ترأس راعي أبرشية بعلبك الهرمل للروم الملكيين الكاثوليك المطران ميخائيل فرحا، في كنيسة القديستين بربارة وتقلا في بعلبك، القداس السنوي لمناسبة الذكرى الثانية عشرة لإقامة تمثال سيدة بعلبك، بمبادرة من النائب السابق إميل رحمه، بحضور منسق "التيار الوطني الحر" في البقاع الدكتور جان بولس، وفاعليات بلدية واختيارية وتربوية واجتماعية.
وعاون المطران فرحا في القداس الأب مروان معلوف، الأشمندريت بورفيريوس إبراهيم ممثلا المطران أنطونيوس الصوري، ورئيس أنطش سيدة المعونات المارونية في بعلبك الأب شربل طراد، وجاء في عظته: "في إنجيل يوحنا الفصل الثامن، نسمع يسوع يعلن إعلانا صادقا ومحرّرًا في آن معًا، يتكلم مع الفريسيين في الهيكل ويقول لهم: "إن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم"؛ إنها دعوة واضحة إلى الإيمان ولكنها أيضًا تحذير من الضياع ان رفضنا هذا الإيمان. واليوم نقرأ هذه الكلمات وقلوبنا مشغولة بموضوع عزيز على الكثيرين في هذه المنطقة، إكرام العذراء مريم، وفي البقاع تحديدًا، نرى أن هذا الإكرام يجمع بين المؤمنين من مختلف الطوائف رغم كل الإنقسامات، فما العلاقة بين كلام يسوع في هذا النص، وبين إكرام العذراء؟ دعونا نتأمل معًا في ثلاث نقاط: الإيمان الحق يبدأ من فوق لا من أسفل "أنتم من أسفل أما أنا فمن فوق" (آية 23) يسوع يفرِّق هنا بين الإيمان الأرضي الظاهر، وبين الإيمان السماوي العميق".
ورأى ان "إكرام العذراء ليس تقليدا شعبيًّا فقط، ولا عادة عاطفية، بل هو تعبير عن إيمان نقي يأتي من فوق. العذراء مريم لا تكرَّم لأنها رمز طائفي، بل لأنها أطاعت الله بإيمان كامل، وقبلت كلمته في حشاها وسارت معه حتى الصليب، هذا الاكرام هو تذكير لنا ان نوجه انظارنا الى يسوع ابنها كما فعلت تمامًا".
وتابع: "إن لم تؤمنوا أني أنا هو"، العذراء تقودنا إلى يسوع. فقلت لكم: "إنكم تموتون في خطاياكم إن لم تؤمنوا أني أنا هو" (آيه 24) المسيح هنا يعلن بوضوح أن الإيمان به هو طريق الحياة، وهنا تكمن قيمة اكرام مريم الحقيقية، فهي لا تأخذ مكان المسيح، ولا تطلب مجدا لنفسها، بل دائما تقول: "افعلوا ما يقوله لكم". هكذا اليوم، في البقاع، في الكنائس، في البيوت، في المزارات، حين نكرِّم العذراء بصدق هي تقودنا إلى الإيمان الحقيقي بيسوع. "متى رفعتم ابن (الإيمان) الإنسان"، العذراء عند الصليب ونحن معها، عند أقدام الصليب كانت واقفة مريم أمه، فالعذراء كانت حاضرة عند أقدام الصليب، وقفت هناك في الألم، في الرجاء وفي الإيمان. وهكذا نحن في هذه الأرض المتألمة- أرض البقاع- حيث الناس يعيشون القهر والتهجير والضيق، نجد في مريم أمًّا تقف معنا لا تهرب من صلباننا، بل تقودنا إلى المسيح المصلوب".
وأضاف: "ان إكرام مريم العذراء، بمبادرة من أخينا وحبيبنا النائب السابق إميل رحمه، هو فرصة للقاء، لا للإنقسام، للصلاة لا للجدال، لأن من يحب العذراء بحق سيحب ابنها، ويؤمن أنه "هو". صلاتي أن يكون إكرامنا للعذراء مريم في هذه الأمسية، وفي منطقتنا، نافذة مفتوحة نحو الإيمان العميق بيسوع المسيح، ابن الله، مخلِّص العالم".
وختم المطران فرح بالصلاة: "يا مريم يا أم يسوع، علمينا أن نؤمن كما آمنتِ، أن نحب كما أحببتِ، أن نقف مع كل متألم كما وقفتِ عند الصليب، خذينا بيدكِ نحو ابنكِ، لكي لا نموت في خطايانا، بل نحيا به الآن وكل أوان إلى دهر الداهرين، آمين".
رحمه
وبعد القداس، انطلقت مسيرة الصلاة الى مكان التمثال، وتحدث النائب السابق إميل رحمه، فقال: "بالأمس القريب وقفنا هنا لنرحب بالبطريرك العبسي بمناسبة لا أعرف لماذا رأيتها نعمة من الله لمنطقتنا، فعندما شاهدت وسمعت ما قاله سيدنا ميخائيل فرحا شعرت بصدق، بأخلاق عالية، برفعة في أيمانه ومحبته لكل المنطقة ولكل أبناء لبنان دون تمييز، وهذا ما نبغيه ونطالب به، واليوم تمعنت جيدا بما قاله في عظته، فازداد إيماني وتشبثي بشخصه الكريم، وتشبثي بالكنيسة جمعاء مارونية كانت أم أرثوذكسية أم كاثوليكية أم أرمنية أم سرينانية أو أي شيء آخر. نحن كلنا أكثرية بإيماننا، وبعلبك هي لجميع الناس؛ هل سمعتم الترتيلة التي تقول عن كل الناس، رعاية أمنا مريم؟! ليس فقط عن المسيحيين، لأن المسيحية هي لكل الناس، وأي دين قويم هو لكل الناس إذا قرأتموه جيدًا".
ورأى أن "قيمة بعلبك بوحدتها الوطنية، سلاحنا أن نكون أخوة مع صاحب الحق حتى لو كان من غير طائفتنا، وجاء في الإنجيل قل الحق، فالحق يحررك، إنها أحلى مناسبة بالنسبة لي، وقلبي موجود في هذه الساحة بالذات، عندما كنت طفلا كنت أصعد من هذه الطريق "لعند" المرحوم نائب المنطقة السابق خالي مرشد حبشي، أو أسلك ذاك الطريق قاصدا الزعيم حبيب بك المطران، هذه ساحة مباركة لأنها لكل البعلبكيين".
وأشار رحمه إلى أن "فكرة إقامة هذا التمثال هي فكرة خرجت من 4 شباب، أربعة منهم زاروني في دير الأحمر، وعرضوا عليّ الفكرة، هم: محمد الصلح السني والدكتور حسين حسن الشيعي والمهندس ميشال الغصين الماروني، وأنا تلقفتها إلى أن أبصرت النور. أما الشاب الرابع الذي تابع الموضوع فهو المحامي أنطوان ألوف، وهو كاثوليكي".