نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيليّة تقريراً جديداً قالت فيه إنّ المناطق الشمالية الإسرائيلية المُحاذية للبنان وسوريا، يجب أن تنعم بالأمن أولاً كي تشهد الإزدهار المطلوب.
ويقولُ التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه "لم يمرّ عامان منذ أن أدركت إسرائيل ثمن تجاهل التهديدات على حدودها، ومع ذلك يتحدث البعض الآن عن تسليم أصول استراتيجية لسوريا"، وأضاف: "هذه الفكرة ليست مُضللة فحسب، بل خطيرة أيضاً. تطلعات إسرائيل للسلام واقتصاد مزدهر لا يمكن أن تُغني عن الحاجة للأمن. لذا، فبينما تُرحّب إسرائيل بمناقشات تطبيع العلاقات مع لبنان وسوريا، فإن السلام والازدهار لا يمكن أن يتحققا إلا بضمان الأمن. ولهذا السبب، يجب توضيح الأمر البديهي وهو إن الحديث عن إمكانية نقل جبل دوف إلى سوريا ساذجٌ للغاية".
وذكر التقرير أن "مرتفعات الجولان هي من أجمل المناطق في إسرائيل والعالم"، وأضاف: "هضبتها البركانية الفريدة، الزاخرة بالمواقع الأثرية والأنهار والبساتين، تجذب السياح المحليين والدوليين على حد سواء. في الوقت نفسه، يرتبط تطوير الجولان بالسياج الحدودي الممتد لمسافة 100 كيلومتر، والذي يفصلها، وإسرائيل بأكملها، عن سوريا".
ويضيف: "يمكن للجهود الدبلوماسية لتطبيع العلاقات الاقتصادية على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، في أعقاب التحولات الإقليمية، أن تُحدث تأثيراً إيجابياً على المنطقة. ومع ذلك، فإنَّ فكرة تخلي إسرائيل عن أصول أو أراضٍ استراتيجية لتحقيق هذا التطبيع هي فكرة متهورة. إن أي نقاش حول التنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل حالياً منفصل تماماً عن الواقع الأمني والإنساني لإسرائيل بعد السابع من تشرين الأول. لم يكن ذلك اليوم الأسود مجرد صدمة، بل كان بمثابة تذكير وحشي بعواقب تجاهل التهديدات، والثقة في الوعود الجوفاء، والسماح للقوى المعادية بالتسلل إلى حدود إسرائيل"، على حد تعبيره.
وأضاف: "بعد انهيار نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، سارعت إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات لضمان عدم وقوع الأصول العسكرية السورية في أيدي التنظيمات الجهادية أو الجماعات المحلية. واستناداً إلى الدروس المُستفادة من الأحداث التي أدت إلى الحرب الحالية، أنشأ الجيش الإسرائيلي أيضاً منطقة عازلة، موفراً بذلك عمقاً ضرورياً بين التجمعات السكانية الإسرائيلية في الجولان والجماعات المدعومة من إيران في سوريا. كان من أهم هذه الإجراءات ضمان السيطرة الإسرائيلية على سلسلة جبال شيخون الاستراتيجية المُطلة على كل من سوريا وشمال إسرائيل".
وأكمل: "ينبغي أن نسترشد بهذه الأفكار الآن أيضاً، فالتخلي عن أصول استراتيجية ملموسة أملاً في السلام سيكون خطأً فادحاً. جبل دوف، الذي ورد أنه كان مطروحاً على طاولة المفاوضات، ليس ورقة مساومة. ومثل باقي مرتفعات الجولان، فهو جزء لا يتجزأ من الطوق الأمني الشمالي لإسرائيل: ثروة استراتيجية وأمنية ووطنية. إن السماح لأعداء إسرائيل بالتمركز هناك سيفتح الباب أمام تسلل آخر، ومجزرة أخرى، وكارثة أخرى".
وأضاف: "لقد استيقظ شعب إسرائيل من أوهامٍ هددت حياة أطفالنا. لا يمكننا أن نتحمل تكرارها. وفي الوقت نفسه، لا يمكن للإسرائيليين أن يتحملوا فقدان الأمل في السلام والازدهار. إذا، وفقط إذا، استُوفيت متطلبات إسرائيل الأمنية - أي الاعتراف بالسيادة على مرتفعات الجولان، وضمان منطقة عازلة دائمة، والحفاظ على العمق الاستراتيجي - فإن الباب مفتوح أمام إمكانيات جديدة ومثيرة".
وأكمل: "عندما نواجه خياراً بين وهم السلام الذي يُهدد أطفالنا أو خطوات واقعية لتأمين مستقبلهم، علينا اختيار الأمن، وعندما نضمنه فقط، يُمكننا مناقشة كيفية تحويله إلى مستقبل أفضل".
كذلك، زعم التقرير أن "السلام أو التطبيع مع سوريا قد يُحقق فوائد اقتصادية ملموسة لمرتفعات الجولان والجليل"، وأضاف: "تخيّلوا طرقاً تجارية جديدة عبر الحدود تُحوّل الجولان إلى مركزٍ رئيسي بين إسرائيل والأردن وسوريا. تخيّلوا تعاوناً زراعياً يستفيد من خصوبة أراضي الجولان ومواردها المائية، أو مبادرات سياحية تُتيح للإسرائيليين والسوريين استكشاف التاريخ والمناظر الطبيعية المشتركة".
وتابع: "بالنسبة لسكان الجولان، قد تعني هذه التطورات المزيد من فرص العمل والاستثمار، واقتصاداً محلياً أقوى. أما بالنسبة لإسرائيل، فتعني تحويل خط المواجهة إلى جسر.. ولكن، لنكن واضحين.. لا شيء من هذا ممكن إذا كان أمن إسرائيل مُهدداً، فبدون عمق استراتيجي، وبدون سيطرة على المرتفعات، وبدون حاجز عازل يُعتمد عليه، يُصبح كل وعد اقتصادي بلا معنى. لا يمكن لأي مستثمر، ولا لسائح، ولا لأي مزارع أن يزدهر في ظل الصواريخ والغارات".
وأكمل: "يجب على الحكومة الإسرائيلية التعامل مع أي مفاوضات مستقبلية مع سوريا من منطلق الوضوح. الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان ليس منة قد تمنحها لنا دمشق يوماً ما؛ بل هو نقطة البداية الأساسية لأي حوار. الأمر نفسه ينطبق على استمرار سيطرة إسرائيل على موارد استراتيجية أخرى؛ فهو الحد الأدنى المطلوب لمنع وقوع مأساة أخرى مثل هجوم 7 تشرين الأول".