يتوجه رئيس الجمهورية جوزاف عون بعد غد السبت الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة، وإلقاء كلمة
لبنان، فضلاً عن لقاءات مع قادة من العالم يشاركون في الدورة الحالية، وفي مقدمهم الرئيس
الاميركي دونالد ترامب.
وفي إطار المساعي الدولية الرامية إلى الزام اسرائيل بالامتثال لمستلزمات اتفاق وقف النار وفقاً للقرار 1701،من المتوقع وصول المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى
بيروت على أن تشارك في اجتماعات لجنة «الميكانيزم» الاحد في الناقورة.
ومع استعداد السفيرة الاميركية ليزا جونسون للمغادرة نهائياً، ينتطر لبنان وصول السفير الاميركي الجديد ميشال عيسى، الذي حظي بموافقة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس على تعيينه، ويبقى عليه موافقة مجلس الشيوخ ككل، في فترة لا تتجاوز نهاية الشهر الحالي.
وافادت "نداء الوطن" أن زيارة أورتاغوس الأحد المقبل إلى بيروت، ستركّز على الشق التقني العسكري وليس السياسي خصوصًا أن رئيس الجمهورية سيسافر إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وبالتالي، ستغيب اللقاءات السياسية، ولن تحمل أورتاغوس أي جواب من إسرائيل حول الورقة التي أقرتها الحكومة
اللبنانية، وبالتالي ستبقى الأمور تراوح مكانها مع تشدد "
حزب الله" ورفضه تسليم السلاح.
وكتبت" الاخبار": تنوي
الولايات المتحدة الأميركية، اعتماد استراتيجية خاصة للتعامل مع ما تعتبره قراراً صادراً عن الحكومة بِأن خطة الجيش لحصر السلاح هي بيد الأجهزة الرسمية فقط. لا يهمّ واشنطن مفردات الترحيب أو أخذ
العلم. ما يهمّها، من الذي حصل، ليس أن أهل الحكم تجنّبوا مشكلة كبيرة كانت تهدّد العهد والحكومة، بل كل ما يهمّها، وتتصرّف على أساسه، هو أن الجيش اللبناني وضع خطة تنفيذ على مراحل، وأنه يسير في اتجاه تحقيق المرحلة الأولى منها والتي تتعلق بمنطقة جنوب الليطاني.
فكرة الولايات المتحدة الحالية، تقوم على قسمين: الأول، اعتبار أن الجيش بات مكلّفاً فعلياً بتنفيذ الخطة، وهو لا يحتاج إلى قرار خاص من الحكومة. كما أن موجبات القرار 1701 تلزمه بخطوات عملانية أقلّها في مناطق جنوب نهر الليطاني، وأن القوات الدولية التي مُدّد لها لعام إضافي، مكلّفة الآن، بالمساعدة على إنجاز هذه المرحلة. وما على الولايات المتحدة سوى توفير الدعم.
الثاني، اعتبار طلبات الجيش من مساعدة لوجستية ومالية، مسألة قيد البحث، وقابلة للتطبيق، لكن، على قيادة الجيش أن لا تُلزِم نفسها بآليات العمل وفق أي إطار خارج «المكاينزم» حيث تسعى واشنطن، لأن تكون هي الطرف الوسيط المباشر بين الجيش اللبناني وإسرائيل، دون الحاجة إلى المرور بأي آلية أخرى.
عمليا، فإن سير الحكومة بالخطة من دون الحصول على أي خطوة من جانب إسرائيل، سوف يضع مهمة الجيش كلها في مرمى السهام الداخلية، خصوصاً أن العسكريين اللبنانيين ناقشوا مع نظراء لهم في الجيش الأميركي، مسألة أن النقاط التي تحتلها إسرائيل غير مبرّرة عسكرياً ولا أمنياً. وبالتالي، فإن الجيش، لن يكون بمقدوره إقناع أحد، بأنه مُلزَم أمام
الأميركيين بالقيام بخطوة قد تفرض مواجهة أو صداماً مع حزب الله أو الأهالي، فيما لا يمكن لواشنطن أن تفرض على إسرائيل الالتزام بالقرار 1701.
وبحسب مصادر متعدّدة، فإن ما أقرّه
مجلس الوزراء في جلسة الجمعة الشهيرة، لا يزال في إطار «ربط النزاع» بين القوى المتخاصمة داخلياً. لكنه، لا يمثّل نقطة تحوّل في موقف السلطة في لبنان، وأن الجيش اللبناني يتصرّف بحكمة الخائف من توريطه في مسألة تمسّ وحدته والإجماع الوطني على دوره، وأن المخاوف لدى البعض في لبنان، تعود إلى الإصرار الأميركي على أن يقوم الجيش بالمهمة، حتى ولو تطلّب الأمر تنفيذ القرار بالقوة، مع الإشارة دوماً، إلى أن الأميركيين كما الأوروبيين، يكرّرون الحديث عن أن حزب الله أضعف من أن يواجه أحداً، ولا سيما الجيش، وأن هناك العديد من الأطراف التي يمكن أن تدعم الجيش في أي مواجهة مباشرة مع حزب الله.
عملياً، فإن ما هو مُنتظر من المساعي الأميركية الجديدة، لا يجب انتظاره على شكل حلحلة للمسائل العالقة، بل سوف تظهر الأيام والأسابيع المقبلة، أن واشنطن، لا تزال تقف خلف إسرائيل، وأنها تريد فرض وقائع على طول الحدود مع لبنان.
وثمّة من يدعو إلى الحذر أكثر، خصوصاً وسط همس عن احتمال أن تطرح واشنطن بديلاً رسمياً عن اتفاق وقف إطلاق النار، يكون على شكل «تفاهم أمني لبناني – إسرائيلي» على غرار ما يجري العمل عليه مع سوريا. وفي هذه الحالة، تكون الولايات المتحدة قد حقّقت عدة أهداف مرة واحدة، فهي تتخلّص من عبء القرار 1701 على إسرائيل، كما تفتح الباب أمام سحب سريع لقوات
الأمم المتحدة قبل انتهاء ولايتها في الصيف المقبل، ثم إتاحة المجال أمام غرفة تنسيق مباشر ولو عبر قنوات عسكرية بين لبنان وإسرائيل.
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أنّ الملف اللبناني كان حاضراً في اللقاءات الدبلوماسية التي عقدها الوفد اللبناني برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مع رؤساء وملوك وأمراء ووزراء خارجية عرب مسلمين على هامش أعمال قمة الدوحة، لجهة حجم الأخطار المحدقة بلبنان لا سيما الخطر
الإسرائيلي في إطار التهديد الذي يشكله لكلّ دول المنطقة بخاصة بعد العدوان الإسرائيلي على قطر. وكشفت المصادر أن رئيس الجمهورية والوفد المرافق لمسوا مخاوف جدية على أمن واستقرار لبنان ووحدته الداخلية والجغرافية في ظل تمادي الاحتلال الإسرائيلي بعدوانه على الجنوب واحتلاله مساحة كبيرة على طول الشريط الحدودي وتنفيذ الاغتيالات اليومية وقضم المزيد من الأراضي وإقامة منطقة عازلة سيجري ضمها إلى ما تسميه «إسرائيل» بالمجال الحيوي الأمني والاقتصادي امتداداً لما يجري في سورية وقطاع غزة. كما سمع عون والوفد اللبناني وفق المصادر نصائح بالحذر من المخططات
الإسرائيلية لإشعال فتنة أهلية لإدخال لبنان في آتون الفوضى وإغراق المقاومة في حرب داخلية لاستنزافها في إطار تمهيد وتحضير الساحة لعدوان إسرائيلي واسع على لبنان تخطط له «إسرائيل»، وبالتالي الأفضل على الحكومة احتواء الضغط الخارجي الأميركي تحديداً وتنفيس الاحتقان الداخلي عبر معالجة وطنية هادئة للقضايا الخلافية بين اللبنانيين لا سيما سلاح حزب الله.