Advertisement

لبنان

إنذارات الجنوب تعيد أجواء الحرب والنزوح.. رسائل بالنار خلف التصعيد الإسرائيلي

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
19-09-2025 | 12:01
A-
A+
Doc-P-1418907-638938771546973044.png
Doc-P-1418907-638938771546973044.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
عاد الجنوب اللبناني أمس إلى مشهد أشبه بأيام الحرب، بعدما أطلقت إسرائيل سلسلة من الإنذارات في أكثر من منطقة حدودية، أعادت إلى الأذهان صور النزوح الجماعي، والهلع الذي يرافق القصف والتهديدات، حيث بدت هذه الجولة من وكأنها جزء من خطة منظمة تهدف إلى ضرب البنية النفسية والاجتماعية للجنوب اللبناني، بالتوازي مع التصعيد العسكري الذي تشهده المنطقة منذ أسابيع.
Advertisement
 
وبالفعل، أجبرت الإنذارات التي بثّت في قرى وبلدات عدة، مئات العائلات على إخلاء منازلها، لتعود مشاهد النزوح الجماعي التي خبرها اللبنانيون وعانوا الأمرّين بسببها خلال الحرب الأخيرة، خصوصًا في مشهد الإذلال الشهير على الطرقات. وتزامن ذلك مع غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت أكثر من خمس قرى جنوبية، في تصعيد اعتبرته أوساط لبنانية محاولة لترسيخ واقع جديد على الأرض، وإظهار قدرة تل أبيب على فرض إيقاع الحرب متى تشاء.
 
في المقابل، تزايدت المخاوف من أن تكون الضاحية الجنوبية لبيروت، أو حتى مناطق في البقاع، ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية في المرحلة المقبلة، ما ينذر بتوسّع رقعة المواجهة وتحوّلها إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، أو ربما جولة ثانية من القتال العنيف الذي شهدته الجبهة في وقت سابق، في وقت لم يخرج "حزب الله" عن الانضباط الذي التزم به التنسيق مع الجهات المعنيّة في الدولة منذ اتفاق وقف إطلاق النار.
 
الميدان والإنذارات.. رسائل بالنار
 
بشكل خطير، تطوّر المشهد الميداني في الجنوب مع دخول سلاح الإنذارات المباشرة على الخط مرّة أخرى، كما كان في فترة الحرب الإسرائيلية، من خلال الأسلوب "الاستفزازي" للناطق باسم حيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، ليتّضح على أكثر من مستوى أنّ الهدف لم يعد فقط إخلاء مناطق المواجهة، ولا بثّ الذعر والقلق في صفوف البيئة الحاضنة لـ"حزب الله"، بل خلق بيئة ردع نفسي تضغط على الحزب والبيئة الحاضنة له.
 
وفي حين تصف مصادر عسكرية لبنانية هذه الإنذارات بأنها جزء من "الحرب النفسية" التي ترافق العمليات العسكرية، فإن انعكاساتها على الأرض بدت جلية من خلال تكدس النازحين في القرى البعيدة عن خطوط التماس، وما رافقه من مشاهد ذعر وتوتر اجتماعي. بالنسبة لإسرائيل، يُعتبر هذا التطور نجاحًا مزدوجًا: فهو من جهة يخفف من المخاطر أمام عملياتها الميدانية، ومن جهة ثانية يضغط على الحزب عبر ضرب الحاضنة الشعبية.
 
لكن الخطورة تكمن في أن هذه السياسة قد تمهّد لتوسيع الضربات باتجاه الضاحية الجنوبية أو البقاع، وهو ما حذرت منه بعض التقارير الإعلامية، مشيرة إلى أن الهدف الإسرائيلي هو رفع مستوى التهديد تدريجيًا، وصولًا إلى استهداف العمق اللبناني إذا اقتضت الحاجة، وذلك بالتوازي مع المساعي الدبلوماسية التي يبدو أنّ إسرائيل تريد فرض أمر واقع آخر، يقضي باستكمالها تحت النار ووفق شروطها الخاصة.
 
إسرائيل تستخدم "فائض القوة" بلا رادع
 
عمومًا، يقول العارفون إنّ الإنذارات والتصعيد الميداني لم يأتيا بمعزل عن السياق السياسي والإقليمي. فالتقارير أشارت إلى أن هذه الجولة من العمليات مهّدت لزيارة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي يرجّح أن تعود إلى بيروت نهاية الأسبوع لبحث إمكان احتواء التصعيد. لكن إسرائيل، كما يبدو، أرادت أن تستبق أي مبادرات سياسية بفرض وقائع بالنار، بحيث تدخل أي طاولة مفاوضات مقبلة من موقع أقوى.
 
وفي الداخل اللبناني، قرأت بعض الأوساط هذا التصعيد على أنه تطويق لما اعتُبر "تعهدًا" من رئيس الجمهورية جوزاف عون لـ"حزب الله" في ما يتعلق بالتعامل مع الوضع الأمني الحدودي والخروقات الإسرائيلية المتكرّرة. بمعنى آخر، إسرائيل أرادت أن تقول إنها لا تأبه لأي تفاهمات داخلية، وأنها قادرة على ضرب الحزب في أي مكان، وأن أي التزامات رسمية لبنانية لن تكون قادرة على كبح اندفاعتها العسكرية.
 
إستراتيجيًا، يعكس المشهد استخدام إسرائيل لفائض القوة في ظل غياب رادع دولي حقيقي. فالمجتمع الدولي منشغل بأزمة غزة، فيما تقتصر المواقف الغربية على دعوات لضبط النفس من دون إجراءات عملية. وهذا ما يمنح حكومة نتنياهو حرية أكبر في التصعيد، مستندة إلى دعم سياسي داخلي، وإلى حسابات ترى أن الضغط الميداني في لبنان سيساهم في تقليص هوامش الحزب، وربما دفعه إلى إعادة النظر في قواعد الاشتباك.
 
في المحصلة، يبدو أن جولة الإنذارات الإسرائيلية في الجنوب لم تكن مجرد تفصيل عابر في مشهد المواجهة، بل خطوة مدروسة تحمل رسائل عسكرية ونفسية وسياسية في آن. ومع اقتراب لبنان من مرحلة حساسة سياسيًا واقتصاديًا، تبدو هذه الرسائل الإسرائيلية بمثابة تحذير بأن المرحلة المقبلة قد تكون أكثر خطورة، وأن احتمالات توسّع المواجهة إلى العمق اللبناني لم تعد مجرد تهديدات نظرية، ما يبقى البلاد أسيرة احتمالات الحرب والسلام..
 
المصدر: خاص لبنان24
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa