في خضم الحراك العربي والغربي تجاه لبنان، وتزامناً مع زيارة الموفد السعودي مستشار وزير الخارجية السعودي المكلف الملف اللبناني الأمير يزيد بن فرحان لبيروت الذي وصل يوم الجمعة، والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي تزور لبنان اليوم ليوم واحد، ينشغل لبنان بملف الانتخابات النيابية وسط تصاعد الدعوات لتأجيل الاستحقاق، ما يعكس حساسية المرحلة وتعقيد المشهد السياسي الداخلي.
وأفادت أوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع "لبنان24" أن دوائر القرار الدولية بدأت تدفع إلى تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، إذا لم تحسم مسألة حصرية السلاح بيد الدولة على كامل الأراضي اللبنانية".
وبحسب الأوساط نفسها، فان هذا الموقف المتقدم دولياً بدأ يأخذ مداه الاوسع ومن المتوقع ان تتلقفه الاطراف المحلية، وتعمل" في ما بينها" على ايجاد التخريجة المناسبة".
هذا التوجّه يعكس تحولاً لافتاً في نظرة المجتمع الدولي، إذ باتت القوى المعنية تعتبر أن أي استحقاق انتخابي في ظل استمرار ازدواجية السلاح والسلطة لن يفضي إلى نتائج فعلية أو إلى تغيير في بنية السلطة اللبنانية.
وتضيف الأوساط أن الموقف الدولي أخذ يترسّخ تدريجياً، ومن المتوقع أن يتمدد أكثر في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تزايد الضغوط على بيروت لإظهار خطوات عملية في ملف الإصلاح السياسي والأمني. وفي هذا السياق، تشير المعلومات إلى ميل خارجي لطرح التمديد عاماً واحداً للمجلس النيابي الحالي، باعتباره خياراً واقعياً يمنح وقتاً إضافياً لسحب السلاح والضغط على الحزب وإعادة ترتيب التوازنات الداخلية.
هذه المقاربة ليست خافية على بعض القوى اللبنانية. فحزب "القوات اللبنانية"، بحسب المصادر على علم بهذا التوجّه وسوف يعمل بما ينسجم مع استراتيجية حلفائه القائمة على رفض أي انتخابات تجرى قبل حصرية السلاح. وفي موازاة ذلك، برز اتجاه لدى النائب سجيع عطية للتقدّم باقتراح قانون يتيح التمديد للمجلس النيابي، وهو ما قد يشكّل المدخل الدستوري لتكريس التوجّه الدولي – الإقليمي نحو إرجاء الانتخابات.
إلى ذلك، يواصل الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان زيارته حيث التقى عدداً من المسؤولين وأجرى اتصالاً برئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد تناولت محادثاته مع رئيس الجمهورية مسألة الاجتماع المرتقب في نيويورك حول حل الدولتين، حيث أراد الاطلاع مسبقاً على الموقف اللبناني قبل سفر الرئيس عون إلى الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى أن السعودية تتابع بدقة موقع لبنان في القضايا الإقليمية والدولية، وتحرص على أن لا يبقى موقفه غامضاً حيال الملفات الكبرى وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وشددت المصادر على أن زيارة بن فرحان غير مرتبطة بتصريحات حزب الله الأخيرة، إذ كانت مقرّرة منذ فترة فالمملكة تعتمد رؤية أبعد مدى تضع في أولوياتها دعم الدولة ومؤسساتها. ومع ذلك تقول مصادر سياسية أن الموفد السعودي وخلال لقاءاته يوم امس شدّد على التزام بلاده الراسخ بدعم استقرار لبنان وصون أمنه، وعلى الحرص الدائم على تعزيز العلاقات المتميزة معه والانفتاح على كل مكوّناته.
وفيما لم يدل بأي تعليق على موقف الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ، نُقل عن بن فرحان قوله إن كلام الشيخ قاسم يستوجب مزيدا من التشاور والتقييم قبل الخوض فيه، في المقابل اكد اهمية العلاقة مع رئيس المجلس النيابي ووصفها بالممتازة مشيراً الى أن مواقفه بناءة وتحمل رؤية وطنية تصب في خدمة لبنان واستقراره، مع اشارة المصادر الى توجه سعودي لدعوة الرئيس بري لزيارة المملكة.
إلى جانب هذا البعد السياسي، حملت الزيارة بعداً عملياً يرتبط بالمؤسسة العسكرية، إذ طرح الموفد السعودي عقد مؤتمر لدعم الجيش في النصف الأول من تشرين الثاني. وقد تبيّن أن الفكرة منسّقة مع باريس، إلا أن المؤتمر سيُعقد في المملكة لا في فرنسا، وهذه الخطوة لا تخلو من رسائل واضحة، أبرزها أن السعودية ترى في الجيش ركيزة أساسية لضبط التوازن الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وبالتالي فإن أي دعم مالي أو عسكري سيكون مشروطاً بالتقدم في هذا المسار.
وخلال لقاءاته، شدد الموفد السعودي على أن الإصلاحات المالية والاقتصادية تبقى شرطاً لا مفرّ منه قبل التفكير بأي مؤتمر اقتصادي أو مساعدات مباشرة، ما يؤكد، بحسب مصادر سياسية، أن الرياض تمارس سياسة الدعم المشروط القائمة على مساعدة مقابل التزام لبناني بالإصلاحات وبخيار الدولة القادرة. ومن هنا، يتضح أن السعودية لا تسعى فقط إلى ضخ أموال أو وعود، بل إلى إعادة صياغة العلاقة مع لبنان على أسس جديدة تجعل المساعدات أداة ضغط لإعادة إنتاج التوازن الداخلي.
كذلك، أفادت مصادر بأن مستشار وزير الخارجية السعودي، الأمير يزيد بن فرحان باق في لبنان عدة أيام وسوف يشارك يوم الثلاثاء المقبل بمناسبة العيد الوطني للمملكة في استقبال للسفارة السعودية في فندق فينيسيا.
وفي السياق، ترددت معلومات عن احتمال اجتماعه مع المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس خلال زيارتها الى لبنان، الا ان لا تأكيد دبلوماسيا على ذلك لا سيما وان اورتاغوس سوف تزور لبنان ليوم واحد ومهمتها محصورة بالاطلاع على ما يقوم به الجيش والاجتماع الى لجنة "الميكانيزم".
على خط آخر، وصل رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، إلى نيويورك، حيث من المقرّر أن يلقي كلمة لبنان أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة، كما سيعقد سلسلة لقاءاتٍ واجتماعاتٍ مع مسؤولين من مختلف الدّول على هامش أعمال الجمعيّة العامّة، تتعلّق بالوضع في لبنان، وبالتطوّرات التي تشهدها المنطقة، وتأثيراتها على دول الشّرق الأوسط والدّول الغربيّة.
ونشر موقع "إرم نيوز" الإماراتي تقريراً جديداً نقل فيه عن مصادر سورية قولها إنَّ إسرائيل حوّلت جبل الشيخ إلى مركز مراقبة استخبارية مزود بأحدث أجهزة الرصد والتجسس، وذلك بعد احتلاله في كانون الأول الماضي. كذلك، ذكر الموقع أن إسرائيل نصبت رادارات قادرة على التقاط الاتصالات والتحركات في عمق الأراضي السورية واللبنانية، وحتى الحدود العراقية.