كتبت" النهار": تبدّل المشهد اللبناني خلال أيام، من حالة التأزّم القصوى، إلى مساحة الارتياح الداخلي نسبياً، رغم الحذر الذي بقي يسود الساحة الداخلية، طالما الخطوات التنفيذية مجمّدة، انطلاقاً من موضوع وقف النار، الذي لم تلتزم به
إسرائيل. لكن العواصم الدولية المعنيّة بالوضع اللبناني، تحديداً واشنطن وباريس، تابعتا المسار اللبناني بكل تفاصيله، على وقع الضغوط التي تقوم بها تل أبيب، لنزع سلاح "
حزب الله". وتوصلّتا إلى نتيجة مفادها، أنّ
لبنان سلك طريق حصرية السلاح، ما يستدعي من إسرائيل البدء بخطوات عملية أيضاً.
لم تكن قرارات
مجلس الوزراء اللبناني، محطّات عابرة في حسابات العواصم الدولية، بل وجدت فيها منطلقاً عمليّاً، لإنهاء الحرب بين لبنان وإسرائيل.
تقول مصادر مطّلعة لـ "النهار" إنّ "الدول تلقّفت بإيجابية المسار اللبناني في مقاربة ملف سلاح "حزب الله"، وأشادت بحكمة رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي نجح في إجراء توازن دقيق، بين الالتزامات
اللبنانية أمام المجتمع الدولي، وبين الحفاظ على الاستقرار الداخلي في لبنان". بعدما كانت العواصم الدولية تخشى من أحد أمرين: تنصّل الحكومة اللبنانية من التزاماتها بشأن حصرية السلاح، وعدم قدرتها على التوجه نحو فرض قراراتها، ومن حصول فوضى في لبنان، بسبب الصدام مع الحزب.
ترى المصادر ذاتها أنّ التنسيق بين الرئيس عون ورئيس مجلس النواب
نبيه برّي، قاد إلى إنتاج صيغة مقبولة داخلياً ودولياً، عمل رئيس الجمهورية على إنجازها، وحفظ مكانة وقرارات الدولة اللبنانية فيها، وهي تقوم على الآتي:
- أولاً، الاعتراف الضمني للثنائي الشيعي، بمقررات مجلس الوزراء، بعد الاعتراض على مضمون جلستي الخامس والسابع من شهر آب الماضي، والخروج من جلسة مجلس الوزراء، أثناء عرض تقرير الجيش اللبناني.
- ثانياً، ترسيخ قرار وقف إطلاق النار بشكل نهائي، من جانب لبنان.
- ثالثاً، وضع خطة عسكرية تنفيذية للجيش وإقرارها حكومياً.
- رابعاً، الالتزام التام بالاتفاقيات الدولية، وبما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري واتفاق الطائف.
- خامساً، المضي نحو وضع استراتيجية شاملة للأمن الوطني.
- سادساً، عدم الغرق في توقيت المسارات الزمنية، لأن التنفيذ سيكون خاضعاً لإمكانيات الجيش، ومعرفة حجم وجغرافية مخازن السلاح، التي تتطلّب تعاوناً من الحزب نفسه. لذلك جرى الاعتماد على مراحل منتجة.
فهمت العواصم الدولية الخطوات التي أقدم عليها لبنان، والتي صارت خاضعة لتوافق السلطات السياسية فيه، بعدما رتّب رئيس الجمهورية مع رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء المخارج، التي ضمنت تحقيق حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، لكن العواصم صارت مقتنعة أن التنفيذ يحتاج أيضاً إلى قرار إسرائيلي بوقف النار.
تقول المصادر المطّلعة نفسها إنّ "الاميركيين باتوا مقتنعين بأهمية إقدام تل أبيب على خطوات تنفيذية أيضاً، بعد اطّلاع المسؤولين
الأميركيين خلال زيارتهم الأخيرة إلى لبنان، من رئيس الجمهورية وقيادة الجيش، على حجم الالتزام والجدية في لبنان، لذلك ستضغط واشنطن على الإسرائيليين لوقف النار، والبدء بالانسحاب التدريجي من الأراضي اللبنانية، بالتوازي مع الخطوات التنفيذية في لبنان تجاه حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية".
لكن المصادر لا تزال تخشى من الأجندة
الإيرانية، التي تريد أن تُشعل أزمة ميدانية جديدة مع إسرائيل، تقود إلى تسوية تُعطي طهران زخماً بعد الانتكاسات الأخيرة التي تعرضّت لها في الإقليم. وهو ما دعا الأميركيين والفرنسيين وغيرهم، إلى سحب الذرائع من أمام "حزب الله"، وفصل المسار اللبناني عن محيطه الإقليمي.