فشل جلسة الحكومة المرتقبة غدا في إطلاق آلية عملية لسحب سلاح الحزب، وهو أمر مرجح في ضوء المعطيات السياسية الحالية، ستكون له تداعيات مباشرة على الداخل اللبناني، وخصوصًا على العلاقة بين رئيس الجمهورية
جوزاف عون وحزب "
القوات اللبنانية".
فـ"القوات"، التي وضعت ملف السلاح في صلب خطابها السياسي منذ سنوات، ستعتبر هذا الفشل بمثابة إثبات جديد على العجز عن مقاربة القضية الأكثر حساسية في الحياة السياسية
اللبنانية، وستستثمره لتعزيز حملتها غير المباشرة ضد الرئيس ، معتبرة أنه فقد القدرة على التعامل مع ملفات سيادية أساسية.
ورغم أن الخطاب العلني لـ"القوات" سيتركز على البعد الوطني والسيادي، إلا أن الهدف الفعلي يتجاوز ذلك بكثير، إذ ترى أن إضعاف الرئيس في هذا الملف سيحول دون تمكنه من الاستثمار سياسيًا في الشارع المسيحي قبل الانتخابات النيابية المقبلة. ف"القوات" تدرك أن أي محاولة من الرئيس لزيادة شعبيته بين
المسيحيين تحتاج إلى أوراق قوية، وأن ملف السلاح يمكن أن يتحول إلى سلاح سياسي بحد ذاته لإفقاده أي فرصة للحصول على الزخم الشعبي.
في المقابل، يبدو أن الرئيس ليس في وارد الدخول في مواجهة مباشرة مع "القوات"، بل يميل إلى الحفاظ على علاقة مستقرة معه، وهو ما سيفسره خصومه على أنه تنازل أو مسايرة. هذا الخيار سيمنح "القوات" فرصة إضافية لتصوير ان عهده انشغل بالتفاصيل السياسية بدل البحث عن الحلول الجذرية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، يشتد التنافس بين الفرقاء
المسيحيين على زعامة الساحة
المسيحية. "القوات" تسعى إلى تكريس نفسها كقوة سياسية وحيدة قادرة على التصدي لـ"الحزب"، فيما يحاول الرئيس الحفاظ على صورة رجل الدولة الذي يوازن بين الاستقرار الداخلي والحفاظ على أوراق الضغط.
لكن في ظل الانقسام السياسي الحاد، يبدو أن أي إخفاق حكومي في الملفات الكبرى، وعلى رأسها ملف السلاح، سيتحول إلى مادة سجالية تُستثمر بشكل مكثف في الحملات
الانتخابية.
ومن المرجح أن يشهد الشارع المسيحي في المرحلة المقبلة تصعيدًا غير مسبوق في الخطاب، حيث ستضاعف "القوات اللبنانية" تحركاتها الإعلامية والسياسية ضد "الحزب"، مستغلة فشل الجلسة لإثبات أن
العهد لم يحقق أي إنجاز في
القضايا المصيرية. في المقابل، قد يحاول الرئيس التعويض عبر إنجازات في ملفات أخرى، لكن تأثيرها سيبقى محدودًا أمام قوة ورمزية ملف السلاح. وبهذا، فإن فشل الجلسة قد يتحول إلى نقطة مفصلية تزيد من حدة المواجهة، وتفتح الباب أمام مرحلة أكثر سخونة سياسيًا وانتخابيًا في
لبنان.