شارك الوزير السابق للثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، بدعوة من السفارة الروسية والمركز الثقافي الروسي وبمناسبة المئوية الأولى للدبلوماسية الشعبية، في افتتاح معرض للفن التشكيلي في المركز في
فردان بحضور اركان السفارة الروسية ومدير المركز وحشد من الفنانين التشكيليين اللبنانيين والروس وكانت له كلمة في المناسبة قال فيها:" تاريخ البشرية كلّه حكايتان: واحدة دوّنها أعداء الانسانية وما يزالون حروباً بأحرف من نار ودمار، وأخرى كتبها ملتزمو الحريّة والقيم والسلام حضارات وفلسفات وعلوما وآدابا وفنونا جميلة ومواجهات بطولية".
وتابع: " أما آثار اصحاب الحروب فتنتهي مع اصحابها الى مزبلة التاريخ، وأما آثار الآخرين فتبقى مع اعمالهم حيّةً محمودةً ما بقيت البشرية. هذه المقولة تطل على بالي عند كل استحقاق ثقافي، كهذا الذي نحن فيه، يبعث في القلب دفئاً أو يضيء في الأسماع نوراً ".
واستعرض المرتضى تاريخ العلاقات الثقافية الروسية
اللبنانية، فقال: "أنها علاقات ترقى إلى قرون عديدة، بدأت منذ التواصل الديني بين كنيستي أنطاكية وموسكو الأرثوذكسيتين، وتعمّقت كثيراً عبر النشاط التعليمي الذي نشرته في بلادنا المدارس المسكوبية، وعبر الترجمات التي نقلت إلى اللسان العربي روائع الأدب الإنساني الروسي، من روايات وسير وتأريخ وغيرها ذلك، وعبر الموسيقى والمعارض الفنية والبعثات التعليمية التي ذهب خلالها الشباب اللبناني منذ أوائل القرن الماضي إلى الجامعات السوفياتية والروسية طلباً للتخصّص في مختلف المجالات. نتيجة ذلك أن أصبحت في نفس كل مثقفٍ حقيقي عربي أو لبناني زاوية مليئة بما أنتجته
روسيا من جمال وفكر وفن وطرائق عيش وإنتاج. بل وكما اشير على الدوام لعل العلاقات الروسية اللبنانية المبنية منذ الأساس على المعطى الثقافي، فريدة في نوعها بين الأمم، لأنها سبقت فعلياً المعطيات السياسية والاقتصادية والمصالح المادية المشتركة التي غالبا ما تكون أساس علاقات الدول".
وتابع: "يلفتني في هذا المجال، أن مبنى سفارة روسيا الاتحادية في
بيروت قائم حيث كان منزل "الماما ماريا"، تلك السيدة الروسية التي، قبل الحرب العالمية الأولى، صرفت جل عمرها في
لبنان عاملة على بناء المدارس المسكوبية وتعليم اللبنانيين من جميع الأديان والمذاهب والمناطق، حتى بلغ مجموع ما بنته روسيا القيصرية أربعين مدرسة على امتداد لبنان وحده دون
سوريا وفلسطين. إن هذا التماهي بين منزل المعلمة وسفارة الدولة، يشي بالترابط بين الثقافة والسياسة في عمق وجدان المجتمع الروسي، فكأنه رسالة تقول: إن الثقافة هي الركن الذي يجب أن تشاد عليه السياسة، أي سياسة".
ونوّه المرتضى بالجهود الروسية الراهنة في المضمار الثقافي، وقال: " أما في أيامنا الراهنة، فلا بد من التنويه بما بذلته وتبذله الدولة الروسية لا سيما على مستوى محاربة الآفّات الأخلاقية والاجتماعية التي تحاول اوكار الشرّ في هذه الدنيا تصديرها تسللاً الى مجتمعاتنا من اجل ان تعيث في النفوس والعقول خرابا، وايضاً في دعم الثقافة بمختلف الوانها وايلاء التعاون الثقافي بين الدول اهتماماً خاصاً وهذا ما شهدته شخصيّا ابّان فترة ولايتي الوزارية سواء بالتعاون الداخلي مع السفارة ااروسية وسعادة السفير روداكوف ام في الاتفاقيات التي ما برحنا ننتظر من المعنيين في لبنان تفعيلها وقد ابرمناها مع وزارة الثقافة الروسية ام في المؤتمرات الدولية التي شاركنا فيها لا سيما في سان بطرسبورغ والتي لمسنا خلالها حجم الدعم والعناية والرعاية التي يوليها الرئيس
بوتين للتعاون الثقافي الدولي والتي عبّر عنها بحضوره الشخصي في كل من هذه المؤتمرات".
وفي الختام، توّجه المرتضى بالشكر الى الفنانة التشكيلية الروسية اللبنانية سارة سيرجيينكو على جهودها في تنظيم هذا المعرض، وقال: "الشكر كل الشكر للعزيزة سارة وتحياتي اليكم ايها التشكيليون الأحبة، مبارك معرضكم هذا وتحياتي ايضاً الى القيّمين على هذا الصرح الذين لا يألون جهداً لتثبيت التعاون الثقافي بين دولتينا وتنميته وتوسيع مجالاته".