Advertisement

لبنان

"خوش اماديد"...لاريجاني ابتسم انت في السراي

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
15-08-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1404884-638908393176025803.jpg
Doc-P-1404884-638908393176025803.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger

لم يكن الاستقبال الشعبي في مطار رفيق الحريري الدولي ولا أمام السفارة الإيرانية في بيروت للأمين العام لمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني عفويًا على الاطلاق. بل قصد "حزب الله" من خلال هذا الاستقبال، الذي هتف فيه المستقبلون بالفارسية "خوش اماديد"، أي أهلًا وسهلًا باللغة العربية، إظهار مدى تعّلق بيئة "المقاومة الإسلامية" بالنظام الإيراني، ومدى ما تعلّقه هذه البيئة من آمال على التدّخل الإيراني للحؤول دون تنفيذ قرار مجلس الوزراء، أو على الأقل إيجاد مخرج لائق لهذا الملف الشديد التعقيد بما يحفظ وجه "الحزب"، ولا يضرب بالتالي هيبة الدولة وصدقيتها أمام اللبنانيين أولًا وأمام المجتمع الدولي ثانيًا.
Advertisement

ووفق ما تناهى من معلومات فإن زيارة لاريجاني في هذا التوقيت الحسّاس والدقيق تهدف إلى الإمساك بالعصا اللبنانية من النصف، خصوصًا أن أي دعسة ناقصة من قِبل السلطات الإيرانية قد تدفع الأمور إلى المزيد من التعقيد. وما حاول الزائر الإيراني الإيحاء به خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين هو أن طهران مع أي حلّ يؤّمن حماية كافية للبنان واللبنانيين من خلال معالجة سبب المشكلة الرئيسية، وهي الاحتلال الإسرائيلي، بدلًا من معالجة النتيجة، وهي طبيعية بالنسبة إلى وضعية "المقاومة الإسلامية".

فالزائر الايراني، الذي أطربه سماع اللبنانيين، الذين استقبلوه على مدخل المطار وأمام السفارة الإيرانية، يرّحبون به باللغة الفارسية، نقل إلى المسؤولين اللبنانيين، الذين التقاهم، باستثناء وزير الخارجية يوسف الرجي، الذي تعذّر اللقاء به لـ "ضيق الوقت"، ما حمّلته إياه السلطات في طهران من رسائل تفاوت مضمونها بين التهدئة من جهة، والتحفظ والرفض من جهة أخرى. فقرار الحكومة اللبنانية بالنسبة إلى المسؤولين الإيرانيين لا يمكن أن يمرّ من دون إدخال بعض التعديلات عليه، وهذا ما سبق أن نصحت به حركة "أمل"، وذلك لكي يتلاءم تطبيقه مع خصوصية "حزب الله"، وهو من بين المكّونات الأساسية في البلد، مع وضعية الدولة، التي تسعى إلى التوازي بين ما يمكنها أن تقوم به من اتصالات خارجية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من آخر شبر من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبين حصرية السلاح في يد الدولة وقواها الشرعية.

فالإيرانيون، ومعهم شريحة واسعة من اللبنانيين، يرون أن تجريد "حزب الله" من سلاحه هو تخّل صريح وواضح من قِبل الدولة اللبنانية عن أهمّ عنصر قوة لديها، وهي تقدّم بذلك خدمة غير مسبوقة لإسرائيل، التي لديها أطماع تاريخية بلبنان والمنطقة، حربًا أو سلمًا.

أمّا المسؤولون عن السلطة التنفيذية، ومعهم شريحة واسعة من اللبنانيين المنتمين إلى أغلبية الطوائف في لبنان فيعتبرون أن حصر السلاح بيد الدولة هو المدخل الوحيد للضغط على المجتمع الدولي، وفي طليعته الولايات المتحدة الأميركية، لإجبار إسرائيل على الالتزام الكلي باتفاق وقف إطلاق النار، ومن ثم الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق الاسرى، على أن تليها في مرحلة لاحقة عملية إعادة الاعمار من خلال المساعدات العربية والدولية.

أمّا إذا بقي "حزب الله" مصرًّا على إبقاء السلاح في يده، ويعارض بأشكال عدّة تنفيذ قرار مجلس الوزراء، والاستمرار في سياسة غضّ الطرف عمّا يحصل في المنطقة من متغيّرات سريعة، وتوجيه الرسائل السياسية والأمنية، حينًا عبر "الموتوسيكلات" الجوّالة، أو عبر المواقف التصعيدية الصادرة عن أكثر من مسؤول في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي طهران، فإن إسرائيل "المرتاحة" على وضعها ستبقى قابعة في التلال الخمس المحتلة، من دون أن تُرشَق حتى بقمر ورد، وستتابع سياسة خرق اتفاق وقف النار عبر اعتداءاتها اليومية، التي تطال مسؤولين في "حزب الله" وفي حركة "حماس" على وسع المناطق اللبنانية، سواء جنوب الليطاني أو شماله، وصولًا إلى البقاع.

لاريجاني قال ما عنده وما قاله في تصريحاته المتنقلة بين "عين التينة" وأمام ضريح الأمين العام السابق لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله يحمل في طياته الكثير من المواقف، التي تبدو للناظر إليها بسطحية متناقضة المضمون، فيما الحقيقة أن الرجل أراد من خلال زيارته لبيروت تصويب البوصلة وتصحيح المسار، ولكن ما قيل له سواء في القصر الجمهوري أو في السراي الحكومي جعل من مهمته شبه مستحيلة، التي تمظهرت من خلال إقناع المسؤولين بتأجيل التنفيذ حتى يأتي القرار اللبناني مبنيًا على شبه اجماع وطني.

من جهته كان الرئيس عون واضحًا في ما طرحه أمام لاريجاني حين قال له إن لبنان أي تدخل في شؤونه الداخلية من أي جهة أتى وبعدما دفع الجميع غالباً للاستقواء بالخارج على اللبناني الآخر في الداخل، فإن الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن أمن جميع اللبنانيين من دول أي استثناء".

إلاّ أن مشهدية تشابك الأيدي في السراي بين رئيس الحكومي ولاريجاني اختصرت ما قيل وما سيقال عن هذه الزيارة، وكاد أن يقال له "خوش أماديد".
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas