تلقى
لبنان أمس دعم الإدارة الأميركية على خلفية قرار حصرية السلاح والذهاب إلى تنفيذ القرار عبر خطة تعدها قيادة الجيش لعرضها على
مجلس الوزراء في نهاية الشهر الجاري. ووصف الموفد الأميركي السفير توم براك بعد محادثات مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في حضور نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس والسفيرة الأميركية ليزا جونسون، قرار الحكومة في 5 و7 آب الجاري بـ"الإنجاز". وقال: "أعتقد أننا في الأسابيع المقبلة سنرى تقدمًا في نواحٍ عدة".
وافادت معلومات "نداء الوطن" ان برّاك أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والمسؤولين الذين التقاهم أن أورتاغوس عادت لتمسك بالملف اللبناني والمسار التفاوضي مع
إسرائيل من جديد.ولا شك أن هذا الخبر، سيروق كثيرًا للخصوم الشرسين لـ "
حزب الله" وسلاحه، ولن يروق لمن هم من المدافعين الشرسين عن "حزب الله" ومحور الممانعة. القرار اتخذ وأعلنه برّاك نفسه أمام الكاميرات وقال إن أورتاغوس عادت وانضمت إلى الفريق بطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
اضافت المعلومات أن برّاك اتجه مباشرةً إلى تل أبيب فيما أورتاغوس توجهت إلى مكان قريب في المنطقة، لأنها ستعود قريبًا إلى
بيروت، وتحديدًا الأسبوع المقبل، لترافق السيناتورين
الأميركيين Lindsey Graham و Jeanne Shaheen في زيارةٍ مترقبة لهما إلى بيروت.
وشرحت مصادر مقربة من الخارجية الأميركية لـ "نداء الوطن" أن ما أشار إليه براك بالنسبة إلى خطوة إسرائيل التي تلاقي الخطوة
اللبنانية بتنفيذ خطط نزع سلاح "حزب الله"، لن تحصل إلا بعد خطوات ملموسة في عملية استعادة سيطرة
الدولة على أسلحتها. وأشارت المصادر إلى أن واشنطن تعرف تمامًا أن لبنان يقف عند مفترق طرق حساس، وأن الإدارة الأميركية منفتحة بإيجابية على قرارات الدولة اللبنانية وداعمة لها.
ولاحقًا، افادت مصادر دبلوماسية أن زيارة براك أمس هي "لتثمين الخطوة اللبنانية وحمل رسالة تطمين إلى البيئة الشيعية ولسائر اللبنانيين، أن لا خيار آخر غير النهج الذي انطلقت منه الحكومة اللبنانية". لكن المصادر لفتت إلى "أن "حزب الله" ما زال يتمسك بخيار الحرب الأهلية في حال نفذ الجيش قرار الحكومة وأنه سينقسم في حال قرر التنفيذ. في المقابل تريد إسرائيل خطوات ملموسة، فهي تعتبر قرار الحكومة سياسي وجيد على أن يذهب في اتجاه التنفيذ".
وتخوفت المصادر "من الّا يستفيد لبنان من القرار الحكومي لفك عزلته فتستمر المواجهة بين إسرائيل و"حزب الله"، إلا إذا أقدمت الحكومة على خطوات عملية.
وكتبت" الاخبار":أتت زيارة برّاك، أولاً لـ«تهنئة» السلطة على اتخاذ خطوة «مهمة»، ولإبلاغها بأن متابعة الملف ستعود إلى عهدة مورغان أورتاغوس. ورغم أن شكل الزيارة بدا «تشجيعياً» لأركان السلطة الممتثلين للأوامر، فإن جوهرها كان مرتبطاً بتطورات عدة تلت مصادقة الحكومة اللبنانية على الورقة الأميركية، أهمّها زيارة لاريجاني.
ولم تطل جولة برّاك وأورتاغوس، إذ غادرا فور انتهاء اللقاءات إلى كيان العدو للحصول على ردّ المسؤولين هناك على المذكّرة، خصوصاً أن تنصّل إسرائيل منها يمنح لبنان مبرّراً لتعليق تنفيذ القرار الحكومي.وهو ما عبّر عنه نائب رئيس الحكومة طارق متري في مقابلة مع قناة «العربي» القطرية بالقول إن «لبنان في حلّ من الالتزام بالورقة الأميركية إذا لم تلتزم إسرائيل»، مشيراً إلى أن «لبنان لم يتلقّ ضمانات حتى اليوم، وهذه الضمانات المُقرّة شرط أساسي لتنفيذ الورقة». وأكّد أن «لبنان وحزب الله ملتزمان بوقف الأعمال العدائية عكس إسرائيل»، وأن «مجلس الوزراء منح الجيش اللبناني مهلة ولم يفرض عليه جدولاً زمنياً»، مشدّداً على أن الالتزام
الإسرائيلي بوقف الأعمال العدائية ينبغي أن يسبق أي خطوة لحصر السلاح بيد الدولة.
وقالت مصادر مطّلعة إن الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، والذي وُصف بأنه الأعلى سقفاً والأخطر منذ انتهاء الحرب، أفضى إلى أثر أوّلي واضح، إذ «أربك أهل الحكم وصدم بعضهم، خصوصاً من لم يكن يعتقد أن حزب الله قادر على المضي بعيداً في الدفاع عن سلاحه». وهو ما جعل خطاب قاسم حاضراً خلال لقاءات برّاك مع الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش رودولف هيكل.
واستناداً إلى ما تسرّب عن هذه اللقاءات، بدا الموقف اللبناني «شبه موحّد»، مؤكداً على «ضرورة أن تضمن واشنطن أن تترافق أي خطوة يقوم بها لبنان مع خطوة إسرائيلية مقابلة».
وقال مصدر رسمي لـ«الأخبار» إن «عون تهيّب الموقف الشيعي الموحّد، وصُدم بالسقف المرتفع للشيخ قاسم، كما كان يظن أن الرئيس نبيه بري متمايز عن الحزب في بعض النقاط، لكنه اكتشف العكس تماماً، إضافة إلى حجم الانزعاج في عين التينة من الانقلاب الذي حصل، وهو ما أبلغه بري إلى مستشار عون أندريه رحال الأسبوع الماضي».
وبحسب المصدر نفسه، «فوجئ عون وسلام بسقف حزب الله، إذ كانا يظنّان أن الحزب سيصمت عن القرار ويضطر إلى التراجع والتنازل، خصوصاً مع التهديدات التي تصل إليه بأن الإسرائيليين سيتكفّلون بما لا تستطيع الدولة اللبنانية القيام به، لكنهما فوجئا بأنه مستعدّ للذهاب إلى أبعد مما كانا يتوقّعان في الدفاع عن السلاح».
واللافت ما نقله سياسي لبناني على تواصل مع السفارة الأميركية في بيروت، بأنّ المبعوث الأميركي وجد حلفاءه في لبنان في حالة قلق كبيرة نتيجة مواقف الشيخ قاسم، وهو ما دفعه إلى سؤال قائد الجيش اللبناني عن تقديراته للإجراءات التي قد تتخذها المؤسسة العسكرية، فكان ردّ العماد هيكل أنّ الجيش ينتظر تفاصيل من الحكومة قبل القيام بأيّ خطوة، ولا يريد أن يقوم بأيّ إجراء قد يضر بالسلم الأهلي في لبنان، وهو ما اعتُبر جواباً دبلوماسياً على الطلب الأميركي غير المباشر، بإعلان التزام الجيش بتنفيذ كل ما يصدر عن الحكومة حرفياً.
وزاد في إحراج السلطة اللبنانية، سلوك إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين، سواء من حيث المواقف السياسية الرافضة لأي تنازل في لبنان، أو من حيث الخطوات العملية على الأرض. فقد تبيّن أنّ إسرائيل، منذ صدور قرار الحكومة، قامت بتحصين إحدى نقاط الاحتلال في أطراف بلدة العديسة، ووسّعت نقطة حراسة على تخوم كفركلا، فيما كان الجواب الإسرائيلي على خطوة الحكومة جولةً لرئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير في الجنوب، إلى جانب تصاعد الاستهدافات.
وجزم المصدر بأن «برّاك لم يحمل جديداً معه»، وأن «اجتماعه في عين التينة لم يكن مختلفاً»، مع
العلم أن موقف بري منذ البداية يؤكد على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها وإيقاف الأعمال العدائية قبل أي حديث عن سحب السلاح. وكرّر بري ما قاله لقناة «العربية» قبل يوم من لقائه برّاك، موجّهاً له عتباً بأن «اتفاقاً حصل معكم في زيارتكم الأخيرة إلى بيروت، فلماذا لم يتمّ الالتزام به ووصلنا إلى ما وصلنا إليه؟».
كما سأل بري الموفد الأميركي عن الالتزام الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية إلى الحدود المُعترف بها دولياً، مؤكداً أن ذلك هو مدخل الاستقرار في لبنان، وفرصة للبدء بورشة إعادة الإعمار تمهيداً لعودة الأهالي إلى بلداتهم، بالإضافة إلى تأمين مقوّمات الدعم للجيش اللبناني.
وقالت المصادر إن الموقف الموحّد الذي سمعه المبعوث الأميركي اضطره إلى القول إن «المطلوب الآن التزام الأطراف الأخرى بمضمون ورقة الإعلان المشتركة ومزيد من دعم الجيش»، وإن «الخطوة المقبلة ستحتاج إلى مشاركة إسرائيلية وإلى خطة لإعادة إعمار كل المناطق، لا الجنوب فقط»، لافتاً إلى أن «
الولايات المتحدة لم تقدّم أي اقتراح لإسرائيل بشأن نزع سلاح حزب الله»، علماً أن كلام برّاك لم يخلُ من الخداع والتحايل، فهو عادَ وأكّد أن «موضوع السلاح شأن لبناني»، أي إنه غير مربوط بأي خطوة خارجية ولا بشروط، وعلمت «الأخبار» أن «حديثه الذي توجّه به إلى الشيعة جاء بناءً على طلب من الرئيس عون، بسبب التوتر الناجم عن شعور لدى هذا المكوّن بوجود مشروع يستهدفه».