كتب ابراهيم الامين في" الاخبار": في ما يتعلّق بحزب الله، يبدي الغربيون، وفي مقدّمتهم
الولايات المتحدة، اهتماماً لا يقتصر على الجانب العسكري فقط. فقد سمعوا من مسؤولين كبار في الحكومة
اللبنانية، في مقدّمهم رئيسها نواف سلام الذي عبّر عن دهشته من قدرة الحزب على إنفاق أكثر من مليار دولار خلال أقل من تسعة أشهر أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار.
وأوضح سلام أن الحزب اعتمد آليات لتعويض المتضررين تعكس مستوى عالياً من التنظيم والإدارة، وتؤكد في الوقت نفسه توافر السيولة المالية لديه. وما يجري على الأرض، بحسب ما نُقل، لا يدل إطلاقاً على وجود أزمة مالية حقيقية لدى
حزب الله، بل يوحي بأن طرق تدفّق الأموال إليه من الخارج لا تزال فاعلة، وأنه نجح في الالتفاف على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، أو تلك التي فرضتها مؤسسات مالية وأمنية عربية ودولية.
هذه النقطة بالتحديد تحظى باهتمام خاص لدى
الأميركيين، ولدى توم برّاك شخصياً، والذي وصل به الأمر في مقابلته الأخيرة إلى الحديث عن تدفّق ما يقارب 60 مليون دولار شهرياً إلى حزب الله، داعياً إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذا التمويل. وتزامنت تصريحاته مع كلام منسوب إليه، مفاده أن عملية إعادة الإعمار في الجنوب ستبقى رهينة قرار إسرائيلي، وأنه حتى لو أعلن حزب الله عزمه على عدم انتظار الدولة اللبنانية للبدء بالمشاريع، فإن الظروف الميدانية ستمنعه من تنفيذ خطته.
وفي كلام برّاك تهديد واضح، إذ يشير إلى أن
إسرائيل هي من سيتولى عملياً منع عملية الإعمار، وسط مخاوف متزايدة من اتساع رقعة الاعتداءات
الإسرائيلية لتطاول أكثر من منطقة لبنانية، وليس فقط في القرى الأمامية.
كذلك، فإن مشكلة برّاك ترتبط أيضاً بإحباطه الشخصي. فبدل أن يقرّ بوجود حائط مسدود
في إسرائيل أمام جهوده، عاد ليكرّر معزوفته المعتادة بأنه لم يطلق يوماً أي وعد بقدرته على كبح جماح إسرائيل. وعندما يناقشه المقرّبون في هذا الأمر، يشير إلى ما يحدث في
سوريا، حيث يصطدم مع التوجّه
الإسرائيلي لتقسيمها، مُقِرّاً بأن أركان الدولة في واشنطن يقفون إلى جانب إسرائيل بلا تحفّظ.
ومع ذلك، يحاول القيام بخطوات ذات طابع إداري لتعزيز موقعه، مثل مسعاه لإبعاد مورغان أورتاغوس عن تفاصيل الملف اللبناني، أو إدخال تعديلات كبيرة على فريق مساعديه في تركيا. غير أن برّاك ليس بارعاً في السياسة، وهو ما ظهر جلياً خلال زيارته الأخيرة إلى
لبنان برفقة السيناتور الصهيوني ليندسي غراهام، حيث اضطر إلى
التزام الصمت أمام تصريحات الأخير التي شدّد فيها على أن إسرائيل ليست في موقع تُمارَس عليها الضغوط، بل إن لبنان هو من يجب أن يخضع للإملاءات الأميركية إذا أراد إنقاذ نفسه.