ترأس البطريرك الماروني الكاردينال
مار بشارة بطرس الراعي، قداس الشكر السنوي لرابطة كاريتاس اقليم الجبة وعلى نية المزارعين في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان يعاونه المطران الياس نصار المونسينيور فيكتور كيروز ، الاب ميشال عبود، الاب فادي ثابت، القيم البطريركي الخوري طوني الاغاء، مرشد الاقليم الخوري ربيع عرب والاب هادي ضو، بمشاركة وحضور وزير الزراعة نزار هاني، النائب وليم طوق ، النائب السابق رامي الفنج،
المدير العام للوزارة المهندس لويس لحود ، ورؤساء المصالح والدوائر في الوزارة ورئيس اتحاد بلديات قضاء بشري ايلي مخلوف ورؤساء بلديات الاتحاد والمخاتير، رئيس كاريتاس
لبنان الاب ميشال عبود،
نائب الرئيس وممثلين عن اقاليم
الشمال وشبيبة كاريتاس ومسؤولة جهاز الإعلام رئيسة الاتحاد الكاثوليكي العالمي في لبنان الزميلةماغي مخلوف وحشد من المؤمنين.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان: خرج الزارع ليزرع" (مر 4: 3). وقال فيها:"هذه العبارة البسيطة والعميقة تحمل أبعادًا روحيّة ووطنيّة كبيرة. فالزرع ليس مجرّد عمل يدويّ أو نشاط إقتصاديّ، بل هو فعل رجاء وإيمان بالغد، ورسالة أمانة للأرض التي ورثناها عن آبائنا لنورثها لأولادنا. والمزارع، حين يزرع حبّة القمح في التراب يؤمن بأنّ الله سيباركها، وبأنّ موسم الحصاد سيأتي رغم الصعوبات والعواصف. وهذا شأن جميع مزروعاته. الأرض لا تثمر إلّا لمن يخدمها بأمانة. فمن يعطيها تردّ له العطاء أضعافًا. والزراعة ليست مجرّد مهنة أو تبادل منفعة، بل هي عهد شراكة ومحبّة بين الإنسان والخليقة. وهي مدرسة تعلّم الإخلاص والأخلاقيّة والصدق".
أضاف: "يسعدني أن أرحبّ بكم جميعًا، وبخاصّة بالقيّمين على القطاع الزراعي وزير الزراعة الدكتور نزار هاني والمدير العام للوزارة المهندس لويس لحود وقد تابعنا منذ تشكيل الحكومة الاسلوب الراقي بالتنسيق والتعاون بينهما لمصلحة القطاع الزراعي. ونحيي مبادرة وزارة الزراعة بدعوة المزارعين للمشاركة في القداس والصلاة سنويًّا على نية هذا القطاع في كلّ عام منذ سنة ٢٠٢١ في الصرح البطريركي في بكركي وقد اتفقنا مع المدير العام على اقامة هذا القدّاس في كرسينا في الديمان تأكيدا على دور المزارعين في قضاء بشري واقضية الشمال. ونرحب بالمزارعين والعاملين في القطاع الزراعي من كل المناطق
اللبنانية. كما نرحّب بإقليم جبّة بشرّي، التابع لكاريتاس لبنان. وهم في قدّاس الشكر السنويّ على حملة المشاركة 2025، بموضوع: إيمان، إنسان، لبنان. واحيي رئيس الرابطة الاب ميشال عبود مع كل معاونيه".
وتابع: "إنجيل اليوم يروي كيف أنّ بعض الحبّ وقع على قارعة الطريق فأكلته الطيور، والبعض الآخر سقط على أرض حجرة فنبت للحال ولكنّه يبس لأنّ لا جذور له، وبعضه سقط بين الشوك فخنقته، وبعضه في الأرض الطيّبة فأثمر ثلاثين وستين ومئة. هذه الصورة تنطبق على حياتنا الروحيّة، وعلى حياتنا الوطنيّة، فالأرض الجيّدة هي القلوب المؤمنة، والضمائر النظيفة، والأيادي الأمينة. أمّا الطريق والأرض الحجرة والشوك فهي القلوب القاسية، والمصالح الضيّقة، والطموحات الأنانيّة التي تخنق خير الوطن. ليست الأرض فقط مصدر رزق، بل هي هويّة وجذور. من يتمسّك بأرضه يحافظ على وطنه. ليست الزراعة قطاعًا ثانويًّا، بل هي ركيزة من ركائز الإقتصاد الوطنيّ، وضمانة لبقاء المواطنين في قراهم وبلداتهم بدل الهجرة والنزوح. أجل الأرض تشكّل عنصرا جوهريا من الهوية الوطنية وهذا ما شكّل حافزًا للبطريركية والابرشيات والرهبانيات وابناء الكنيسة لاستثمار الاراضي في مجال الزراعة . إنّ تعاونها المستمر مع الكليات الزراعية والجمعيات والنقابات والتعاونيات تبقي المزارع في أرضه وتحدّ من النزوح والهجرة وبيع الاراضي الزراعية".
وأردف الراعي: "لذا، ندعو الدولة لدعم القطاع الزراعي، وجعله اساسيا في الاقتصاد الوطنيّ، وتحسين سبل عيش المزارعين، وتعزيز كفاءة سلاسل الانتاج الزراعي والغذائي وقدرتها التنافسيّة وتحسين التكيف مع التغيير المناخي واستدامة نظم الزراعة والغذاء والموارد الطبيعية. دعم المزارع هو دعم للوطن. فحين نهمل المزارعين، نفرغ القرى والبلدات من سكّانها، ونفقد الأمن الغذائيّ، ونضعف سيادتنا الإقتصاديّة. علينا جميعًا، دولة وشعبًا، أن نعيد للزراعة مكانتها، عبر السياسات الداعمة، والأسواق العادلة، والبنى التحتيّة، والإبتكار الزراعيّ. فيستطيع لبنان أن ينهض، إذا استثمر في أرضه وشعبه. والمزارع هو الحارس الأوّل لهذه الأرض، والضامن لثباتنا في كلّ التحديّات".
واعتبر إنّ "دعم المزارع ليس إحسانًا، بل هو حماية للهويّة الوطنيّة، ومنع لبيع الأراضي، وحفظ للجذور. المزارع هو حارس الحدود غير المرئيّة للوطن. بعمله اليوميّ يثبّت المواطنين في أراضيهم، ويحافظ على التوازن بين المدينة والريف، ويمنع النزوح الجماعيّ نحو المجهول. ولهذا، فإنّ حماية الزراعة هي حماية للبنان الرسالة، ولتنوّعه، ولمستقبله. وإنّا نتطلّع إلى دور الإنتشار اللبنانيّ، متمنّين على المنتشرين في أنحاء العالم مواكبة وزارة الزراعة لتسويق المنتوجات الزراعية النباتية والحيوانية والمونة والصناعات الغذائية، ونناشد الهيئات المانحة احتضان القطاع الزراعي للنهوض به وتأمين شبكة الامان الغذائي وتحويل النظام الزراعي والغذائي اللبناني لنظام اكثر صمودا وتنافسا. وننوه بجهود المدير العام لوزارة الزراعة وموظفي الوزارة في السنوات الاخيرة بتعريف وتسويق النبيذ اللبناني في الاسواق المحلية والخارجية ،وقد اوصلوه الى العالمية وانتشر في كل قارات العالم ، وقد تجلى ذلك بالانجاز العالمي الجديد الذي يرفع اسم لبنان على خارطة التميز الزراعي والتراثي ، اذ اعلنت المنظمة الدولية للكرمة والنبيذ خلال الشهر الماضي اعتماد مدينة زحلة "مدينة عالمية للكرمة والنبيذ" لتنضم الى تسعة مدن عالمية حازت على هذا اللقب . نبارك لوزارة الزراعة ولزحلة وللبنان. فيا أيّها المزارعون الأحبّاء، أنتم أكثر من عاملين في الأرض. أنتم حرّاس الإرث، وشهود الإيمان، وصنّاع الأمن الغذائيّ. من دونكم الأرض تُهجر، والقرى تخلو، والحقول تتحوّل إلى حجارة صامتة. دوركم ليس فقط في الزرع والحصاد، بل في تثبيت الإنسان في أرضه، ومنع نزيف الهجرة الذي يفرغ لبنان من طاقاته وشبابه".
وختم: "فلنصلّ اليوم، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل كلّ مزارع، ومن أجل أن يبارك الله كلّ بذار يزرع، وكلّ يد تتعب، وكلّ موسم يُنتظر بفرح. ولله المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
ايليا
وبعد القداس استقبل البطريرك الراعي الوزير هاني والنائب طوق والمشاركين في الذبيحة الالهية وألقى رئيس إقليم كاريتاس الجبة الدكتور إيليا إيليا كلمة قال فيها:"يَشرفُنا اليوم أن نقفَ أمام غبطةِ أبينا البطريركِ الراعي،حاملين قلوبَنا المليئةَ بالشكرِ والامتنانِ لرعايتِه القداسَ السنويّ لكاريتاسِ الجبّةِ، فوجودُكم بيننا يشكّلُ مصدرَ قوةٍ وإلهامٍ لكلِّ من يعملُ في خدمةِ الكنيسةِ والمجتمعِ، ويذكّرنا دومًا بأن رسالةَ المحبةِ والإغاثةِ التي نحملها هي امتدادٌ لروحِ المسيحِ الحاضرةِ بيننا. إنّ حكمتَكم الروحيةَ ورؤيتَكم الوطنيةَ تجعلُ من كنيستِنا قوةً حيةً تُعلّمُ وتُرشدُ، وتُبثّ فينا الثقةَ والهمةَ في أداءِ أعمالِ الرحمة".
أضاف: "وفي هذا السياقِ، نوجّهُ شكرَنا العميقَ لسيادةِ المطرانِ جوزيف نَفَّاع، ولرئيسِ كاريتاسِ لبنانِ الأبِ ميشالِ عبّود، ولكلِّ من ساهم في دعم كاريتاس الجبّةِ. كما نُثْمِنُ دورَ مرشدِنا الروحيِّ الخوري خليلِ عرب، والوكيل البطريركي الخوري طوني الآغا، على رعايتِهم المستمرةِ ودعمِهم لكلِّ الأنشطةِ، فوجود جميع الداعمين يجعلُ جهودَنا أكثرَ رسوخًا وتأثيرًا، ويُعزّزُ قدرةَ كاريتاسِ الجبّةِ على تحقيقِ أهدافِها الإنسانيةِ. كاريتاسُ الجبّةِ، المنبثقةُ من واديِ القديسين وواديِ النساك، حاضرةٌ في كلِّ مكانٍ يحتاجُ الرحمةَ والخدمةَ، وتستندُ إلى الطاقاتِ البشريةِ الرائعةِ التي تزخرُ بها،وقد قدمت مساهمات بشرية تمثلت بمدير أسبق لكاريتاس لبنان من بلدة بقرقاشا هو الاستاذ جورجُ خوري، ومضت تضاعف مساهمتها بالعمل الكاريتاسي على صعيد العالم عندما تبوأ أحد أبناء الديمان الاستاذ جوزيف فرح نيابة كاريتاس العالمية ورئاسة منطقة
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ وهي ماضية في متابعة مشاركتها الفاعلة في كاريتاس على كل المستويات".
أضاف: "لنستمرَّ جميعًا في نشرِ الرحمةِ والعطاءِ، ولنحافظ على كاريتاسِ الجبّةِ منارةً للخيرِ والخدمة، شاهدةً على قوةِ الكنيسةِ في دعمِ الإنسانِ والمجتمعِ، وباعثةً الأملَ والمحبّةَ في كلِّ من يحتاجُها. نسألُ اللهَ أن يمدَّكم بالصحةِ والعافيةِ، وأن يباركَ في حكمتِكم ورؤيتِكم، لتظلَّ كنيستُنا بقيادتِكم منارةً للخيرِ والمحبةِ في لبنانَ والعالمِ."
