نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدثت فيه عن مسألة نزع سلاح حركة "حماس" في غزة، وذلك في إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تهدف لإنهاء الحرب هناك.
وفي تقريرها الذي ترجمهُ "لبنان24"، قالت الصحيفة إنه "مع المناقشات الجارية في مصر حول خطة ترامب للسلام في غزة، يجدر بنا أن نتأمل ما يمكن أن يُخبرنا به التاريخ حول كيفية نزع سلاح حماس. فعلياً، سيكون نزع سلاح الحركة إحدى القضايا الرئيسية التي ستُناقش".
وتابع: "إنّ النظر إلى بعض عمليات نزع السلاح الأخيرة، ودراسة ما نجح وما فشل في تحقيق السلام، يمكن أن يُساعد في التحضير بشكل أفضل لنزع السلاح الناجح في غزة، ويمكن أن يكون التعمق في التاريخ مفيداً لما قد يحدث في غزة".
وتحدث التقرير عن حالة لبنان، قائلاً إن الأخير "لم ينجح بعد في نزع سلاح حزب الله"، وأضاف: "لعلّ من أحدث الأمثلة على محاولات نزع السلاح ما يُبذل حالياً في لبنان من جهود لنزع سلاح حزب الله. لقد سيطرَ الحزب المدعوم من إيران على جنوب لبنان لعقود، وتعود جذوره إلى حرب لبنان الأولى، عندما تأسس الحزب لمواجهة غزو إسرائيلي كان يهدف إلى وقف هجمات منظمة التحرير الفلسطينية على إسرائيل".
وأكمل: "بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، حلّ حزب الله محلّ الحكومة اللبنانية غير الفعّالة في أجزاء من البلاد، مسيطراً على التعليم والرعاية الصحية والإعلام وغيرها. كذلك، جرى اعتبار عناصره أقوى من الجيش اللبناني، ما يعني استحالة مواجهة نفوذه من داخل البلاد، رغم قراري مجلس الأمن الدولي لعامي 2004 و 2006 اللذين يقضيان بنزع سلاح الميليشيات غير الحكومية في لبنان".
وأضاف: "في أيلول 2024، شنّت إسرائيل عمليةً أسفرت عن مقتل أعضاء من حزب الله، ومسؤولين رفيعي المستوى فيه أبرزه أمينه العام السابق السيد حسن نصرالله".
وذكر التقرير أنّ "اغتيال نصرالله شكل صدمةً لحزب الله، لكنه لم يكن نهاية العملية الإسرائيلية"، وتابع: "بعد أيام، دخلت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، وتحركت شمالًا بسرعة، بينما كان حزب الله، الذي ضعف، عاجزاً عن وقف الغزو. وبحلول نهاية تشرين الثاني 2024، تم الاتفاق على وقف إطلاق نار بوساطة اميركية وفرنسية، بشروط تشمل نزع سلاح حزب الله. من ناحيتها، قبلت الحكومة اللبنانية، الساعية لاستعادة السلطة، الاتفاق ومسؤولية نزع سلاح الجماعة الإرهابية الشيعية التي سيطرت على البلاد لعقود".
واستكمل: "منذ ذلك الحين، بدأ الجيش اللبناني خطواتٍ تمهيديةً لتمهيد الطريق لعملية نزع السلاح، دون مقاومةٍ ظاهرةٍ من حزب الله. مع ذلك، رفض الحزب صراحةً نزع السلاح، متعهداً بالاحتفاظ بأسلحته ووجوده في لبنان. وفعلياً، سيصعّب الدعم القوي الذي يحظى به من الشيعة في لبنان على الحكومة اللبنانية القضاء على حزب الله بالكامل".
وتحدّث التقرير عن أمثلة أخرى على نجاح نزع السلاح في التاريخ الحديث، مشيراً إلى أن هذا الأمر حصل في إندونيسيا من خلال حركة آتشيه الحرة، وأضافت: "لقد سعت الحركة إلى استقلال إقليم آتشيه في إندونيسيا، وقاتلت حكومة الدولة بين عامي 1976 و 2005".
وأكمل: "في العقد الأول من القرن الـ21، تضررت الحركة بشدة جراء حملة قمع حكومية وكارثة طبيعية. بعد أن ضرب تسونامي آتشيه، ضعفت الحركة واضطرت إلى التفاوض مع الحكومة، ووافقت على حل نفسها مقابل تمثيل آتشيه وفوائد اقتصادية للمنطقة، بما في ذلك الاحتفاظ بـ 70% من دخل المنتجات المحلية. وإثر ذلك، تمَّ توقيع اتفاق السلام رسميا في عام 2005، ونصَّ على أن حركة آتشيه الحرة سوف تنزع سلاحها، وأن الحكومة سوف تسحب القوات العسكرية والشرطية غير المحلية، وأن لجنة مستقلة سوف تشرف على نزع سلاح أعضاء حركة آتشيه الحرة وإعادة دمجهم في المجتمع".
واستكمل: "بعد ذلك، تمَّ حل الجناح العسكري لحركة آتشيه الحرة عام 2005 على الفور، لكن الجناح السياسي للحركة لا يزال قائماً. وبعدها، عاد مؤسس الحركة، حسن دي تيرو، إلى إندونيسيا من منفاه عام 2008، مما سلّط الضوء على نجاح مبادرة السلام".
وتابع: "لقد تم تسهيل عملية نزع السلاح بنجاح من قبل لجنة مستقلة، وتم تحقيق السلام والمصالحة بين أعضاء حركة آتشيه الحرة وشعب آتشيه والحكومة الإندونيسية".
التقرير تطرق إلى عملية نزع السلاح في الفلبين، واصفاً إياها بالخطوة التي لم تحظَ بالنجاح، وأضاف: "عام 2015، بدأ نزع سلاح جبهة تحرير مورو الإسلامية في القلبية، وهذه الحركة هي جماعة مسلحة انفصلت عن جبهة تحرير مورو الوطنية التي سعت إلى إقامة منطقة حكم ذاتي لشعب مورو في مينداناو، منفصلة عن الحكومة المركزية".
وأضاف: "نشطت جبهة تحرير مورو الإسلامية بين عامي 1977 و 2014، ونفّذت هجمات واغتيالات، معلنةً الجهاد ضد الحكومة ومواطنيها وكلّ من يدعمها. ورغم عدم انتمائها الرسمي إلى تنظيم القاعدة".
وأكمل: "في حين قبلت جبهة تحرير مورو الوطنية اتفاقياتٍ للحكم الذاتي شبه المستقل عام 1987، رفضت جبهة تحرير مورو الإسلامية، وواصلت عمليات التمرد. مع هذا، فقد وُضع اتفاقٌ لوقف إطلاق النار بين حكومة مانيلا وجبهة تحرير مورو الإسلامية عام 1997، ثم ألغاه الجيش الفلبيني عام 2000. وفي عام 2005، وفي خضمّ استئناف مفاوضات السلام، هاجمت جبهة تحرير مورو الإسلامية القوات الحكومية، مما أدى إلى إحباط محادثات وقف إطلاق النار".
وقال: "في عام 2011، تراجعت جبهة تحرير مورو الإسلامية عن مطالبها بالاستقلال التام، وسعت إلى إقامة دولة فرعية داخل الفلبين. وفي عام 2014، وقّعت جبهة تحرير مورو الإسلامية والحكومة اتفاقية سلام تهدف إلى إنشاء كيان إسلامي مستقل (بانغسامورو) بحلول عام 2016، مقابل حل قوات جبهة تحرير مورو الإسلامية".
وتابع: "كان من المقرر أن تُسلّم جبهة تحرير مورو الإسلامية أسلحتها النارية إلى طرف ثالث يُختار بالاتفاق مع الحكومة. في عام 2015، بدأت عملية نزع السلاح، وفي عام 2021، سُرّح 12 ألف مقاتل؛ ومع ذلك، حتى عام 2023، لم يتم نزع سلاحهم بالكامل. وحالياً، لا تزال جبهة تحرير مورو الإسلامية تسيطر على معظم مينداناو، وتنشط في بانغسامورو. ومع ذلك، فهي في سلام مع حكومة الفلبين، ولم تُحرز جهود نزع السلاح وإحلال السلام سوى نجاح محدود".
وذكر التقرير أنه في إندونيسيا، لم يكن نزع السلاح ممكناً إلا من خلال هيئة مستقلة تم إنشاؤها بالكامل لتسهيل عملية نزع السلاح، وأضاف: "في المقابل، فشلت محاولة نزع السلاح في لبنان والفلبين جزئياً لعدم وجود هيئة مستقلة تُشرف عليها".
وأكمل: "يُظهر لبنان والفلبين محاولاتٍ لنزع سلاح جماعات مُتجذّرةٍ في البنية التحتية وإدارة شؤون المنطقة. مع هذا، يُعتقد أن النجاحات المحدودة حتى الآن في نزع سلاح الجماعات المسلحة بالكامل، أكثر فائدةً لفهم كيفية نزع سلاح حماس مثلما جرى في إندونيسيا، إذ يتضمن الأمر صراعاً لتجاوز سيطرة الميليشيات التي تلعب دوراً كبيراً في المجتمع".
وختم: "تتضمن خطة ترامب المكونة من عشرين نقطة الكثير من التصريحات حول تفكيك حماس ونزع التطرف في غزة، لكنها تفشل بشكل حاسم في شرح كيفية تحقيق ذلك. مع ذلك، يُعدّ إدخال نظام حكم جديد خطوة مهمة نحو نزع التطرف، لكنه لا يُطبّقه فعلياً. أيضاً، تنص النقطة الثامنة عشرة على إقامة حوار بين الأديان، لكنها لا تُفصّل كيفية تحقيق ذلك. مع هذا، ينبغي أن تكون العبرة من الإخفاقات في لبنان والفلبين هي الاستعداد لإحداث التغييرات التي نرغب في رؤيتها، لا مجرد المطالبة بها".