Advertisement

لبنان

"حزب الله" يرفع السقف في وجه "الانبطاحة السياسية".. هل خدمه الوفد الأميركي؟

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
28-08-2025 | 06:00
A-
A+
Doc-P-1410015-638919738382844213.jpg
Doc-P-1410015-638919738382844213.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger

 
في أعقاب زيارة الوفد الأميركي إلى بيروت، برز موقف "حزب الله" بوضوح كرسالة سياسية عالية النبرة، إذ اختار الحزب أن يرد ببيان مفصَّل على لسان المعاون السياسي للأمين العام، حسين الخليل، خلافًا لما اعتاد عليه من صمت وترقّب بعد زيارات الموفدين الأميركيين المتتالية، ولا سيما الموفد توم براك، منذ تكثيفه لزياراته توازيًا مع إطلاقه لمسار سحب السلاح، الذي لا يخفى على أحد موقف الحزب الرافض له بالمُطلَق.
Advertisement
 
لكنّ موقف "حزب الله" هذه المرّة لم يقتصر على الرفض، بل حمل توصيفًا قاسيًا للمسار الأميركي باعتباره "إملاءات وقحة ومهينة"، داعيًا لوضع حدّ لما وصفه بـ"الانبطاحة السياسية" لقرارات الحكومة اللبنانية ‏وإبعاد الجيش اللبناني عن الفتنة الداخلية التي تُهدد الأمن والاستقرار، كما ‏العمل على إعادة النظر بالشكل والمضمون في التعاطي مع ما يحمله الموفدون الدوليون والإقليميون من ‏توجهات تُهدد أمن البلد وسلمه الأهلي وتنتقص من حريته وسيادته.‏
 
من خلال لغته الحادة، عكس الحزب إدراكه لخطورة اللحظة، حيث يعتبر أنّ لبنان يتعرض لضغوط غير مسبوقة تهدف إلى تجريد المقاومة من سلاحها قبل أي انسحاب إسرائيلي، ما من شأنه أن يثير الكثير من الشبهات. لكن، أبعد من ذلك، كيف يُقرَأ موقف الحزب، وهل يندرج في خانة إعادة تموضع سياسية تسعى إلى تثبيت موقع الحزب في معادلة داخلية وإقليمية آخذة في التحول، أم أنه استغلال لزيارة خدم فيها الأميركيون "حزب الله" من حيث لا يدرون؟!
 
أميركا "الخصم المباشر"
 
في خطابه، وجّه "حزب الله" أصابع الاتهام مباشرة إلى واشنطن، متهمًا إياها بالسعي لتحويل لبنان إلى "مستعمرة أميركية – إسرائيلية" عبر فرض مسار التطبيع والانخراط في الاتفاقات الإبراهيمية. ولعلّ هذا التوصيف يختصر رؤية الحزب: أن الأميركيين لا يعملون كوسطاء بل كطرف خصم يسعى إلى تجريد لبنان من عناصر قوته. وهو بذلك ينزع الشرعية عن أي وساطة أميركية، ويرفع سقف المواجهة السياسية مع واشنطن.
 
أكثر من ذلك، كان لافتًا أنّ أحد أبرز محاور البيان هو اعتبار أن الطرح الأميركي يمثّل تنصّلًا واضحًا من اتفاق تشرين الأول 2024، الذي نصّ على وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحابها أولاً. بالنسبة للحزب، فإن محاولة قلب هذه المعادلة تهدف إلى تبرئة إسرائيل من التزاماتها وإلزام لبنان وحده بدفع الكلفة السياسية والأمنية. بهذا المعنى، وضع "حزب الله" نفسه حاميًا لـ"اتفاق" جرى برعاية دولية، فيما يتهم الأميركيين بخرقه.
 
كما ركّز البيان أيضًا على ما اعتبره الحزب محاولة "دنيئة" لدفع الجيش إلى مواجهة المقاومة. في هذا الطرح، يتضح إدراك الحزب، بحسب ما يقول العارفون بأدبيّاته، لخطورة تحويل المؤسسة العسكرية إلى خصم داخلي، إذ يرى أن ذلك يهدم ركنين أساسيين في البنيان الوطني: الجيش والمقاومة. لذا جاء التحذير واضحًا، ليس فقط دفاعًا عن الحزب، بل لتقديم نفسه حاميًا للجيش من محاولات توريطه في صراع داخلي.
 
دلالات الرسالة السياسية
 
في القراءة السياسية، لا يمكن اعتبار موقف "حزب الله" مجرد ردّ على زيارة، بل هو تثبيت لخطوط حمراء جديدة. فقد أعلن الحزب بوضوح أن سلاحه خارج أي مساومة، وأن محاولة وضع الجيش في مواجهته خط أحمر إضافي، وفي ذلك انتقاد ضمني للحكومة التي كلّفت الجيش بإعداد خطة لسحب السلاح. بهذا، يكون قد رفع مستوى التحدي السياسي، مانعًا أي طرف داخلي من استغلال اللحظة للتقارب مع الطرح الأميركي.
 
ومن خلال الدعوة إلى "وقف الانبطاحة السياسية"، وفق توصيفه، يوجّه الحزب رسالة مباشرة إلى الحكومة ورئيس الجمهورية، ولو أصرّ مرّة أخرى على "التمييز" بينهما. فهو يريد تحميلهم مسؤولية خياراتهم، والتنبيه من الانجرار خلف الضغوط الدولية. بذلك، يسعى الحزب إلى رسم مسافة واضحة بينه وبين قرارات الدولة، محمّلًا السلطة التنفيذية كلفة أي تنازل محتمل. وفي الوقت نفسه، يقدّم نفسه كحامي السيادة في مواجهة الارتهان للخارج.
 
وبتصعيده، أراد "حزب الله" أن يذكّر الجميع بأن معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" لا تزال قائمة، وأن أي محاولة لتجاوزها ستقود إلى الفوضى وربما إلى الفتنة. لكن، أبعد من ذلك، ثمّة من يعتبر أنّه أراد أن "يستثمر" في اللحظة السياسية التي أفرزتها الزيارة، خصوصًا مع التسريبات عن استياء وإحباط رسمي لبناني، نتيجة الإصرار الأميركي على "تقديم" سحب السلاح، على كل ما عداه، بما في ذلك وقف الاعتداءات الإسرائيلية.
 
يبدو واضحًا أن موقف "حزب الله" الأخير تجاوز كونه ردًا على زيارة وفد أميركي، ليشكّل إعلانًا سياسيًا متكاملًا. الحزب حدد خصمه المباشر، اتهم واشنطن بالتنصل من التزاماتها، رسم خطوطًا حمراء جديدة، وحذّر من الفتنة عبر استهداف الجيش. بهذا المعنى، فإن البيان يمهّد لمرحلة مواجهة سياسية مفتوحة، حيث يضع الحزب نفسه في موقع الحارس للسيادة الوطنية، ويترك للحكومة ورئاسة الجمهورية عبء الاختيار بين الانصياع أو المواجهة.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa