في ظل النقاشات الجارية حول مشاركة المغتربين في الانتخابات النيابية، تصاعدت المطالب بتطبيق قانون الانتخاب الحالي من دون أي تعديل في ما يخص المقاعد الستة المخصصة لغير المقيمين، مقابل الدعوات لإلغاء هذه
القاعدة تماما ومنح الناخب غير المقيم حق التصويت وفق مكان قيده كما كان معمولاً به في انتخابات 2022. وتأتي هذه المناقشات وسط إدراك متزايد بأن القانون الحالي لن يشهد تعديلاً، وأن تكافؤ الفرص في الانتخابات المخصصة للمغتربين لا يزال محل جدل.
يعكس هذا
النقاش هشاشة التوازن السياسي الراهن، ويدفع الأطراف السياسية، لا سيما
الثنائي الشيعي وحزب الله، إلى تقييم المخاطر بعناية. ويعد
حزب الله الأكثر حساسية تجاه هذه المخاطر، نظراً لما يواجهه منذ أيلول الماضي، سواء على صعيد الحرب
الإسرائيلية التي لا تزال مستمرة على
لبنان رغم اتفاق وقف النار، أو ملف حصرية السلاح، فضلاً عن محاولات التأثير على الرأي العام الشيعي ضده.
وفق المعلومات المتوفرة، بعد انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام، اقترح عدد من النواب على دبلوماسيين وموفدين عرب وغربيين إجراء انتخابات نيابية مبكرة لمواكبة المجلس الجديد مع
العهد الجديد. غير أن الردود التي تلقوها كانت مفاجئة، حيث أفاد هؤلاء الدبلوماسيون بأن نتائج الانتخابات المبكرة قد تصب في مصلحة حزب الله وحركة أمل، مما يضمن الحفاظ على عدد نوابهما في
البرلمان.
في المقابل، يعتبر الانتظار حتى موعد الانتخابات المحدد في أيار 2026 خطوة أكثر حساسية بالنسبة لحزب الله، نظرا إلى أن قاعدته الشعبية قد تبدأ بالتململ منه جراء تأخر إعادة الإعمار والتعويضات، ما قد ينعكس سلباً على قوته السياسية. وتشير بعض التقديرات الدبلوماسية والسياسية في لبنان إلى أن الثنائي الشيعي قد يخسر ما لا يقل عن ستة نواب، في ظل توجه دولي لإنهاء نفوذ حزب الله سياسيًا وليس عسكريًا فقط.
وعليه، تزداد الجهود المحلية والدولية لتطويق حزب الله سياسيًا وشعبيًا. يشمل ذلك الضغط لتقييد نفوذ الحزب من خلال مراقبة عمل شبكاته الاجتماعية والتنموية والتربوية. كما يتركز الجهد على ضرب مصادر قوته المالية والاقتصادية لإضعاف حضوره الشعبي، ومحاولة تعديل قواعد التصويت للمغتربين بما يقلل من حظوظه في البرلمان.
وكان أشار موقع "ناشونال إنترست" إلى أن "حزب الله، رغم تكبده خسائر عسكرية كبيرة، لا يزال يحافظ على موطئ قدم سياسي. ويعتمد في المناطق الريفية والفقراء على شبكات جماعية مثل "جهاد البناء" للتنمية، و"المنظمة الصحية الإسلامية"، و"كشافة الإمام المهدي" لضمان استمرار ولائه الشعبي، من خلال تقديم خدمات التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية".
ووفق تحليل الأوساط الدبلوماسية، إذا لم يظهر انقسام سياسي داخل بيئة حزب الله مطلع العام المقبل، فقد يتم الدفع نحو تأجيل الانتخابات النيابية، وفي هذه الحالة، يصبح المجلس الجديد قادراً على انتخاب رئيس جديد في العام 2031، نظراً لأن الانتخابات المقررة في أيار 2026 لن تؤهل المجلس لانتخاب رئيس الجمهورية، إذ أن ولاية الرئيس الحالي ستستمر ست سنوات منذ 2025، بينما مدة المجلس الجديد أربع سنوات.