عاد الحديث في الأروقة السياسيّة عن إمكانية تأجيل الإنتخابات النيابيّة، والتمديد للمجلس النيابيّ الحاليّ، بسبب عدّة عوامل مُتعلّقة بقانون الإنتخاب والإختلافات الكبيرة بشأن حقّ المغتربين في التصويت للنواب الـ128 أو لمن يُمثّلونهم في الإنتشار، إضافة إلى وجود مخاوف أمنيّة مُرتبطة بالتوتّر في الشارع بعد اتّخاذ قرار بنزع سلاح "حزب الله"، أو باندلاع حربٍ جديدة مع إسرائيل، كذلك، عدم البدء في ورشة إعادة الإعمار في المناطق والبلدات التي دمّرها القصف الإسرائيليّ.
وعند الحديث عن عدم إطلاق ورشة إعادة البناء، يُواجه "الثنائيّ الشيعيّ" مُشكلة في هذا الإطار، وخصوصاً في الجنوب، حيث لا تزال إسرائيل تشنّ غارات يوميّة، وتستهدف عناصر من "حزب الله". وتقول مصادر سياسيّة، إنّ "الحزب" وحركة "أمل" خاضا الإنتخابات البلديّة والإختياريّة في مُحافظتيّ النبطية ولبنان الجنوبيّ، لكن المعركة كانت محدودة جدّاً، بعدما سعيا إلى إقناع المرشّحين بمبدأ التزكيّة، لتلافي قدوم الجنوبيين إلى بلداتهم المُدمّرة، خوفاً من الوضع الأمنيّ، وبسبب تدمير العدوّ لأغلبيّة المنازل والأبنيّة السكنيّة.
ووفق المصادر عينها، فإنّ الإنتخابات البلديّة تختلف كثيراً عن الإستحقاق النيابيّ، فمُعارضو "الثنائيّ الشيعيّ" هدفهم خرق لوائح "الحزب" و"أمل" أكثر في الجنوب، بعد تجربة العام 2022، مستفيدين من النتائج السلبيّة للحرب على البيئة الشيعيّة، وسط زيادة المُطالبات بنزع سلاح "حزب الله"، وحصر قرار الحرب والسلم بيدّ الدولة فقط.
أما من ناحية"الكتل السياديّة"، فهي من أكثر الداعين إلى اعتماد قانون للإنتخاب يعترف بحقّ المغتربين في التصويت لجميع النواب، لأنّ "القوّات" على سبيل المثال كانت في العام 2022 من أبرز الأحزاب التي حصلت على دعم اللبنانيين في الإنتشار. وتقول أوساط نيابيّة في هذا الصدد، إنّ الإختلاف بشأن القانون الحاليّ قد يكون عقبة في إجراء الإستحقاق النيابيّ، إنّ لم يتمّ التوصّل إلى حلٍ قريباً يتعلّق باقتراع المواطنين في بلدان الإغتراب، علماً أنّ معراب تُعارض تأجيل الإنتخابات.
وتبرز أيضاً مُعضلة لدى الشخصيّات السنّية، التي تترقّب قرار تيّار "
المستقبل" بالعودة إلى الحياة السياسيّة أم لا، وموقف
المملكة العربيّة السعوديّة من مُشاركة السنّة في الإنتخابات، لتشجيع المعارضين على الفوز بالأغلبيّة النيابيّة، للحدّ من نفوذ "حزب الله" سياسيّاً.
أمام ما تقدّم، وعلى الرغم من أنّ العديد من الأفرقاء يتمنّون حقّاً تأجيل الإنتخابات، فإنّ رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون والحكومة، يُصرّان على عدم التمديد للمجلس النيابيّ، وإجراء كافة الإستحقاقات الدستوريّة في موعدها، لترجمة ما جاء في خطاب القسم، والتأكيد للخارج أنّ هناك نهجاً جديداً في البلاد قائم على العمل واحترام المواعيد الدستورية. وقد شدّد وزير الداخليّة أحمد الحجار قبيل جلسة
مجلس الوزراء امس، على أنّ الإنتخابات قائمة في العام 2026، ولن تتأجّل.
وأيضاً، على الرغم من أنّ "حزب الله" يُواجه عقبات إنتخابيّة كثيرة، تتمثّل بتمويل حملاته، فهو لن يخوض أيّ إنتخابات بعيداً عن تحقيق هدفه، وهو تأمين الأغلبيّة النيابيّة، لتغيير الوضع السياسيّ في البلاد، وإلغاء قرار حصر السلاح، فهو يعمل في الوقت الراهن على كسب الوقت والتشديد على مُقاومته للعدوّ الإسرائيليّ، ريثما تتبدّل بعض الوجوه السياسيّة في
لبنان.