Advertisement

لبنان

زيارة براك إلى لبنان بمشاركة أورتاغوس.. إعادة ضبط أم ضغط استراتيجي؟

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
19-08-2025 | 06:00
A-
A+
Doc-P-1406417-638911948259043136.jpg
Doc-P-1406417-638911948259043136.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
ليست المرة الأولى التي تُوجّه فيها واشنطن رسائلها إلى الداخل اللبناني من بوابة "حزب الله"، وضرورة نزع سلاحه، خصوصًا بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وبدء الوساطة الأميركية، لكنها جاءت هذه المرّة عبر مقاربة مزدوجة: ناعمة في النبرة، حاسمة في المضمون، وهو ما تشير إليه نسبيًا "الثنائية" التي مثّلها حضور توم براك ومورغان أورتاغوس جنبًا إلى جنب، وعودة الأخيرة "جزءًا من الفريق".
Advertisement
 
في الشكل، بدت الجولة هادئة ومهذّبة، حيث زار الوفد الأميركي القصر الجمهوري، عين التينة، والسراي، وأطلق مواقف بدا أنها محكمة الصياغة، تخلو من الانفعال ولا تشي بضغط مباشر. لكنه، في المضمون، أعاد تثبيت المعادلة الأميركية كما تراها الإدارة الحالية: لا استقرار مستدامًا في لبنان من دون معالجة ملف السلاح، بموجب الورقة الأميركية التي أقرّتها الحكومة اللبنانية في وقت سابق، رغم معارضة "حزب الله".
 
وفي حين كان لافتًا تجاهل براك في تصريحاته كلام الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، والمواقف المثيرة للجدل التي أطلقها في خطابه الأخير، مع تنويهه في المقابل بالخطوات الحكومية في هذا الصدد، ثمّة من يسأل عن "مغزى" هذه الزيارة في هذا التوقيت تحديدًا، علمًا أنّ بعض المعطيات أشارت إلى زيارة ثانية مرتقبة للوفد الأميركي قبل نهاية الشهر الجاري، فهل يوضع ذلك في خانة إعادة الضبط أم الضغط الاستراتيجي؟
 
عودة أورتاغوس واستمرار الضغط
 
في تصريحاته المُعلَنة، نفى براك أن تكون واشنطن تمارس سياسة التهديد، وقال بوضوح إنها لا تسعى إلى فرض نزع سلاح "حزب الله" بالقوة، بل ترى أن هذا الخيار يصب في مصلحة الطائفة الشيعية قبل سواها، وهو ما يفسّره البعض ضمنيًا على أنّه كلام موجّه ليس للحزب فقط، بل للبيئة التي تشكّل الحاضن الاجتماعي والسياسي له، باعتبار أنّ سحب السلاح يأتي في مصلحتها كما سائر اللبنانيين، وبالتالي فهو لا يشكّل استضعافًا لها.
 
بموازاة ذلك، كان لافتًا حضور مورغان أورتاغوس ضمن الوفد الأميركي، جنبًا إلى جنب براك الذي خلفها في منصبها، ولو بصورة مؤقتة. فالدبلوماسية السابقة التي سبق أن تولّت مسؤولية الملف اللبناني في الخارجية الأميركية، وأثارت الجدل مرارًا وتكرارًا بسبب مواقفها المناهضة لـ"حزب الله"، وطريقها تعاملها مع المسؤولين اللبنانيين، عادت إلى بيروت، ولكن ضمن إطار منسّق لا يبدو ارتجاليًا، بل يعبّر ربما عن مسعى واشنطن لإعادة التموضع على الساحة اللبنانية.
 
وإذا كان هناك من يقرأ خلف كلّ ذلك، معطوفًا على توقيت الزيارة غير المعزول عن السياق الإقليمي، محاولة من واشنطن للقول بأنّها لا تمارس أيّ ضغط، بل تساعد اللبنانيين على إحراز تقدّم في أكثر من مكان، فإنّ هناك من يرى أنّ واشنطن تحاول استباق التغييرات في المنطقة، في مرحلة ما بعد الحرب على غزة، عبر فرض "نقطة ارتكاز" لبنانية تحفظ لها نفوذًا وتأثيرًا في المعادلات المقبلة.
 
هل بدأت واشنطن ترتيب المسرح؟
 
تتفاوت وجهات النظر حول حقيقة الموقف الذي نقله الوفد الأميركي للمسؤولين، فبينما يركّز البعض على تصريحات براك بوصفها تأكيدًا على النوايا الحسنة، يرى آخرون أن الزيارة تؤسّس عمليًا لمسار ضغط جديد، لا يأخذ طابع المواجهة بالضرورة، علمًا أنّ التهديد بالعزلة حضر بين السطور برأي كثيرين، في حال لم تحقّق الدولة اللبنانية أهداف الورقة الأميركية، من دون تقديم ضمانات حقيقية وجدّية عن خريطة الطريق الإسرائيلية وسط كلّ ذلك.
 
في هذا السياق، ثمّة من يتحدّث عن تقدّم الطرح الأميركي الذي يقوم على قاعدة المقايضة: نزع السلاح مقابل ترتيب داخلي يضمن التمثيل والتوازن، وربما الحصول على دعم اقتصادي أو سياسي يخفّف من وطأة الأزمة. يقول البعض إنها ليست "صفقة"، لكنّها أرضية تفاوض ناعمة تحاول واشنطن أن تبنيها مع من ترى أنهم مؤهلون لعقد تفاهم لبناني شامل في المستقبل، ولو أنّه يبقى من المُستبعَد تحقيق أيّ نتيجة قبل تحقيق هدف "سحب السلاح".
 
وفي حين لم يصدر عن "حزب الله" أي رد مباشر على مضمون الزيارة، وهو الذي استبقها باتهام الحكومة بتنفيذ الإملاءات الأميركية والإسرائيلية، ثمّة من يرى أنّ الحزب الذي لطالما تعامل مع المقاربة الأميركية بوصفها عدوانية أو مشبوهة، يعتبر أنّ الضغوط التي يتعرّض لها في هذه المرحلة قد تكون الأخطر على الإطلاق، وهو يرقب التصعيد الأميركي غير المباشر بحذر شديد، خصوصًا أنّ كل المؤشرات تدلّ على "خضوع" الدولة له بشكل أو بآخر.
 
في المحصلة، لا يمكن فصل زيارة الوفد الأميركي، بشخصياته ورموزه، عن التحوّلات الجارية في الإقليم، حيث تتبلور خرائط نفوذ جديدة وتُرسَم حدود صراع غير معلنة، في ظلّ مؤشرات عن اقتراب نهاية الحرب على غزة. فـ"الثنائية" التي حضرت إلى بيروت – براك وأورتاغوس – ليست مجرّد فريق دبلوماسي، بل إشارة أميركية مزدوجة الاتجاه: إلى الداخل اللبناني بأنّ واشنطن باقية على طاولته، وإلى "حزب الله" بأنّ زمن التراخي قد يكون ولّى، وفق المنطق الأميركي على الأقلّ.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa