كانت لافتة الزيارة التي قام بها رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع إلى كليمنصو، حيث التقى رئيس الحزب "التقدميّ الإشتراكيّ" السابق وليد جنبلاط، وتناولا الأوضاع العامّة في لبنان، في ظلّ تركيز الولايات المتّحدة الأميركيّة على نزع سلاح "حزب الله" بأسرع وقتٍ مُمكن.
ويلتقي الرجلان على أبرز ملف لبنانيّ، وهو حصر السلاح بيدّ الجيش وبسط الدولة لكامل سيادتها على أراضيها. فجنبلاط دعا قبل فترة جميع اللبنانيين إلى تسليم سلاحهم، بينما "القوّات" من المعروف أنّ خطابها كان ولا يزال تطبيق القرارات الدوليّة وفي مُقدّمتها الـ1559 والـ1701، اللذين يُشدّدان على حلّ كافة الفصائل المسلّحة.
إذاً، ليس من الغريب أنّ يجتمع
جنبلاط وجعجع لمُناقشة مُشكلة السلاح، وخصوصاً وأنّ الموفد الأميركيّ توم برّاك كان في لبنان، وبحث مع من التقاهم من المسؤولين في نزع كافة العتاد العسكريّ من "حزب الله" والفصائل الفلسطينيّة. وهذا الهاجس يجمع رئيسيّ "القوّات" و"التقدميّ" السابق، في ظلّ المخاطر التي تُهدّد البلاد، وإمكانيّة إستئناف
إسرائيل لحربها، إنّ لم يرضخ "الحزب" وإيران للمطالب الدوليّة.
كذلك، فإنّ مُصالحة الجبل بين الدروز والمسيحيين تجمع "القوّات" و"التقدميّ"، وهما يُشدّدان على أهميّتها في كلّ مُناسبة، وتُترجم في الإنتخابات النيابيّة من خلال التحالف بين معراب والمختارة. وبالحديث عن هذا الإستحقاق الذي اقترب كثيراً، فإنّه من المتوقّع أنّ تخوضه "الجمهوريّة القويّة" إلى جانب "اللقاء الديمقراطيّ" من جديد، بما يُؤمّن للائحتهما فوزا كبيرا في عاليه والشوف، في ظلّ مُنافسة "التيّار الوطنيّ الحرّ" وحلفائه لهما.
وهناك تفاهم بين جنبلاط وجعجع على المواضيع السياديّة وحصر السلاح بيدّ الدولة، ومن المتوقّع أنّ تركز شعاراتهما الإنتخابيّة على هذه الملفات، وخصوصاً إنّ لم يتمّ حلّ مشكلة ترسانة "الحزب" العسكريّة، وأدّى ذلك إلى زيادة الإعتداءات الإسرائيليّة على لبنان. وأيضاً، فإنّ ما يجمع "اللقاء الديمقراطيّ" و"الجمهوريّة القويّة" هو التأكيد أنّ للمغتربين الحقّ في المُشاركة الفعليّة في عمليّة الإقتراع والإنتخاب، وعدم تهميش أصواتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ أحداث السويداء تُقلق كلا من جنبلاط وجعجع، وهما يدعوان إلى تحييد لبنان عنها، بعدما شهدت البلاد إنقساماً خطيراً بشأنها، تمثّل بتظاهرات مُؤيّدة للرئيس السوريّ من جهّة، ومُهاجمة العشائر والقوّات الأمنيّة السوريّة من جهّة ثانيّة. وفي هذا السياق، فإنّ معراب تدعو إلى الحياد في ما يتعلّق بنزاعات وصراعات المنطقة، فيما المختارة تُؤيّد الحوار والحلّ الداخليّ في
سوريا القائم على التوافق بين الطائفة الدرزيّة والسلطات في
دمشق، لتضييع الفرصة على إسرائيل بعدم ضمّ أراضٍ جديدة إليها وزيادة التوتّرات.
إذاً، يقول مراقبون إنّ لقاء جنبلاط وجعجع لم يكن صدفة، فما يجمع معراب والمختارة أكثر بكثير مما قد يُفرّقهما، على الرغم من بعض التباينات القليلة بين "القوّات" و"التقدميّ" التي تخرج إلى العلن بين الحين والآخر، لكنّها لا تُؤثّر على علاقتهما الوطيدة، القائمة على تحالف وطنيّ استراتيجيّ.