لا تزال المواقف الاخيرة لرئيس "
التيار الوطني الحر" جبران باسيل الداعية إلى نزع سلاح "
حزب الله" وحصره بالدولة
اللبنانية، باهتمام لافت، ولا سيما أنه جاء من رئيس
تيار ارتبط على مدى سنوات بتفاهم معلن مع " الحزب".
وفي هذا الاطار كتب وجدي العريضي في"النهار": هل ما قام به باسيل يحمل طابعًا شعبيًا أم هو في إطار المناورات؟
عضو كتلة
لبنان القوي النائب أسعد درغام قال لـ"النهار": "ليس عجبًا أن تُتخذ هذه المواقف من قبل النائب جبران باسيل حول حصرية السلاح في يد الجيش اللبناني، لأن
التيار جاء من رحم المؤسسة العسكرية، ولكن لا بد من الإشارة إلى أنه حتى خلال تفاهم مار مخايل والتحالف مع "حزب الله"، كنا دائمًا ننادي بالدولة ونركز على الجيش، لكن كل الحكومات والعهود السابقة غطت سلاح "حزب الله" إلى أن اتُّخذ القرار أخيرًا في الحكومة الحالية، وتطبيق اتفاق الطائف أي حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني".
ويضيف درغام "لنكن صادقين وواقعيين، فإن الرئيس
ميشال عون سبق أن قال لـ"حزب الله" إن ثمة تحولات دولية وإقليمية وكان ضد الإسناد والمشاغلة، والأمر عينه للتيار وتحديدًا النائب باسيل، الذي أكد أن المشاغلة لن تعطي أي شيء للبنان، لذلك الموقف اليوم ينسجم مع كل ما قلناه، وبالتالي هذه المساندة جلبت الدمار والخراب والقتل لـ"حزب الله" وبيئته ولبنان، لذا علينا اليوم أن نلتف حول الدولة ومؤسساتها وتحديدًا الجيش اللبناني، وبالتالي كلام باسيل لا يحمل أي مناورات سياسية وانتخابية وسوى ذلك، بل تعبير صادق عما آلت إليه الأوضاع، ولذلك قال كلمته بكل شفافية ومصداقية ووضوح تام أنه لا سلاح خارج إطار الدولة والجيش اللبناني".
وكتب فهد سليمان الشقيران في"الشرق الاوسط": منذ أواخر التسعينات بدأ جبران باسيل طموحه السياسي نشط مع مجايليه وتسلّم مناصب متدرجة في
التيار الوطني الحر. صاهر رئيس الجمهورية السابق ميشال عون عام 1999 وبزغ نجمه بعد ذلك بفضل حظوته واقتناع رئيسه به.
ورغم خسارته الانتخابات في البترون عامي2005 و 2009 فإنه ببراغماتيته المعروفة غطى على هزائمه و درج نحو الهدف. لم يكن محظوظا بالفوز في أي انتخاب وحتى في رئاسته لـ«التيار الوطني الحر» عام 2015 انتخب بالتزكية تسبب ذلك الصعود غير المبوب ديمقراطياً في تصدع بـ «التيار الوطني الحر» حتى انشق عنه جمع من المؤثرين منهم إلياس بو صعب والان عون وآخرون.
المهندس باسيل كان من صائغي اتفاقية «مار مخايل في شباط 2006 وهي اتفاقية مربكة ومركبة وهدفها الأساسي كما في الصياغة حماية التعايش بين المسلمين والمسيحيين، وهي وثيقة لغوية، ولكن الهدف الأكبر منها ذو جانب سياسي صب من دون شك في قناة «حزب الله». كانت الوثيقة أساسية للدفع نحو القانون النسبي كما مثلت نقطة التشريع «المسيحي» للانبعاث الصاعد لـ حزب الله الذي خلت له الساحة في الداخل مع ضمور التدخل السوري ومن ثم تعبيد الطريق له للقيام بأعماله الجهنمية في الخارج وهي معروفة ومشهودة.هذه الاتفاقية اساسية نحو وصول ميشال عون للرئاسة ولتمدد نفوذ جبران باسيل في الدولة ليكون من أهم المقررين في الحكومات المتعاقبة منذ توليه أولى الوزارات عام 2008. رحلة غير قصيرة من تولي الوزارات والجدل حول النتائج والأداء الصدمة الكبرى حين فرضت عليه عقوبات من وزارة الخزانة الأميركية في إطار قانون ما غنيتسكي في تشرين الثاني 2020. اتسمت علاقاته وتياره مع الأحزاب المسيحية بالكثير من الجفاء حتى مع المسيحيين المناصرين ل حزب الله مثل تيار المردة». البعض يعيد ذلك إلى شخصيته المركبة بدليل أن الشارع في حراكه ينسى المسؤولين الآخرين ويركز عليه وكانه وزير القرية الوحيد. بعد العقوبات الأميركية صرح باسيل أكثر من مرة برأيه حول الصراع مع
إسرائيل. تصريحات لم تعجب حزب الله» انذاك، فكل تصريح يعقبه توضيح أو إعادة صياغة، أو زيارة للأمين العام. «حزب الله» لم يكن متسرعاً في المحاسبة. ولكن بعد التحول الإقليمي الكبير ثمة مواقف عديدة برزت على الساحة حول
المستقبل المنشود للبنان
رئيس مجلس النواب نبيه بري يتجه نحو بسط يد الدولة، وكذلك تيار المردة كما في تصريحات رئیسه حول السلاح، وأخيراً «التيار الوطني الحر».
بالتزامن مع زيارة
الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أعلن جبران باسيل عن انقلاب شبه كامل على الخط الذي سار عليه طوال عشرين عاماً. لقد نقض اتفاقية مار مخايل»، بل اعتبر أي سلاح خارج الدولة غير شرعي، وأن وظيفة سلاح«حزب الله» الردعية سقطت بعد مشاركته الأحادية في الحرب الأخيرة، وأن بقاء السلاح خارج سلطة الدولة بات يشكل مصدر تهديد وخطر على لبنان.
يقول بالنص: انطلاقاً من أن التعريف القانوني للدولة هو أنها تحتكر استخدام القوة للدفاع عن البلاد، فإن أي سلاح خارج الدولة غير شرعي، إلا في حال الدفاع عن النفس وتحرير الأرض وإذا أذنت به الدولة بحسب دستورها وقوانينها ، وهو ما كان قائماً منذ 1990 حتى 2025.
الخلاصة أن «توبة» جبران باسيل من اتفاقه مع «حزب الله» لن تضيف أي جديد إلى المشهد إنها براغماتية فاقعة، وقفز متأخر من السفينة والذهاب نحو خيارات معينة لأسباب انتخابية لن يغير من تاريخ التخبط السياسي الأول الذي سببته الأفكار المتعالية على الواقع. نعم ثمة رمال متحركة في الإقليم لن يصدها تراجع أو بيان..
المرحلة بحاجة إلى رجالات دولة يتهجون نحو الخيارات الصعبة المؤثرة في حينها وفي أوانها، أما إعلان البطولات بعد هزيمة الحليف أو موته فهو أقرب إلى التوبة منه إلى الشجاعة».