Advertisement

لبنان

تصعيد إسرائيلي متجدّد جنوب لبنان.. أي رسائل إلى الدولة قبل "حزب الله"؟!

Lebanon 24
15-08-2025 | 08:00
A-
A+
Doc-P-1405022-638908623904486806.jpeg
Doc-P-1405022-638908623904486806.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
 
لم يكد الجنوب اللبناني يلتقط أنفاسه بعد هدوء نسبيّ، إن جاز التعبير، خلال الأيام الماضية، وإن لم يكن كاملاً، حتى عاد التصعيد الإسرائيلي إلى ذروته ليل الخميس-الجمعة، ليعيد معه الأجواء المتوترة، على وقع غارات مركّزة استهدفت أهدافًا متفرّقة، بينها بنى تحتية تزعم تل أبيب أنّها تابعة لـ"حزب الله"، ومسارات تحت الأرض، إضافة إلى استهداف دراجة نارية في بلدة عيترون، في سياق عمليات الاغتيال التي لم تتوقف يومًا منذ اتفاق وقف إطلاق النار.
Advertisement
 
وجاء هذا التصعيد مترافقًا مع تصريح لافت لقائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، رافي ميلو، أكّد فيه استعداد جيشه لاستخدام القوّة لتفكيك سلاح الحزب إذا لم تُفضِ الجهود الدبلوماسية إلى تسوية تضمن إبعاده عن الحدود وتطبيق القرار 1701. واعتبر ميلو أنّ القدرات اللوجستية للدولة اللبنانية على مستوى جمع السلاح وسحبه "محدودة"، مع إقراره في الوقت نفسه بأنّ قدرات الحزب في مجال إعادة التسلّح "تراجعت بشكل واضح".
 
ولأنّ التصعيد الإسرائيلي يأتي على وقع اشتباك داخليّ حول سلاح "حزب الله"، يكاد يطيح بالحكومة، التي تبدو وكأنّها أخذت "إجازة" حتى نهاية الشهر، الموعد المقرّر لإنجاز تقرير قيادة الجيش حول الآليات التنفيذية الممكنة لحصر السلاح، وبعد زيارة المسؤول الإيراني علي لاريجاني الذي سمع في لبنان مواقف "رافضة" لأيّ تدخّل من بلاده في الشؤون اللبنانية، يصبح السؤال ملحًا: أيّ رسائل توجّهها إسرائيل من خلال هذا التصعيد إلى الدولة قبل "حزب الله"؟
 
رسائل ميدانية إسرائيلية
 
صحيح أنّ الغارات الأخيرة على جنوب لبنان لا تبدو معزولة عن سياق تصعيدي متدرّج تشهده الجبهة الجنوبية منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تواصلت بعده الخروقات بوتيرة شبه يومية، لكن الصحيح أيضًا أنّه يمكن قراءتها من زوايا جديدة. الأولى، من حيث تركيزها على أهداف تعتبرها إسرائيل جزءًا من شبكة لوجستية وعسكرية للحزب قرب الحدود. والثانية، من حيث السياق السياسي الذي تأتي فيه، على وقع الاشتباك الداخلي حول السلاح.
 
بهذا المعنى، يمكن القول إنّ تصريح قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أضاف بعدًا سياسيًا واضحًا إلى هذه الضربات، إذ لم يكتفِ بالتأكيد على الجاهزية العسكرية، بل حدّد هدفًا استراتيجيًا: تفكيك سلاح الحزب بالقوة إذا تعذّر التوصل إلى تسوية. ويعكس هذا الموقف تحوّلًا في المقاربة الإسرائيلية من سياسة الردع فقط إلى سياسة الضغط المباشر، وهو ما يضع لبنان أمام تهديد مفتوح على احتمالات تتجاوز مجرد تبادل الرسائل النارية.
 
وهنا، تبرز علامات استفهام حول الرسائل التي توجهها إسرائيل إلى الدولة اللبنانية من وراء ما يجري، بما ينسجم مع ما نقله الموفد الأميركي توم براك للمسؤولين اللبنانيين قبل فترة، عن عدم قدرته على تقديم "ضمانات" بوقف إسرائيل لاعتداءاتها، ورفضها حتى الدخول في "هدنة" لإتمام المفاوضات حول السلاح. وهو ما يدفع كثيرين للاعتقاد بأنّ إسرائيل تريد إبقاء زمام المبادرة بيدها، حتى في حال تسليم السلاح، انسجامًا مع مخططها الجديد للمنطقة.
 
ماذا عن موقف الدولة اللبنانية؟
 
انطلاقًا مما سبق، ثمّة من يرى أنّ التصعيد الإسرائيلي المستجدّ يضع الدولة اللبنانية في موقف حرج، ففيما تبذل الحكومة جهودًا لإظهار التزامها بالقرارات الدولية وضبط الوضع الميداني، وتذهب إلى حدّ "تحدّي" أحد مكوّناتها الأساسية، أي "حزب الله"، عبر المضيّ بقرار سحب السلاح رغم الاعتراضات والاحتجاجات التي شملت جميع الوزراء الشيعة، تأتي إسرائيل لتؤكد استمرار خروقاتها وانتهاكاتها بلا اكتراث بما يجري داخليًا.
 
ويقول العارفون إنّ الغارات الإسرائيلية المتكرّرة على أكثر من منطقة لبنانية تمثل اختبارًا قاسيًا للجهود التي تبذلها الدولة اللبنانية، خصوصًا أنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون كان قد تحدّث عن "تعديلات جوهرية" على الورقة الأميركية، تشمل وقف الاعتداءات الإسرائيلية وتحرير الأسرى بالتوازي مع سحب السلاح، وليس بعده، وهو ما لا يبدو أنّ إسرائيل في وارد القبول به، بدليل التصعيد الذي تقدم عليه في هذا التوقيت.
 
لكن، بعيدًا عن البعد الميداني المباشر، ثمّة من يقرأ التصعيد الإسرائيلي كجزء من لعبة أكبر تستهدف إعادة صياغة قواعد الاشتباك السياسي والأمني في لبنان. فتل أبيب، التي تدرك حساسية اللحظة الداخلية، قد تجد في الضغط الميداني وسيلة لدفع الدولة نحو خيارات أكثر انسجامًا مع أولوياتها الأمنية، بما يكرّس منطقها القائل إنّ أي تفاوض أو تسوية لا يمكن أن يتمّا إلا وفق الشروط الإسرائيلية، وأنّ التنازلات الجزئية لن تكون كافية لوقف الاستهدافات.
 
بين التصعيد العسكري على الأرض والتجاذبات السياسية والدبلوماسية، يجد لبنان نفسه أمام مرحلة دقيقة تتقاطع فيها الضغوط الإسرائيلية مع تحديات داخلية وإقليمية متشابكة. وإذا كانت الدولة تبذل جهدها من أجل الحفاظ على هامش من الاستقرار، فإنّ الأيام المقبلة ستكون بمثابة امتحان حاسم لقدرتها على التوفيق بين حماية السيادة وامتصاص الصدمات الخارجية، خصوصًا مع بدء العدّ العكسي لنهاية شهر آب واستحقاقاته.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك