كتب جوني منيّر في"الجمهورية": طالما أنّ الصورة المطلوبة من
لبنان قد لا تختلف كثيراً عن المشهد السوري من الزاوية
الإسرائيلية، فعندها يمكن إيجاد التفسير
الإسرائيلي الحقيقي لرؤية
تل أبيب لواقع المنطقة الممتدة من الحدود وصولاً إلى نهر
الليطاني. ووفق ما سبق، فإنّ المشهد اللبناني يصبح أكثر وضوحاً. فإسرائيل لا تبدو في وارد «المساومة » على الوضع في
جنوب لبنان. ولهذا فهي تدفع في اتجاه «تهشيل » قوات الطوارئ الدولية )اليونيفيل(، ويساعدها البعض في هذا الهدف من دون إدراكه أبعاد ما يفعل. وهي أيضاً تريد
القضاء نهائياً على ما تبقى من نفوذ إيراني في لبنان، وهي في هذه النقطة تتقاطع مع الرؤية الأميركية. وهو ما يدفع إلى توقع أن تشهد الأسابيع والأشهر المقبلة تصعيداً في عملية الضغط الماليوالإقتصادي على لبنان، وهو ما لخّصه برّاك بإحجام بلاده عن مدّ يد المساعدة للبنان. والأخطر إعادة رفع مستوى الحرب والاعتداءات على لبنان، طالما أنّ ابواب الحرب لم تقفلها
إسرائيل، وهو ما يسمح لها برفع مستوى حربها الجوية الى الحدّ
الأقصى في اللحظة التي تراها ملائمة. ففي الكواليس يتردّد كثيراً موعد شهر تشرين الثاني المقبل. وهذا الموعد يتطابق مع ما قيل عن برنامج زمني حمله برّاك لإنهاء ملف سلاح «
حزب الله »، والذي يبدأ مع مطلع آب ويمتد لثلاثة أشهر، أي نهاية شهر تشرين الأول المقبل. كما أنّ هذا البرنامج يتلاءم مع حسابات خليجية حول ضرورة حسم المعادلة
اللبنانية الجديدة، وبحيث تحمل الانتخابات النيابية المقبلة مجلساً نيابياً بتوازنات تتجانس مع التوازنات التي رست عليها السلطة في لبنان، وهو ما سيفتح الباب أمام حقبة لبنانية جديدةوعلى أنقاض الحقبة القديمة. وثمة مؤشر آخر لا بدّ من القراءة في خلفياته الدولية. فلقد كان من المقرر أن يعلن
قاضي التحقيق في ملف إنفجار مرفأ
بيروت طارق البيطار القرار الظني في الذكرى الخامسة للإنفجار. وكان تردّدأنّ بيطار أنجز كل الرواية حول شحنة النيترات منذ عملية شحنها وصولاً إلىلحظة الإنفجار الرهيب. وخلال الشهرين الماضيين وعدت إحدى الجهات الدولية بإرسال ملفات تقنية مفصلة لتدعيم ملف التحقيق، لكن هذا لم يحصل بعد وتحت اعذار شتى. ومنذ مدة قصيرة أبلغت هذه الجهة الدولية أنّه ولأسباب مختلفة ستتأخّر بعض الشيء في تسليم لبنان هذه الوثائق التقنية المهمّة. ولا شك في أنّ هذه الجهة الدولية تدرك جيداً بأنّها تسعى لتوقيت آخر لصدور هذا القرار،والذي سيشكّل مفصلاً أساسياً في مسار البلد، خصوصاً أنّ هنالك مذكرات توقيف ستواكب صدور القرار الظني. ما يدفع إلى الاستنتاج بأنّ التوقيت الذيت تتحكّم فيه هذه الجهة الدولية، لا بدّ أنّه يخضع لحسابات أكبر وأوسع. مع الإشارة إلى أنّ التأخير هو لبضعة أسابيع أو لأشهر معدودة في أسوأ الحالات.
في الخلاصة، فإنّ من الواضح أنّ رفض إسرائيل الذهاب إلى وقف نهائي لاطلاق النار إن في غزة أو لبنان، يعكس في وضوح قرارها باستمرار الحربلتحقيق أهداف كبيرة لم تتحقق بعد.