لم تكن ساعات يوم أمس الثلاثاء عادية بالنسبة للكثيرين في لبنان، وذلك قبيل انعقاد جلسة الحكومة التي تم خلالها إقرار بند "حصرية السلاح بيد الدولة".
مواطنون كُثر "بدلوا خططهم" اليومية بانتظار نتيجة الجلسة، وذلك خوفاً من حصول تحركات واضطرابات أمنية. بسبب ذلك، أرجأ كثيرون زياراتهم إلى
بيروت بسبب مخاوف من قطع طرقات، بينما بادرَ آخرون إلى مغادرة العاصمة باكراً تجنباً للاصطدام بأي حدثٍ أمني يُربك الأجواء هناك.
فعلياً، سادت حالة من الهلع في أوساط الكثيرين.. الأمرُ هذا أعرب عنه المواطن محمد حجازي الذي خرج من بيروت مسرعاً عند الساعة الـ5 من مساء الثلاثاء آملاً ألا تُغلق الطرقات أمامه بعدما قيلَ إن تحركات لمناصري "
حزب الله" ستُقام على طريق
المطار وغيرها.
في حديثٍ عبر
"لبنان24"، يقول
حمية إنَّ ساعات الثلاثاء كانت حاسمة، ومن الطبيعي أن يشعر المواطنون بحالة من الإرتياب إزاء ما قد يحصل، وأضاف: "ملف حصر السلاح بيد الدولة ليس قراراً عادياً ومن شأنه أن يضعَ البلاد أمام مرحلة جديدة لا تخلو من الخطورة. وعليه، يتخذ المواطن إجراءات بديهية لتلافي أي خطر، والأمر هذا ينعكس على سلوكياته الآن خوفاً من حصول أي طارئ".
لحظة إعلان القرار "حاسمة"
في أحد مقاهي مدينة صيدا، تجمهر كثيرون داخل مقهى. كانت أغنية "كيفك عَ فراقي" لفضل شاكر هي الطاغية على مسامع الحاضرين. وفجأة، قرابة الساعة الـ8.30، انقلب المشهد الغنائي إلى "إخباري".. أحد الماكثين في المقهى صرخ للنادل: "خلصت الجلسة.. ولعانة شكلها.. علّي صوت التلفزيون لنسمع رئيس الحكومة".
في تلك اللحظات، ساد الصمت أرجاء المقهى.. الجميع انتظر ما سيعلنه
رئيس مجلس الوزراء نواف سلام عقب انتهاء جلسة استمرت لنحو 4 ساعات تخللها تسريب
أخبار مختلفة معظمها لم يكن دقيقاً.
ما إن أعلن سلام "تكليف الجيش إعداد خطة لحصر السلاح حتى نهاية العام الجاري"، حتى قال أحد الحاضرين: "الله أكبر".. بالنسبة له، القرار لم يكن متوقعاً، خصوصاً أنه سبقه خطاب لأمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، فيما السيناريو المطروح أن تؤجل الحكومة قرارها وألا تتخذه، لكن ما حصل كان العكس.
لحظة إعلان القرار كانت مدوية أيضاً على مجموعة "واتسآب" تضم ناشطين من مختلف الأطراف. فجأة، تحولت المنصة إلى مساحة لتبادل خبر "إقرار بند حصرية السلاح".. بعض الناشطين "فوجئ" بالخبر، وبات يطلب من الآخرين "الاستماع للفيديو".. المسألة "غير متوقعة أبداً" بينما في الواقع هي "عادية" ومنصوص عليها في البيان الوزاري وفي
الدستور.
مقابل ذلك، كانت هناك أصوات معارضة لقرار الحكومة.. فجأة، ضجت مواقع التواصل الإجتماعي ومجموعات "الواتسآب" برسائل ومنشورات تعترض على ما صدر، وتقول إن "العبرة بالتنفيذ" و "ما من أحد يستطيع نزع سلاح
المقاومة".
اللبنانيون أسرى "الصدمة"
"مشاعر الثلاثاء" المتناقضة بين اللبنانيين تُقرأ من بوابة نفسية بحت ولها تفسيراتها. في الواقع، بات اللبناني يعطي أي أمرٍ الكثير من التوقعات، فيما يقوم بـ"ضرب الأخماس بالأسداس"، ويعيش حالة قلق مستمرة.
المُتخصص في علم النفس العيادي وسام هاشم قال لـ"لبنان24" إنَّ اللبنانيين يعيشون "صدمة تراكمية" بسبب ما شهدوه من أحداث كثيرة خلال السنوات الأخيرة انطلاقاً من انفجار 4 آب 2020، مروراً بالأزمة الاقتصادية، وصولاً إلى الحرب
الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وأضاف: "بات المواطن يعطي معظم الأحداث أكثر من حجمها، وتعودنا أن هناك أموراً سيئة ستحصل ودائماً ما نضع الإحتمالات السيئة نُصب أعيننا".
لذلك، قال هاشم إن غالبية المواطنين يسعون للتشبث بأي أمرٍ أو فعالية تجعلهم يتحملون الواقع، بما تيسّر لهم من قدرات أو محفزات يواجهون من خلالها هذا "الكوكتيل النفسي" الذي يتضمن الكثير من الخوف والغضب والتخدير... وما لا يقال.
وختم هاشم بالقول: "لهذا، فإن اللبنانيين يتأثرون بالصدمات المتتالية، وهي التي تنعكس على تصرفاتهم، ومواجهتهم للأزمات المتلاحقة، مجدية كانت أم غير مجدية".