Advertisement

لبنان

لبنان أمام 3 سيناريوهات قبل ولوج طريق العودة إلى الدولة

Lebanon 24
16-08-2025 | 23:16
A-
A+
Doc-P-1405569-638910086150130593.jpg
Doc-P-1405569-638910086150130593.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب الدكتور ناصيف حتي في" الشرق الاوسط": يزداد التوتر في لبنان وتزداد معه السخونة السياسية غداة قرار الحكومة اللبنانية بحصرية السلاح في يد السلطة اللبنانية. يحصل ذلك في ظل مناخ إقليمي، وبالأخص في الجوار اللبناني المباشر، يزداد سخونة مع احتمالات تصعيد مفتوحة، كما يدل على ذلك الخطاب السياسي الإسرائيلي وبالطبع الأعمال العسكرية والقمعية على الأرض في غزة والضفة الغربية. الأمر الذي يترك تأثيراً، ولو غير مباشر، على الأوضاع في لبنان طالما أن لبنان كان دائماً أسيراً لجغرافيته السياسية.
Advertisement

قرار السلطة اللبنانية (رئاسة وحكومة) يشكل خطوة أساسية أو بالأحرى الخطوة الأساسية نحو إعادة تفعيل وتعزيز منطق الدولة على حساب منطق ما نسميه «سلطة الأمر الواقع» في ظل فيدرالية الطائفيات السياسية المتحكمة بالواقع السياسي في لبنان.

حصرية السلاح ومعه بالطبع حصرية قرار الحرب والسلم بيد السلطة اللبنانية يشكل الشرط الأساسي للعودة إلى تكريس منطق الدولة. المنطق الغائب أو المغيب منذ خمسة عقود ونصف العقد تقريباً من الزمن، ولو بدرجات وأشكال متعددة أحياناً، والذي صادرته أطراف مختلفة لبنانية وأخرى خارجية بشكل مباشر أو بواسطة حلفائها اللبنانيين في مراحل وأوقات مختلفة، وتحت عناوين متعددة. اتفاق الطائف، مستفيداً من دروس وعبر الحروب السابقة الذي جاء ليؤسس لمرحلة جديدة مختلفة في لبنان، أكد ضرورة بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. وللتذكير فإن السيادة ليست أمراً انتقائياً بالنسبة لدور الدولة في مجالات دون غيرها، وليست مسألة نسبية في الجغرافيا الوطنية تتشارك بها الدولة مع قوى أمر واقع أياً كان حجم تمثيل هذه القوى أو العناوين العقائدية والسياسية والاستراتيجية التي تحملها.

وللتذكير، ما قبل التحرير الذي تم في أيار 2000، كانت المقاومة المسلحة أمراً طبيعياً وتحظى بشرعية ودعم وطني واسع وقوي. حرب 2006 التي قامت بها إسرائيل حرباً تدميرية؛ كانت رداً على عملية «الوعد الصادق» التي قامت على خطف الجنود الإسرائيليين من قِبَل «حزب الله» التي اعترف الحزب لاحقاً، عندما قال على لسان أمينه العام: «لو كنت أعلم بأن العملية جاءت بعدما تغيرت (قواعد اللعبة) أو قواعد الانخراط القتالي بعد التحرير عما كانت عليه من قبل. وبالتالي وفرت الحجة المطلوبة لإسرائيل للقيام بحربها التدميرية».

حرب الإسناد لـ«حماس» أو حرب وحدة الساحات التي بدأها الحزب في عام 2023، أياً كانت درجتها المحدودة في البداية، وفرت أيضاً الحجة لإسرائيل لحرب التدمير الكبيرة ضد لبنان: الحرب المستمرة من طرف إسرائيل والقابلة للتصعيد، بعد «اتفاق وقف الأعمال العدائية» في تشرين الثاني الماضي، من حيث قوة النيران أو التوسع بالأهداف التي تعتبرها إسرائيل «استراتيجية».

ورغم الموقف المبدئي والتضامني العربي والإنساني تجاه غزة، فلم يكن على لبنان أن يجر إلى هذه الحرب التي تخدم أهدافاً استراتيجية على المستوى الإقليمي، دفع ويدفع ثمنها الشعب اللبناني في «حروب الآخرين».

