تتجه الأنظار يوم غدٍ الجمعة إلى جلسة الحكومة التي يُتوقع أن تكون من أكثر الجلسات سخونة منذ تشكيلها. فبحسب المعلومات المتداولة في الكواليس السياسية، هناك إصرار واضح من جانب رئيس الحكومة مدعومًا من" القوات اللبنانية" على المضي قدمًا في ملف سحب سلاح "حزب الله"، وهو ما اعتُبر خطوة مفصلية تحمل في طياتها الكثير من المخاطر والتداعيات السياسية والأمنية.
هذا التوجه، وإن بدا للبعض مطلبًا قديمًا يعكس رغبة شريحة واسعة من اللبنانيين بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، إلا أنه يضع الحكومة أمام حقل ألغام سياسي قد ينفجر في أي لحظة. فالمسألة لا تقتصر على قرار إداري أو إجراء تقني، بل ترتبط بتوازنات دقيقة ومصالح متشابكة على الساحة الداخلية والإقليمية.
الأزمة الأولى التي يُتوقع أن تواجهها الحكومة هي أزمة داخلية بحتة، تتعلق بموقف "
الثنائي الشيعي". فحتى اللحظة، لا يُعرف إن كان" الثنائي" سيتعامل مع هذا القرار بالانسحاب من الجلسة أو الذهاب أبعد من ذلك عبر الانسحاب من الحكومة ككل، ما يعني إدخال البلاد في أزمة حكم جديدة شبيهة بالأزمات السابقة. ثمة من يعتقد أن خيار
المقاطعة قد يكون أهون الشرور بالنسبة ل"الثنائي"، لكنه يبقى خطوة ستصيب الحكومة في شرعيتها وقدرتها على الاستمرار.
الأزمة الثانية لا تقل خطورة، وهي مرتبطة بالشارع. فالمعطيات تشير إلى أن "الثنائي الشيعي" يدرس خيارات الرد الشعبي، سواء عبر تحركات غير منظمة أو من خلال تظاهرات واسعة في أكثر من منطقة. مثل هذا الخيار، إذا ما جرى اعتماده، قد يفتح الباب أمام مواجهات مع القوى الأمنية أو مع الشارع المعارض، خصوصًا أن التجارب السابقة أثبتت أن أي تحرك جماهيري واسع في
لبنان لا يمكن ضبطه بسهولة.
أما الأزمة الثالثة فتتعلق بالميدان الأمني. فإذا قرر الجيش تنفيذ خطة الحكومة بحذافيرها، فإن البلاد قد تُدفع إلى
صدام داخلي غير محسوب النتائج. الجميع يدرك أن الجيش يملك القدرة على تنفيذ أوامر السلطة السياسية، لكنه في الوقت نفسه يدرك حساسية الدخول في مواجهة مباشرة مع "الحزب"، لما يحمله ذلك من مخاطر قد تعصف بما تبقى من استقرار هش في الداخل اللبناني.
جلسة
الغد ليست مجرد محطة حكومية عابرة، بل قد تتحول إلى نقطة تحول خطيرة في المسار السياسي اللبناني. القرارات التي ستصدر عنها ستحدد اتجاه البلاد في المرحلة المقبلة: إما نحو مزيد من الأزمات والانقسامات، أو نحو محاولة جديدة لترتيب التوازنات الداخلية ولو بشكل هش. لكن المؤكد أن لبنان مقبل على أيام صعبة، وأن أي خطوة غير محسوبة قد تضعه مجددًا على حافة الانفجار.