أدى
نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس في طريق المطار، وألقى خطبة الجمعة ، واستهلها : قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).
"الحق والباطل مفهومان متقابلان تَقابُل الاضداد لا يجتمعان كما يقول المناطقة، فلا يمكن أن يكون الشيء الواحد باطلاً وحقاً مطلقاً، والحق هو ما يثبت بالدليل والبرهان، والباطل هو ما لا يثبت أمام الدليل والبرهان، وأوله دليل الفطرة وهو ما يدركه المرء بفطرته البشرية من دون الحاجة كثبوت لاثبات وجود الانسان نفسه فلا يحتاج معه الى برهان ودليل، فإن التشكيك بوجود الانسان لنفسه بعدّ حالةً ونقصاً في الادراك لديه، هذا في الامور البسيطة التي لا تحتاج الى أكثر من أدوات المعرفة الأولية كالبصر واللمس، أما في الامور الاكثر تعقيداً وخصوصا في الامور النظرية فهي تحتاج الى البراهين والادلة العقلية.
وهو معنى قوله سبحانه وتعالى (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ).
فحين يتقابل الحق مع الباطل يتضح أن الباطل لم يكن الا وهماً سببه النقص في الادراك كالسراب (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ).
وقد عد َّالله تعالى الاعتقادات الموافقة للواقع كالاعتقاد بالآخرة وغيرها، مما يَركُن اليه الانسان من المال والجاه والولد والعشيرة من الباطل الذي لا بقاء له ومن الامور الزائلة التي لا يصحّ الركون اليها، لأنه إنما يصحّ الركون الى ما له قوة البقاء والثبات، أما ما ليس له قوة الثبات والبقاء فلا يصحّ الركون اليه، وكل شيء ما عدا الله باطل كما يقول الشاعر:
ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلٌ وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ! ( لبيد بن ربيعة).
وقيل ان رسول الله (ص) عندما سمع هذا البيت قال: "لقد كذب، إن كل نعيم زائل الا نعيم الجنة"، فتعميمه الزوال لكل نعيم وعدم استثنائه لنعيم الاخرة لم يكن صحيحاً، لأن نعيم الجنة لا زوال له وهو ما وعد الله المؤمنين به وهم اهل الحق، فما كان لما وعد الله به أن يكون باطلاً، وهو يعود الى الثابت الحقيقي والاول الذي تبتني عليه سائر الحقائق من الاصول الاعتقادية من العدل والنبوة والوحي والآخرة والحساب والعقاب التي يكون الايمان بالله تعالى، وانه الحق مرتكز كل الاعتقادات الأخرى، إذ لولا الايمان بالله تعالى وانه الحق لما كان للاعتقاد بها من محلّ، وهي في الواقع فروع لهذا الاصل التي يستند الايمان بها الى الايمان به والاعتقاد بها من لوازم الاعتقاد به تعالى، لأن الاعتقاد بالألوهية اعتقاد بعدله وانه لا يظلم أحداً، وإن لازم ذلك بعث
الانبياء والرسل والوحي، وإلا لما صحّ عقاب ولا ثواب، وهو قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)، الذي يقتضيه فلسفة خلق الانسان وجعله خليفة لله تعالى، وأنه لم يكن في خلقه لاعباً ولا عابثاً الذي يخالف مقتضى الوهيته سبحانه وتعالى المستلزم ليوم الاخرة للحساب وتحقيق العدالة (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
وكل ما توافق مع هذه الحقائق واستند اليها فهو من الحق وكل ما خالفها فهو من الباطل الذي عبَّر عنه ايضا بالزخرف أي المزيَّن بلباس الحق وليس منه او اشتبه بالحق، وليس منه فهو كالسراب يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ، وان كل ما بُنيَ من بنيان على أساسه انهار فانهار به في نار جهنم.
﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [ التوبة: 109].
فهل أن كل ما يقوم به الانسان في هذه الدنيا من جهد وتعب عقلي ونفسي وبدني يقوم به ويلقى نتائجه العادلة والمساوية في هذه الحياة".
أضاف :"إنّ ما تقوله التجربة هو النفي، وان ما يلقاه الانسان في حياته مقابل ما يبذله من جهد إما غير متكافئ أو أكثر أو أقل، بل ان هناك من يحصل على مكاسب من غير جهد بذله في حياته وانما أتاه من غير توقّع، فهل في ذلك من عدالة؟ كما ان بعضاً من النتائج تحصل للبعض عن طريق استخدام وسائل غير شرعية، إما باستخدام القوة او عن طريق الغصب او الاحتيال من دون ان يخضع المرتكب للمساءلة، وبالتالي يضيع حقّ الناس الذين يتعرضون لأمثال ذلك، وبالتالي فإن العدالة لا تتحقق في هذه الحياة، وبالتالي لا بد للعدالة من يوم تتحقق فيه وينتصف فيه لأهل الحق، وإلا كانت هذه الحياة عبثية ولهواً ،وهو ما ينفيه الدليل والبرهان والوجدان لمن كان له وجدان وعقل وفطرة سليمة.
