رأى رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ أننا نقترب من "زمن ما بعد الإنسان" حيث تهيمن الآلة على مجالات الحياة كافة، في مقاربة أوردها الكاتب والشاعر والمسرحي بول شاوول، مشيراً إلى أنّ الشركات المتعددة الجنسية والنيوليبرالية التي لا تهدف إلا إلى الربح، هي من يقود هذا التحوّل عبر إقصاء الملايين من البشر عن سوق العمل، والتسابق نحو استثمار ثروات القمر والمريخ وسائر الكواكب.
وأوضح محفوظ أنّ هذه الشركات هي التي تصوغ النظام العالمي الجديد، فيما تسعى
إسرائيل إلى أن تكون شريكته في
الشرق الأوسط، عبر تفوّقها العسكري والتكنولوجي وسعيها إلى التوسع الجغرافي وفرض الهيمنة السياسية والاقتصادية وإزاحة منافسيها الإقليميين، ولا سيما تركيا وإيران. وأكد أن هذا التوجه يحظى بقبول أميركي وتفهّم من أطراف دولية فاعلة مثل
روسيا والصين والهند، في حين تبدو أوروبا ضعيفة ومهمشة عن المعادلات الدولية.
وأضاف أنّ العملية العسكرية
الإسرائيلية على قطر، والتي تمت بعلم واشنطن وربما بمشاركتها، تهدف إلى ضرب علاقة "حماس" بالدوحة ودفعها إلى البحث عن ملجأ جديد، بما يندرج في سياق تكريس النفوذ
الإسرائيلي والحد من الحضور التركي وحركة "الإخوان المسلمين"، وكسر أي محور عربي – إسلامي يعتمد الردع كخيار استراتيجي. وكشف أنّ العامل المستجد في صراع النفوذ الإقليمي قد يكون قيام تحالف
سعودي – باكستاني خارج الحسابات الإيرانية والتركية، لتحصين موقع المملكة بسلاح نووي محتمل.
وأشار محفوظ إلى أنّ واشنطن لم تعترض ولم تؤيد هذا التوجه، خصوصاً مع تحفّظها على مساعي الرياض لتوسيع الاعتراف الدولي بفلسطين، وهو ما يشكّل نقطة خلاف مع الموقفين الأميركي والإسرائيلي الرافضين لحل الدولتين، والذي يراه الرئيس الأميركي
دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "خدمة مجانية لحماس".
وتابع: "في ظل هذا المشهد، تزداد الضغوط الأميركية على
لبنان مع منع إعادة إعماره وتشديد الضغوط على تركيا في
سوريا، في وقت تسعى
السعودية لإعادة ترتيب التوازنات السياسية والاتنية هناك. الغاية من التضييق على لبنان هي دفعه إلى حالة من الموت السريري، وتأليب الرأي العام ضد
حزب الله". لكنه شدّد على أنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون وقائد الجيش رودولف هيكل يدركان خطورة أي مواجهة عسكرية قد تفضي إلى فتنة أهلية تخدم إسرائيل التي تواصل اعتداءاتها واغتيالاتها، فيما واشنطن تنتهج سياسة اللامبالاة.
وختم محفوظ مؤكداً أنّ لبنان يعيش اليوم حالة نزيف حقيقي، في ظل عجز مجلس الأمن الدولي عن وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وفشل أي مبادرة لتغيير الموقف الأميركي. ورغم ذلك، فإن محاولات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتهدئة الداخل اللبناني وفتح الأبواب المغلقة تُعدّ بارقة أمل، خصوصاً أنّ المملكة تملك مقومات تمثيل العالمين العربي والإسلامي، وهو ما يجعل لبنان يفضّل الوصاية السعودية على أي وصاية إسرائيلية، بعدما عاش قروناً طويلة تحت وصايات متعددة.