وجّهت أربع عشرة منظمة حقوقية لبنانية ودولية، من بينها "مؤسسة سمير قصير"، نداءً مشتركاً إلى مجلس النوّاب اللبناني، مطالبةً إياه بضمان أن يكفل اقتراح قانون الإعلام الجديد الحق في حرّية التعبير، وفق ما تنص عليه المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأكدت المنظمات في بيانها أنّ المطلوب هو إلغاء تجريم القدح والذم والتحقير، وضمان حرية انتقاد الموظفين العامين، وحظر التوقيف الاحتياطي في قضايا الرأي، وإزالة القيود المبالغ فيها على إنشاء
وسائل الإعلام. وأشارت إلى أنّ لجنة الإدارة والعدل النيابية ستواصل قريباً مناقشة نص الاقتراح.
ولفت البيان إلى أنّ "نصوص القدح والذم في قانون
العقوبات اللبناني استُخدمت مراراً لاستهداف الصحافيين والناشطين ومنتقدي الحكومة"، مؤكداً أنّ
الأجهزة الأمنية دأبت على استدعاء إعلاميين بسبب عملهم المهني. وطالبت المنظمات المجلس النيابي بإنهاء هذه الممارسات من خلال تبنّي قانون إعلام عصري ينسجم مع التزامات
لبنان الدولية.
وأوضح البيان أنّ
النقاش حول اقتراح قانون جديد للإعلام بدأ عام 2010 بمبادرة من النائب السابق غسان مخيبر ومؤسسة "مهارات"، في محاولة لتحديث قانون المطبوعات. وفي كانون الثاني 2023، أعيد إحياء المسار بتشكيل لجنة فرعية داخل
البرلمان، رفعت نسختها النهائية إلى لجنة الإدارة والعدل في 27 أيار 2025.
وأشارت المنظمات إلى أنّ النسخة التي وصلت اللجنة تضمنت خطوات متقدمة، منها إلغاء التوقيف الاحتياطي وأحكام الحبس في قضايا التعبير، وإلغاء مواد القدح والذم والتحقير من قانون العقوبات والقضاء العسكري.
غير أنّ لجنة الإدارة والعدل، التي بدأت مناقشة الاقتراح في 29
تموز 2025، عقدت اجتماعاتها الثلاثة خلف أبواب مغلقة، تطبيقاً للمادة 34 من النظام الداخلي، ما دفع المنظمات إلى المطالبة بجعل الجلسات علنية حرصاً على الشفافية وضمان المشاركة المجتمعية.
وفي 31 آب، تلقى النواب تعديلات جديدة على النص. ورغم أنّ المستند المرسل أُرفق باسم وزير الإعلام، فإن الوزير نفى أن يكون هو من قدّمها. وبعد مراجعتها، رأت المنظمات أنّ التعديلات تعيد العمل بالتوقيف الاحتياطي في حال ارتبطت الجريمة بـ"ظروف مشددة" مثل التعرض لكرامة الأشخاص أو حياتهم الخاصة.
أشارت المنظمات إلى أنّ هذا التعديل يتعارض مع القوانين
اللبنانية السارية، التي تحظر التوقيف الاحتياطي في قضايا المطبوعات، كما يتنافى مع المعايير الحقوقية الدولية. واعتبرت أنّ القانون الفضفاض في تعريف "كرامة الأشخاص" أو "الحياة الخاصة" يفتح الباب أمام إساءة الاستخدام، ويخلق مناخاً من الرقابة الذاتية بين الصحافيين والناشطين خوفاً من الملاحقة.
وأضافت أنّ التعديلات تقترح فرض قيود جديدة على المؤسسات الإعلامية التي تواجه دعاوى قضائية، عبر منعها من تناول موضوع النزاع خلال فترة المحاكمة، ما يعدّ انتهاكاً خطيراً لحرية التعبير.
وتابعت أنّ التعديلات تفرض التزامات إضافية على القنوات التلفزيونية بتقديم تقارير مفصلة لوزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام، كما تشترط على الوسائل الإلكترونية الحصول على ترخيص مسبق بدلاً من نظام "
العلم والخبر". وحذرت المنظمات من أنّ هذه الإجراءات قد تفتح الباب لقرارات تعسفية تحدّ من حرية إنشاء وسائل الإعلام وتشغيلها.
وشددت المنظمات على أنّ المعايير الدولية لحقوق الإنسان توصي بأن تكون رسوم وشروط تراخيص الإعلام المرئي والمسموع معقولة وشفافة وغير تمييزية، وأن تضمن بيئة تعددية وتنافسية.
وختم البيان بمطالبة مجلس النوّاب اللبناني بـ"إقرار قانون إعلام يضمن الحقوق الأساسية التي ناضلت من أجلها منظمات المجتمع المدني، ورفع السرية عن جلسات لجنة الإدارة والعدل، ورفض التعديلات التي تقيّد حرية التعبير، بما يشمل التوقيف الاحتياطي وإحياء مواد القدح والذم والتحقير".
وشملت قائمة المنظمات الموقعة: اتحاد الصحافيين/ات في لبنان، الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، "سمكس"، "صلة وصل"، اللجنة الدولية للحقوقيين، لجنة حماية الصحفيين، مراسلون بلا حدود، المركز اللبناني لحقوق الإنسان، مركز سيدار للدراسات القانونية، المفكرة القانونية، منظمة العفو الدولية، مؤسسة سمير قصير، مؤسسة مهارات، وهيومن رايتس ووتش.