وإذا كان الظَّمْأ يسبب الوهم لصاحبه وهو في الصحراء اللاهبة أن يتسبب في إيهام البصر فيتراءى له غير الحق حقاً والسراب ماءً، فكذلك من غلب عليه حبّ الدنيا فيتراءى له الركون الى المال والجاه والولد والعشيرة وزينة الحياة الدنيا، حتى اذا جدّ الجدّ وحان وقت الحقيقة وجدها سراباً ووجد الله عنده وهو فارغ اليدين وقد ذهب عنه المال والجاه والولد والاقربين من الاهل والعشيرة والكل مشغول يقول نفسي نفسي.
(يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا * يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى)
هذا على مستوى الافراد، اما على مستوى الأمم، (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ۚ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ۖ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ) (فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًۢا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَٰفِلِينَ).
وتابع :"فكما أن الافراد زيّنت لهم قوتهم او غرائزهم حبّ الحياة الدنيا فغابت عنهم الحقائق وركنوا اليها، فكذلك الامم التي اغترت بقوتها ودعتها الى التجبر والطغيان ودفعتها الى البغي والظلم والعدوان، فستأتي ساعة الحقيقة في الدنيا حيث لا دوام لعوامل الطغيان وانما سنن الله تعالى الاجتماعية التي تنقلب فيها الموازين على
القاعدة التي أرساها خالق الكون والحياة التي قررها الله تعالى في كتابه (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)، فلا دوام لعوامل الطغيان من امتلاك القوة والبأس لأنها ستزول كما زالت لأقوام سبقت، ثم يأتي يوم الحساب ليستعيد كل ذي حقّ حقّه (فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًۢا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَٰفِلِينَ).
هذه هي فلسفتنا التي نستند اليها في الحياة ونبني عليها مواقفنا ونتصرف على أساسها، فأولياء الله تعالى الصالحون هم أولياؤنا في الحياة الدنيا، وفي الاخرة نوالي من والاهم على اساس القرب من الله وولايتهم له ونعادي اعداءهم، وهم الانبياء سادة الخلق وخاتمهم محمد رسول الله (ص) واوصياؤه (ع) الذين دعوا الى الله، ونحن نقول التزاماً بقول الله تعالى
(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
والله تعالى جلّ وعلا يقول: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ).
نسأل الله تعالى الثبات على الحق وان نقول الحق وان نشهد للحق، لأن ذلك ليس مما يسهل على المرء الثبات عليه، فإن الحقّ صعب مستصعب لأن الحق يستلزم مخالفة الاهواء والمصالح الدنيوية التي لا تنسجم احياناً مع الحق او تستلزم التضحية بها او بالنفس او بالاعزاء من الاهل والمال والولد.
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.
فحين تتعارض فالمعركة الحقيقية هي داخل النفس وهي من أشد الحروب وأقساها، ولكن المؤمن الذي باع نفسه لله تعالى وتعلّق قلبه به ينتصر على نفسه بتثبيت من الله .
إنّ حقيقة الايمان تظهر في الصعاب والملمات، قال الامام الصادق (ع): سُئل رسول الله (ص) من أشدّ الناس بلاء في الدنيا؟ فقال (ص): النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويبتلى المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمن صحّ إيمانه، وحسن عمله اشتدّ بلاؤه، ومن سخف إيمانه وضعف عمله قلّ بلاؤه.
فابتلاء المؤمن المؤمن لإظهار مقدار عبوديته لله تعالى وقوة إرادته وصبره، هذا على مستوى الافراد، وكذلك الامم فقد ابتلانا الله تعالى بشرّ الاعداء لؤماً وإجراماً وحقداً وأخلاقاً وفسقاً، من قال فيهم تعالى: ( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ).
وقد نهانا الله عن اتخاذهم أولياء، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) [النساء:144-147].
واستطرد الخطيب :وهو ما يفعله للأسف بعض المسلمين مع الاسف ويتخذون اليهود وأنصارهم أولياء وحلفاء ضد المؤمنين، وقد وعدهم الله ان فعلوا ما تقدم من التهديد بأن جعلوا لله سلطاناً عليهم، فانتبهوا يا من تتخذون اليهود حلفاء بل أولياء، ومن المؤمنين الذين واجهوا اليهود نصرة لإخوانهم المسلمين المظلومين من أهل غزة وفلسطين وتظاهرون عليهم بالإثم والعدوان، فهل هذا ما يأمركم به ايمانكم؟ والله تعالى يخاطبكم وينهاكم عن اتخاذهم أولياء: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾.
وهو الذي قال لكم: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا)، الآية 29 من سورة الفتح،
فأيّ زمن أسوأ من هذا الزمن الذي انحطت فيه هذه الامة الى هذا القعر، فهانت على نفسها واستهان بها عدوها وصدق فيكم قول الامام الحسين
بن علي (ع): "تباً لكم أيتها الجماعة وترحاً وبؤساً لكم! حين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا، وحمشتم علينا ناراً أضرمناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم إلباً على أوليائكم، ويداً على أعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، ولا ذنب كان منا إليكم".
وداخليا، قال الخطيب :"لقد انتظرنا من الجامعة العربية أن يكون لها على الاقل موقف الى جانب
لبنان، ولكن للأسف جاءنا مبعوث الجامعة العربية ليؤكّد المطلب الامريكي الذي استجابت له الحكومة
اللبنانية بنزع سلاح
المقاومة، وكان المطلوب على الاقل ان يأتي متضامناً مع لبنان بطلب تنفيذ العدو للاتفاق حول القرار ١٧٠١، أصحيح ان ما يجري في غزة ليس أمرا جللاً يستحق أن تُعقَد من اجله قمة عربية؟..
مثل هذا الامر يستدعي قمة عربية عاجلة، ولكننا مع الاسف لم نلمس الا بيانات لا تُسمن ولا تغني من جوع، وكأننا فعلاً أمة نائمة كما سمتنا "غولدا مائير" صبيحة اليوم التالي لليوم الذي احرقت فيه اسرائيل المسجد الاقصى ونامت خائفة من زحف عربي سيهب عليها في اليوم التالي ويقتلعها من الجذور، ولكن هذا الزحف لم يحصل وفقالت عندها رئيسة حكومة العدو قولتها الشهيرة بأنها اكتشفت ان العرب "أمة نائمة" ففعلت بفلسطين والعرب ما فعلت ولا تزال تفعل بهم من قتل واحتلال منذ ذلك التاريخ، وهي اليوم تعمل لمحو فلسطين التاريخية عن الخريطة لتقيم مكانها الدولة اليهودية الخالصة من النهر الى البحر إن لم يكن ابعد من ذلك. فالله المستعان وحسبنا المولى ونعيم الوكيل".
أضاف :"على كل حال، فإن اللبنانيين يعرفون حقّ المعرفة انه لن يدافع عنهم الا سلاحهم، ولذلك فهم متمسكون بهذا السلاح حماية لبلدنا وسيادتنا التي تخلّت عنها السلطة وتخلّى عنها البعض من اللبنانيين الذين لا يمثلون إلا انفسهم، فالأكثرية الصامتة من اللبنانيين مؤيّدة لهذا السلاح الذي تعرف أن مصيرها مرهون به امام التهديدات التي تأتينا من كل الجهات جنوباً وشرقاً".
ولفت الخطيب الى ان "المبعوث
الاميركي قال صراحة انه ليس في وارد ضمان تنفيذ تنفيذ الاتفاق، وسيأتي لاحقاً بعد ان اخذ القرار المشؤوم بنزع السلاح الذي شرط قيام العدو بوقف الحرب لاحقاً باتخاذه ليقول لكم ان الاسرائيلي يشترط تنفيذ نزع السلاح وهكذا، ولكننا لن نجاريكم بعد كل الذي قدمناه تسهيلاً للحكومة ثم انقلبتم على كل تعهداتكم ووقف رئيس الحكومة متباهياً بهذا (الانجاز) الذي حققه للمبعوث الامريكي الذي له خبرة جيدة بممارسة الخداع، وانتم ممن خدع حتى الان من الجحر مرات لا مرتين، ولكنكم مصرّون على الاصغاء وقبول الخداع مرة أخرى".
ورأى الخطيب "إنّ المطلوب من البعض الخروج من خطاب الكراهية والتصنيف والتشكيك بوطنية هذا المكوّن اللبناني او ذاك، طالما ان اتفاق الطائف والدستور الذي انبثق منه يقول بــ " لبنان الوطن النهائي لجميع ابنائه". وكذلك المطلوب الخروج من الخطاب الالغائي الذي يتقنه البعض وتعزيز خطاب "العيش الواحد" لا "العيش المشترك" بين اللبنانيين، لأنهم ينتمون الى أمة واحدة عربية واسلامية، والتزام الجميع مشروع الدولة الواحدة دولة المواطنة والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص التي ينادي بها "الطائف" الذي يتعرض نتيجة ممارسات البعض لتدمير ممنهج".
وقال الخطيب :" كما لا يمكن لأحد ان يدّعي السيادية وان يتهم غيره بالتبعية، فيما هو غارق في وحل هذه التبعية الى الرأس، كذلك لا يمكن لأحد ان يُنصّب نفسه وصياً على أحد وهو غارق في وحل الوصايات التي استجلبها او توسّلها، لأنها لا تخدم إلا مصلحته الخاصة على حساب مصالح البلد".
وختم الخطيب :"أخيراً ولمناسبة شهادة رسول الله وسبطه الامام الحسن المجتبى وولده الامام علي ابن موسى الرضا، نتوجّه من جميع المؤمنين وصاحب العصر والزمان وجميع المؤمنين بأحرّ التعازي بهذه المصائب الكبرى على هذه الامة، عسى الله سبحانه أن يجمع شملها ويوحّد كلمتها لتسترجع المجد والعزة التي أنالها الله إياها بنبيّها نبي الرحمة".