تسجل مرحلة من الترقب والانتظار، للرد
الاميركي والاسرائيلي على رد
لبنان بشأن ملفي السلاح والاصلاحات وسط معلومات عن ان رئيس الحكومة نواف سلام يدرس امكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء لبحث الملف.
وبدا واضحا، بحسب ما تقول اوساط معنية، ان لبنان يقترب من الدخول في مرحلة سياسية حرجة تضعه على مفترق طرق في مواجهة مفتوحة مع المجتمعين الدولي والعربي.وهذا ما يستدعي من حكومة الرئيس نواف سلام اتخاذ قرارها، اليوم قبل الغد، بموافقتها مجتمعة، وبلا تردد، على حصرية السلاح بيد الدولة، وإلا فسيكون لهما موقف جامع لن يكون لمصلحة البلد ويدخله في حصار غير مسبوق، ولن يجد من يتضامن معه بانكفاء أصدقائه عن مساعدته، وتراجع الاهتمام الدولي به.
ونقلت «الشرق الأوسط» عن مصادر سياسية أن المباحثات التي أجراها سلام مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم تقتصر على استعداد باريس لتوفير الدعم السياسي المطلوب للتجديد لقوات الطوارئ الدولية المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، وإنما تناولت الأسباب الكامنة وراء تعثُّر تطبيق وقف النار الذي التزم به لبنان، في مقابل امتناع
إسرائيل عن تطبيقه.
وقالت المصادر إن ماكرون، رغم تضامنه مع لبنان، نصح سلام بضرورة التلازم بين التجديد لـ«يونيفيل»، والتزام لبنان بحصرية السلاح الذي يتطلب من الحكومة إصدار قرار بخصوصه عن
مجلس الوزراء، لأن إعلان النيات لا يكفي ما لم يكن مقروناً بآلية تطبيقية، وأن اتخاذه سيتيح للبنان تجديد الدعم الدولي والعربي له للضغط على إسرائيل لإلزامها باتفاق وقف النار، وانسحابها من الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701 الذي يمكّنه من بسط سيادته على كافة أراضيه.
ولفتت المصادر إلى أن لا مصلحة للبنان بتمديد شراء الوقت، وأن المطلوب من «حزب الله» حسم أمره بإيداع سلاحه لدى الدولة، لأنه لم يعد له من وظيفة بعد أن أدى إسناده لغزة لاختلال في توازن الردع، والإطاحة بقواعد الاشتباك لمصلحة إسرائيل، وبات يشكل عبئاً على اللبنانيين.
وكشفت أن التريُّث باتخاذ قرار بحصرية السلاح سيعرّض البلد لمزيد من الأخطار بلجوء إسرائيل إلى توسيع خروقها واعتداءاتها عليه، برغم أن جهات رسمية تنفي بأن تكون الحكومة تلقت تحذيرات دولية لاستعداد إسرائيل لشن حرب جديدة.
وجاء في" الديار": فيما يعتبر
حزب الله انه يجب ان تعمل الحكومة وفق اولويات مختلفة، تبدأ بالسعي لسحب قوات الاحتلال والزامها على احترام وقف النار، فان
بري ابلغ سلام انه يجب ألّا تتم معالجة الملف بتسرع.
وكان بري سبق وابلغ براك ان حزب الله يتعامل بمرونة مطلقة، وارسل اكثر من اشارة ايجابية، حيث التزم بوقف النار، ولم يتدخل بالحرب «الاسرائيلية» على
ايران، وهو جزء من السلطة التنفيذية، ولديه قوة وازنة في مجلس النواب. والآن المطلوب خطوات من الطرف الآخر، وقد اوحى براك بتفهم لهذه السردية، ووعد برد قريب ايجابي، ولهذا كانت تغريدة مفاجئة بالنسبة للرئيس بري.
وفي بعبدا، تشير الاجواء الى تعامل واقعي مع المرحلة الدقيقة، حيث لا يزال الرئيس جوزاف عون يصر على عدم نقل «المشكل» الى الداخل اللبناني، والتعامل بحكمة مع الملف كيلا ينفجر على نحو سلبي في الداخل. ولهذا لا يزال على تواصله مع حزب الله والحوار مستمر، وان كان بطيئا ربطا بالتطورات الاخيرة في
سوريا، حيث يتم التعامل مع الاحداث بواقعية، وتتم النقاشات بعيدا عن المواقف الجامدة.
ووفق المعلومات، تم تشكيل لجنة تضم بعض الضباط المتقاعدين، وعددًا من المستشارين، وشخصيات مقربة من حزب الله، لوضع مسوّدة او تصور لاستراتيجية الدفاع الوطني، على ان تكون جاهزة للنقاش مع اطراف اخرى عندما تصبح الاجواء الداخلية مهيئة لبحث ملف السلاح على المستوى الوطني.
وكتبت" الاخبار": لا تحمل زيارة توم برّاك للبنان أي طابع وساطي، بل تنطوي على إرادة قسرية ناعمة. فالدبلوماسية هنا ليست فعلاً تفاوضياً، بل تشكّل امتداداً لعمل القوة بأدوات غير عسكرية، إذ لا ينظر المبعوث الأميركي إلى الواقع اللبناني ككيان مستقل، بل كحيّز خاضع ينبغي إعادة ترتيبه بعد عجز القوة
الإسرائيلية عن فرض شروطها المباشرة.
من هنا، لا يمكن قراءة خطابه الموجّه إلى الدولة
اللبنانية خارج محاولات قلب معادلة الصراع: فحيث تتجلّى
المقاومة كأداة للدفاع الوطني، يسعى الخطاب الأميركي إلى تأطيرها كأزمة داخلية تعرقل السيادة. وبذلك، تتحوّل مفاهيم مثل «حصرية السلاح بيد الدولة» إلى شعارات تُستخدم لتفريغ الدولة من أي قدرة فعلية على الدفاع، وتحويلها إلى وكيل سياسي لمعادلات تُصاغ خارج حدودها.
و«السلام» الذي يروّج له برّاك لا يمتّ بصلة إلى السلام كقيمة فلسفية أو كغاية إنسانية عادلة، بل هو أداة من أدوات الهيمنة المقنّعة، وسلام مشروط بنزع أدوات التوازن، وإعادة تعريف الفاعلين السياسيين باستبعاد من له قدرة على التأثير خارج حدود التبعية.
بهذا المعنى، لا يزور برّاك لبنان، بل يأتي مُحمّلاً بأدوات الضغط و«الإقناع» القسري، مغلّفة بابتسامات مدروسة وعبارات منمّقة تخدم أهدافاً واضحة.
أما الخطاب الذي يتحدّث عن التهدئة ومواكبة «عملية التغيير الأميركي» في المنطقة، فلا يحمل سوى مشروع لتجريد لبنان من أبسط مقوّمات الدفاع، وجعله عرضةً للرياح الإقليمية والمتغيّرات الدولية، في لحظة سياسية تقرّر إسرائيل توقيتها واتجاهها.
من جهة أخرى، يمكن إدراج خطاب المبعوث الأميركي ضمن إطار نظرية «إنتاج المعنى السياسي للصراع». فالهدف لم يعد يقتصر على تطويق المقاومة، بل تعدّاه إلى إعادة تعريف دلالاتها: فبدل أن تكون عنواناً للدفاع عن الوجود والمصير والمستقبل، تُصاغ في الخطاب الدبلوماسي الأميركي كعامل تهديد للنظام والاستقرار، وكأنّ المشكلة ليست في الاحتلال المستمر، بل في من يقاومه.
ما يفعله برّاك اليوم هو إحياء لمنطقٍ اختبرناه مراراً في كل مرحلة أعقبت حرباً غير محسومة: إذا لم تُفرض النتائج بالسلاح، تُفرض بالدبلوماسية، بالعقوبات، وبالخطاب الأخلاقي المزيّف.
ومن هنا تنبع خطورة المرحلة. فالمطلوب لا يقتصر على تحييد المقاومة عسكرياً، بل يتجاوزه إلى تفكيكها نفسياً ورمزياً داخل بيئتها الوطنية، وتقديمها كعبء بما يحرّض عليها بيئتها، ويُبنى كل ذلك ضمن سردية سياسية وإعلامية متكاملة.