التأزم الحاصل والوضع المفتوح على احتمالات تصعيد مختلفة بعد رفض «حزب الله» الحاسم والحاد من حيث لغته لقرار الحكومة بحصرية السلاح، واستناده إلى موقف «الثنائي الشيعي» في هذا الخصوص، مع اختلاف اللهجة، وكذلك الرؤية بين الطرفين: «حزب الله» و«حركة أمل»، والتصعيد الكلامي الحامل لكل أنواع التهديدات من طرف الحزب، يضع لبنان أمام سيناريوهات يمكن إدراجها كما يلي:
أولاً: الانزلاق نحو حرب أهلية كما يتخوف البعض ويخوف البعض الآخر بها، وهو أمر مستبعد في تقديري، ولو حصلت بعض المناوشات على الأرض فيما لو استمر التصعيد على ما هو عليه، لأن لا أحد من الأطراف السياسية اللبنانية له مصلحة في ذلك، ولا القدرة على الدخول في نفق هذه الحرب التي لا يدرك أحد كيفية الخروج منها إذا ما حصلت، فهي بالتالي، وفي تقديري، مستبعدة، بناءً على دروس الماضي، خصوصاً أن الجميع سيكون خاسراً في هذه الحرب.

ثانياً: أزمة سياسية تقوم على استقالة وزراء «الثنائي الشيعي» من الحكومة، فتفقد هذه الأخيرة ميثاقيتها حسب رأي «الثنائي» أو تهتز ميثاقيتها كما يرى آخرون دون أن تخسر هذه الميثاقية حسب رأي آخر. لكن يخفض ذلك بالطبع بقوة من القدرة السياسية والعملية أيضاً على تنفيذ قرار حصرية السلاح. فيدخل البلد في أزمة مفتوحة تواكبها دون شك محاولات احتواء وتهدئة والبحث عن «تسوية ممكنة» تحفظ ماء الوجه للجميع للعودة إلى التفاوض حول تنفيذ قرار الحكومة الذي لا رجوع عنه، كما هو واضح من موقف الأخيرة والدعم الداخلي والخارجي الذي تحظى به.

ثالثاً: الدخول في حوار ضمن الحكومة وعبرها، يسميه أهل الحكم «تنفيذياً» فيما يسميه الثنائي الشيعي «مبدئياً» بتسهيل من «دول صديقة ومعنية» تقدم بعض الضمانات لمن يبحث عنها، لمنع حصول انفجار سياسي كبير، وندخل بذلك في لعبة التأجيل الحاملة أيضاً لتوترات قابلة للتصعيد والاحتواء والتخفيض في الطريق الصعب إلى الحل بشكل أو بآخر.

السيناريو الثاني أو الثالث قد يدفع في هذا السياق نحو البحث عن اتفاق «دوحة جديد» برعاية من أطراف خارجية بعضها قديم والآخر جديد، في هذا الدور تتبلور تفاهمات جديدة، ولو تغيرت أدوار ومواقع الأطراف اللبنانية المعنية، الأمر الذي قد يسهل العمل على تنفيذ قرار حصرية السلاح ضمن حزمة حلول متكاملة. وأرى أن على الدول الأجنبية الصديقة للبنان والمعنية بتوفير الاستقرار في لبنان، تلافياً للذهاب نحو العمل على بلورة اتفاق دوحة جديد لن يكون من السهل التوصل إليه مقارنة مع الماضي أو تلافياً لمزيد من التوتر في ظل انسداد الأفق نحو التفاهم، العمل على دفع إسرائيل، لما تملكه من قدرات وأوراق ضغط وتأثير في هذا الشأن، على استكمال انسحابها من النقاط الخمس والقبول بترسيم أو بتثبيت الحدود اللبنانية الإسرائيلية وفقاً لاتفاقية الهدنة لعام 1949، الأمر الذي يسهل عملية تنفيذ قرار حصرية السلاح.

خلاصة الأمر أن لبنان اليوم على مفترق طرق، والخوف يكمن في هدر مزيد من الوقت قبل التوصل إلى ولوج طريق العودة إلى الدولة من بوابة استعادتها لما هو أهم مسؤولياتها وسماتها، وهو امتلاك قرار الحرب والسلم وحصرية السلاح. هدر مزيد من الوقت يزيد من تكلفة إعادة بناء دور الدولة في مهامها الوطنية المختلفة من السياسة إلى الاقتصاد والاجتماع، الذي هو في مصلحة جميع المكونات الوطنية في لبنان. ولكن الشرط الضروري لذلك يكمن في استعادة الدولة لدورها ولمسؤولياتها الوطنية الأساسية التي أشرنا إليها.
 
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك