Advertisement

لبنان

بين أيلول 2004 وأيلول 2025 ... لا شيء تغيّر في لبنان

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
05-09-2025 | 09:00
A-
A+
Doc-P-1413067-638926590391329358.jpg
Doc-P-1413067-638926590391329358.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
بين أيلول 2004، وبالتحديد في الثاني منه، وبين أيلول 2025، وبالتحديد في الخامس منه، إحدى وعشرين سنة من عمر وطن لا يزال يعاني مما سبق أن عاشه من ويلات الحروب والسلاح المتفلت والهيمنات والوصايات، وما يُتوقع له أن يحصل اليوم بعد جلسة مجلس الوزراء، سواء أقرّت خطّة الجيش بالنسبة إلى موضوع "حصرية السلاح"، أم تم الاكتفاء بأخذ العلم بعد الاستماع إلى ما لدى قائد الجيش العماد رودولف هيكل من معطيات.
Advertisement

في جلسة 2 أيلول من العام 2004 كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئيسًا للحكومة اللبنانية، والتي تمّ فيها قرار التجديد لولاية الرئيس أميل لحود بعد الضغوطات التي مارستها  سوريا على الحكومة اللبنانية ورئيسها وعلى مجلس النواب. وهذا التمديد كان من بين الأسباب الرئيسية، التي دفعت مجلس الأمن الدولي إلى إصدار القرار 1559 في اليوم ذاته لجلسة التمديد للحود، وفيه:

يؤكد مجددا مطالبته بالاحترام التام لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت سلطة حكومة لبنان وحدها دون منازع في جميع أنحاء لبنان.

يطالب جميع القوات الأجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان.

يدعو إلى حل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها.

يؤيد بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية.

يعلن تأييده لعملية انتخابية حرة ونزيهة في الانتخابات الرئاسية المقبلة تجري وفقا لقواعد الدستور اللبناني الموضوعة من غير تدخل أو نفوذ أجنبي.

يطالب جميع الأطراف المعنية بالتعاون تعاونا تاما وعلى وجه الاستعجال مع مجلس الأمن من أجل التنفيذ الكامل لهذا القرار ولجميع القرارات ذات الصلة بشأن استعادة لبنان لسلامته الإقليمية وكامل سيادته واستقلاله السياسي.

يطلب إلى الأمين العام أن يوافي مجلس الأمن في غضون ثلاثين يوما بتقرير عن تنفيذ الأطراف لهذا القرار، ويقرر أن يبقي المسألة قيد نظره الفعلي.

ولأن الشيء بالشيء يُذكر فإن ما ورد في هذا القرار والمبادئ التي وافقت عليها الحكومة في الورقة الأميركية أوجه شبه كثيرة.

المهم أن ما تم تنفيذه لاحقًا في القرار 1559 لم يترجم سوى بالانسحاب السوري من لبنان على أثر اغتيال الرئيس الحريري فيما لم يُنفّذ بند نزع سلاح "حزب الله" والتنظيمات الفلسطينية المسلحة.

أمّا جلسة اليوم فإن ثمة أزمة داخلية عميقة يواكبها توتر أمني مستمر جنوبًا، وضغط دولي لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة اللبنانية.

وإذا أردنا أن نجري مقارنة سريعة بين الأمس واليوم فيمكن إبداء الملاحظات التالية: -في العام 2004 كانت الحكومة واقعة تحت ضغط سوري مباشر، فاختارت السير بعكس روحية القرار 1559 من خلال التمديد للرئيس لحود. وهذا قاد إلى تعزيز النفوذ السوري في لبنان.

-في العام 2025 أعلنت الحكومة استعدادها لمقاربة بند أساسي من القرار نفسه (حصرية السلاح)، بعدما غاب النفوذ السوري المباشر ليحّل مكانه لكن النفوذ الإيراني عبر "حزب الله".

وللمفارقة أن للتواريخ في لبنان رمزية تتجاوز حدود الزمن. فبعد واحدٍ وعشرين عامًا، المشهد يتكرر، ولكن في اتجاه معاكس. الحكومة اليوم تبحث في خطة الجيش لتكريس مبدأ حصرية السلاح، في محاولة لإحياء جوهر القرار 1559 بعد عقدين من تجاهله.

المفارقة أنّ الجلستين تفصل بينهما مرحلة كاملة من تاريخ لبنان: الأولى مثّلت انكسار الدولة أمام وصاية الخارج، والثانية قد تشكل بداية استعادة الدولة لقرارها، ولو ببطء وتدرج في حال تمّ التصرّف مع هذه المرحلة الدقيقة بكثير من الحكمة والواقعية السياسية.

فبين أيلولين، لبنان هو نفسه: ساحة تجاذب إقليمي ودولي، لكن الفارق أنّ حكومته اليوم تحاول أن تضع نفسها طرفًا في المعادلة لا مجرد متفرّج عليها. فهل يكون أيلول 2025 بداية مسار استعادة السيادة، أم حلقة جديدة في مسلسل التعطيل؟

كل المؤشرات تدل على أنّ المرحلة المقبلة لن تكون سهلة. فإذا قررت الحكومة المضي في خطة الجيش، فإنها ستواجه حتمًا تحديًا داخليًا يتمثل في موقف "حزب الله" وحلفائه، الذين قد يلجأون إلى التعطيل أو حتى التصعيد الميداني لعرقلة التنفيذ. في المقابل، فإن أي خطوة جدية في هذا الاتجاه قد تفتح الباب أمام دعم دولي واسع للبنان، خصوصًا عبر تقوية الجيش وتوفير المساعدات الاقتصادية المشروطة بمدى قدرة الدولة على بسط سيادتها.

السيناريو الأقرب إلى الواقع هو الدخول في مرحلة مفاوضات طويلة بين الداخل والخارج، يتخللها أخذ وردّ بين القوى اللبنانية، مع سعي العواصم الكبرى لفرض جدول زمني تدريجي لتطبيق القرار 1559. لكن يبقى أن اللبنانيين، الذين خبروا نتائج جلسة أيلول 2004 وما تلاها من زلازل سياسية وأمنية، يدركون أن جلسة أيلول 2025 قد تكون هي الأخرى منعطفًا تاريخيًا، إمّا نحو استعادة الدولة، وإمّا نحو أزمة جديدة تُعيد إنتاج المأزق نفسه بأسماء مختلفة.
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas