابق جورج بوشكيان بـ99 صوتاً وامتناع النائب جميل السيد عن التصويت بسبب عضويّته في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
ووافقت الهيئة العامة لمجلس النواب على إحالة ملف الاتصالات إلى لجنة تحقيق برلمانية بأكثرية 88 صوتاً و9 أصوات ضد الإحالة وامتناع نائبين عن التصويت.
وبعد موافقة مجلس النواب بتحويل ملف الاتصالات إلى لجنة تحقيق برلمانيّة تحولت الهيئة العامة لمجلس النواب إلى جلسة مغلقة لانتخاب أعضاء اللجنة المؤلفة من ثلاثة نواب أصيلين وثلاثة أعضاء رديفين. وجرت عملية الانتخاب بالاقتراع السري. وبعد فرز الأصوات فاز كل من:
نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب. رئيس لجنة الاتصالات النيابية إبراهيم الموسوي، والنائبة غادة أيوب كأعضاء أصيلين، كما فاز بالتزكية رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة د. فريد البستاني، رئيس لجنة الصحة النيابية بلال عبد الله وعضو لجنة الاتصالات النيابية النائب ياسين ياسين أعضاء رديفين. ثم أدّى أعضاء اللجنة اليمين أمام الهيئة العامة لمجلس النواب.
وكتبت" الاخبار": في الشكل صدّر مجلس النواب أمس صورةً غير معتادة، شاهدها اللبنانيون مرةً وحيدة قبل 22 عاماً وكانت خواتيمها مخيّبة للآمال.
أمس، وقف ثلاثة وزراء اتصالاتٍ سابقين يدافعون عن أنفسهم أمام هيئة منتخبة لتُمارس، إلى جانب العمل التشريعي، دوراً في المراقبة والمحاسبة بوكالةٍ شعبية،
على أمل أن تكون هذه المشهدية رسالة لوزراء آخرين، سابقين وحاليين، في «الاتصالات» وغيرها.
في المضمون، تبقى الأمور مفتوحة على
النقاش الدائم حول جدوى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كمحكمة استثنائية، حوّلتها السلطة إلى ما يُشبه المخرَج لضمان عدم محاكمة المرتكبين وعدم إحراج
القضاء على حدٍ سواء.
ولذلك، سيبقى ملف الاتصالات و«مستنداته»، التي فتحها للمرة الأولى عام 2016 رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية يومها عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، محلّ متابعة يستدعي مراقبة مدى جدّية عمل لجنة التحقيق البرلمانية.
تكوّن ملف الاتصالات بشكل تراكمي، بدءاً من استخدام المدّعي العام المالي السابق
علي إبراهيم محاضر جلسات لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، برئاسة فضل الله، ولاحقاً النائب حسين الحاج حسن، كإخباراتٍ انطلق منها للتحقيق في تلزيم الـ«فايبر أوبتيك»، ودفع 10 ملايين دولار سنوياً من أموال الوزارة للرعاية (sponsor)، ولاحقاً قضية مبنى قصابيان.
تبعها تقديم إخبار للنائب جهاد الصمد، ومن ثم شكوى من
المدير العام السابق لشركة «تاتش» وسيم منصور، ثم تشكيل رأي عام حول الملف أثناء انتفاضة «17 تشرين» من قِبل مجموعة «وعي» وبعض مجموعات الحراك الأخرى. لاحقاً، صدر تقرير مفصّل من ديوان المحاسبة وثّق هدراً بـ6 مليارات دولار خلال عشر سنوات في قطاع الاتصالات.
وأثنى النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار على قرار مجلس النواب، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الإجراء يؤكد صوابية التحقيقات القضائية في ملفّ وزارة الصناعة التي أفضت إلى توقيف 4 موظفين وبيّنت دور بوشكيان في الارتكابات التي حصلت في الوزارة طيلة ولايته».
وقال الحجار: «ننتظر أن نتبلّغ رسمياً وخطياً قرار رفع الحصانة عن بوشكيان، وبعدها سنستدعيه إلى التحقيق لاستجوابه مشتبهاً به، وبعدها يصار إلى الادعاء عليه، ومن ثمّ إحالته على قاضي التحقيق الذي يستجوبه ويتخذ الإجراء المناسب».
وحول المعلومات التي تفيد بأن وزير الاقتصاد السابق غادر
لبنان إلى كندا منذ أسبوعين تقريباً، أوضح الحجار أنه «سيتحقق من هذا الأمر، وفي حال صحّة هذه المعلومات قد تصدر مذكرة توقيف غيابية بحقه عن قاضي التحقيق، وهذه المذكرة ستعمم عبر الإنتربول الدولي لتوقيفه». وإذ لفت النائب العام التمييزي إلى عدم وجود اتفاقية قضائية بين لبنان وكندا تسمح بتسليمه إلى لبنان، توقّع «عدم تعاون السلطات الكندية مع طلب تسليمه إلى لبنان لكونه يحمل الجنسية الكندية»، لكنه أشار إلى أن بوشكيان «سيتحوّل إلى ملاحق دولياً يجري توقيفه في أي دولة يسافر إليها»، متمنياً أن يكون هذا القرار «درساً وعبرة لكلّ من يتبوّأ منصباً عاماً، ويعرف أن المال العام ليس مستباحاً يمكن الاستيلاء عليه متى يشاء وأن حقوق الناس مقدسة».
وامس صدر عن المكتب الإعلامي للوزير السابق والنائب جورج بوشكيان البيان الاتي : "اجتمعت اليوم الهيئة العامة لمجلس النواب للنظر في طلب رفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان.
توضيحًا للرأي العام، يهمّنا أن نُبدي بالغ الاستغراب لما جرى في الجلسة، إذ أنه، وبشكل رسمي، تلقّى المحامي المكلّف من قبل النائب بوشكيان، تبليغًا من الأمانة العامة لمجلس النواب، ظهر يوم الإثنين 21
تموز 2025، بوجوب الحضور إلى الهيئة العامة لإلقاء مرافعة قانونية، وذلك التزامًا بالأصول وبحق الدفاع المشروع الذي يكفله
الدستور والمواثيق الدولية كافة.
والمحزن فعلاً، أن وكيل الدفاع قد حضر إلى مجلس النواب، حاملاً معه مرافعة مكتملة، قانونية ودستورية وواقعية، وكان على أتمّ الاستعداد للتصدي لطلب رفع الحصانة، وتفنيد أوجه الخلل الجوهري فيه من النواحي كافة.
لكن ما حصل، وبكل أسف، هو أن الهيئة العامة، وبعد تلاوة الطلب، انتقلت مباشرة إلى التصويت، دون توجيه أي دعوة إلى وكيل الدفاع لإبداء مرافعته، في سابقة تضرب جوهر العدالة، وتمسّ بحق الدفاع، وتُلقي بظلال داكنة على شرعية الجلسة برمتها.
والأشدّ استغرابًا، أنّه في الجلسة ذاتها، أُتيح المجال للمحامين وكلاء وزراء الاتصالات المعنيين في الملف الآخر، للحضور والمرافعة أمام الهيئة العامة، وهو ما يُكرّس ازدواجية في المعايير، ويمسّ بمبدأ المساواة أمام القانون.
إنّ ما جرى اليوم ليس مجرد خطأ إجرائي، بل هو سابقة لا يمكن القبول بها، وسنعود إليها بتفصيل وافٍ في مرحلة لاحقة، إحقاقًا للحق، وصونًا للكرامة، وانتصارًا للدستور وللقانون".