ورد البطريرك بكلمة حيا فيها رئيس كاريتاس الأب عبود شاكرا للدكتور إيليا كلمته مباركاً أعمال أقاليم كاريتاس ومنوها بحملة المشاركة لعام 2025 والتي حملت عنوان"ايمان، إنسان، لبنان ".
بعدها قدم البطريرك الراعي ووزير الزراعة درع وفاء من وزارة الزراعة لوالدة المونسنيور الراحل توفيق بو هدير ماغي بوهدير وشقيقه الإعلامي ماجد بوهدير، رئيس جمعية شباب الرجاء Youth of Hope التي أسسها المونسنيور الراحل وشقيقته توفيق، تقديرا لعطاءاته وهو الذي كان ملهماً ومحققاً للمشاريع الزراعية، والتعاون الخلاق مع القطاع العام بهدف تحقيق فرص العمل، النموّ، وتثبيت المزارعين في أرضهم. وهو مفهوم يبقى أمانة في إستمرارية عيشه وتطبيقه.
وكانت كلمة شكر من العائلة أكدت "وفاء المونسنيور الإستثنائي الذي أرسى في رحلة شهادته على الأرض، مفهوماً جديداً في العمل المستدام، مساهماً بإعطاء نبضٍ لا يزال حيّاً للقطاع الزراعي، من خلال زرع بذور الرجاء بأنّ الكنيسة الفاعلة، بإتحادها مع القطاع العام تساهم بإحياء الدفع المطلوب لكلّ مؤمن بقدسيّة تراب وطن الرسالة. المونسنيور توفيق بوهدير الحبيب أبداً سوف نبقى أوفياء لمحبتك المجانيّة، إسهر علينا من عليائك، مساهماً بريّ ما زرعت من رصيد الحبّ، النظافة، الرؤيويّة والبُعد الخلاّق".
بعدها عرض الوزير هاني والرئيس مخلوف للبطريرك موضوع اللقاء الذي يعقد في الاتحاد مع رؤساء البلديات والمزارعين والجولة التي سيقومون بها للاطلاع ميدانيا على أوضاع المزارعين والاستماع إلى معاناتهم إضافة إلى زيارة بيت القديس شربل وغابة الأرز الدهرية.
هاني
وبعد اللقاء قال الوزير هاني: "بداية أود مع رئيس الاتحاد أن نشكر غبطة البطريرك لتخصيصه القداس على نية الزراعة والمزارعين والإضاءة على أهمية الزراعة في لبنان وحماية المزارع وأهمية الزراعة في أمننا الغذائي وسيادتنا الغذائية وبالتالي سيادة لبنان. وان شاء الله مع اتحاد البلديات والتعاونيات الزراعية سنتمكن من تحسين الوضع الزراعي من حيث انشاء البرك الزراعية من حيث تصريف الإنتاج وترشيد استخدام المياه والأهم الاستعمال الصحيح للمبيدات الزراعية لنتمكن من تصدير التفاح والكرز الى الاسواق العربية والعالمية بعد ان نتمكن من انتاج الزراعات السليمة وأفضل انواع الثمار".
وردا على سؤال حول الأوضاع الأمنية وعدم امكانية تحقيق المشاريع الزراعية أكد انه "ما من تخوف على الوضع الأمني لأن لبنان لم يعد يحتمل وتابع :سنتوجه الى مرحلة من الاستقرار والأمان مرحلة من البحبوحة وكفانا حروبا ودمارا واعتداءات".
وشدد على أن "الحكومة ماضية في قراراتها وفي المسار الإصلاحي والانقاذي ونأمل أن تنعكس البرامج الإصلاحية قريبا على كل الشعب اللبناني بعد ان اتخذت الحكومة قرارها بحصر السلاح بيد
الدولة اللبنانية".