كتب روجيه ابو فاضل في" الديار": بعد أشهر من المتابعة الحثيثة، وصل التحقيق في قضية BetArabia وشركة OSS إلى مرحلة حاسمة. القاضي طارق بو نصار، الذي تسلم هذا الملف المعقد، أثبت منذ البداية أنه عازم على فصل المسار القضائي عن أي تجاذبات سياسية، بخاصة أن القضية تحمل أبعاداً سياسية مالية حساسة تمس المال العام، وتكشف عن فساد منظم كانت تحميه
القوى السياسية. القاضي بو نصار كان قد وافق على خمسة إخلاءات سبيل بكفالات مالية مرتفعة، فيما أبقى على توقيف رولان خوري وجاد غاريوس وداني عبود، وأبقى مذكرة التوقيف ضد الهارب هشام
عيتاني. وبعد أن استأنفت
النيابة العامة قرار إخلاءات السبيل، عُرض الملف على الهيئة الاتهامية في
جبل لبنان برئاسة القاضية كارلا غنطوس، التي تنحت عن متابعته بسبب وجود قرابة مع أحد الأسماء الواردة فيه، لينتقل الملف إلى القاضية وفاء تيماني وعضوي الهيئة القاضيين نكوزي وغصن، اللذين قررا إبقاء المتهمين قيد التوقيف، وإعادة الملف إلى القاضي بو نصار.
من أبرز
المحطات الأخيرة في التحقيق، كانت الجلسة التي حددها القاضي للاستماع إلى المتهم الفار هشام العبد، الذي كان قد غادر الأراضي
اللبنانية سابقاً. وبالرغم من أن
النيابة العامة المالية سطرت ضده بلاغ بحث وتحر، إلا أن البلاغ سقط بانقضاء مدته القانونية المحددة بثلاثين يوماً، ولم يحضر العبد إلى الجلسة المحددة له. هذا التخلف عزز القناعة بأهمية استمرار الإجراءات القضائية لضمان عدم إفلات أي متورط من المحاسبة.
الملف الذي يقع في أكثر من ألفي صفحة يحتوي على عقود ووثائق مرتبطة بكازينو
لبنان وBetArabia وOSS، إضافة إلى محاضر تحقيق أعدتها مديرية أمن الدولة، وتحقيقات مباشرة أجراها القاضي بو نصار.
ومع ختم التحقيق، أحال القاضي بو نصار الملف إلى النيابة العامة للمطالعة بالأساس، فاتحاً الطريق أمام الخطوة التالية في المحاكمة. وفي بلد اعتاد أن تطوى ملفات الفساد الكبرى تحت ضغط التدخلات السياسية، يشكل هذا التحقيق اختباراً حقيقياً لقدرة
القضاء والأجهزة الأمنية على المضي حتى النهاية، بعيداً عن المساومات والتسويات.
قضية Bet Arabia لم تعد مجرد ملف قضائي بل تحولت إلى نموذج لمعركة أوسع بين من يريد فرض دولة القانون كما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية
العماد جوزاف عون ومن يسعى لحماية منظومة المحسوبيات والصفقات. وبين أوراق التحقيق وقرارات القاضي بو نصار، وبين المتابعة الأمنية الحثيثة بقيادة اللواء لواندس، تبقى الأنظار شاخصة نحو ما ستؤول إليه المحاكمة، وما إذا كان هذا الملف سيفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المحاسبة الفعلية في لبنان.