كتب ميشال نصر في " الديار": تدخل الساحة المسيحية
اللبنانية مرحلة شديدة الحساسية، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقررة عام 2026، في ظل احتدام المنافسة بين ثلاثي، مختلف الخيارات والرؤى، يمثله كل من سمير جعجع وجبران باسيل وسامي الجميل، مجسدا أوجه المشهد المسيحي المتناقض بين السيادة والتحالف، بين الإصلاح والمعارضة، والذي يخوض معركة تتجاوز الأرقام والمقاعد، لتطال مركز ثقل الزعامة الماروني،
يقف الناخب المسيحي أمام اختبار صعب بين الماضي والمستقبل، حيث لا تبدو المواجهة بين جعجع وباسيل والجميل مجرد تنافس انتخابي، بل صراع هوية سياسية يحدد من يمثل المسيحيين في المعادلة الوطنية: هل هو "
التيار السيادي" الذي يتزعمه جعجع؟ أم
تيار "التغيير والاصلاح" الذي يمثله باسيل؟ أم "تحالف العهد" الذي يطمح إليه سامي الجميل؟
مصادر سياسية مسيحية رأت انه من الواضح ان سمير جعجع، الذي أظهرت انتخابات 2022 تقدّم حزبه على حساب "
التيار الوطني الحر" في عدد المقاعد، يطمح لتثبيت هذا التفوق في انتخابات 2026، وتحويله إلى تفويض سياسي يكرّسه كأقوى زعيم مسيحي، ولحجز مقعده كمنافس اساس في السباق الى بعبدا، في حال استمرت وتيرة التغييرات التي تشهدها المنطقة، مراهنا على شعارات السيادة ورفض سلاح
حزب الله، إلى جانب خطاب اقتصادي واجتماعي يقوم
على استعادة مؤسسات الدولة ووقف الهدر والفساد، ساعيا لبناء تحالفات مناطقية مع قوى سنية ومستقلة في البقاع والشمال، إضافة إلى تعزيز حضوره في دوائر جبل
لبنان، حيث تتقاطع الحسابات المسيحية والدرزية، رغم ان التحدي الأبرز يبقى في كيفية توسيع قاعدته خارج "البيئة القواتية" التقليدية، إذ يتخوف المقربون منه من ابقاء "القوات كزعيمة للمعارضة"، من دون أن تتمكن من تحويل قوتها النيابية إلى قدرة حقيقية على المشاركة في السلطة، أو إنتاج رئيس
جمهورية جديد يتبنى مشروعه، غامزين في هذا الاطار من قناة بعبدا.
اما بالنسبة للنائب جبران باسيل، فهو يدخل الانتخابات من موقع دفاعي، وفقا للمصادر، فالرجل الذي شكّل يوماً محور السلطة، يحاول اليوم فك العزلة والحصار اللذين عانى منهما، عبر سلسلة من الجولات المناطقية، التي نجحت في تحقيق بعض من اهدافها وان بشكل نسبي. من هنا، يرى باسيل في الاستحقاق المقبل معركة وجودية تهدف إلى الحفاظ على حجم كتلته النيابية، ومنع خصومه من انتزاع جزء من الشرعية المسيحية الذي يتمتع به. لذلك، يخطط "
التيار الوطني الحر" لحملة انتخابية تركز على "حقوق المسيحيين" وعلى خطاب إصلاحي جديد، منفصل عن إرث العهد الذي تآكلت صورته، مظهرا نفسه ضحية المنظومة ومؤامرات الداخل والخارج، محاولا استنهاض القاعدة العونية التقليدية التي تشعر بفقدان الزعامة، بعد خروج
العماد ميشال عون من المشهد، يساعده في ذلك "الكيدية" التي يتعامل فيها العهد معه حتى الساعة، والتي حصدت له تعاطفا كبيرا في الشارع.
اما في المقلب الثالث فيتحرك سامي الجميل بثقة متزايدة، على ما تكشف المصادر، مقدما نفسه كزعيم الجيل الجديد، ووريث تاريخ "الكتائب" بنسخة إصلاحية، تجمع بين الالتزام السيادي والنزعة التغييرية، والاهم الداعم الاساسي للعهد و"درعه الحامي" سياسيا، رغم ادراكه أن معركته ليست فقط ضد باسيل وجعجع، بل ضد الاستقطاب الثنائي الذي يهيمن على الساحة المسيحية، وهو ما يحاول كسره من خلال بلورة جبهة سياسية تضم النواب "التغييريين" وبعض الشخصيات المستقلة، عرابها مقربون من الرئاسة الاولى.
من الصعب جدا في هذه المرحلة تحديد هوية الرابح الأكبر، رغم ان الاتجاهات الأولية تشير إلى توازن نسبي بين جعجع وباسيل، مع تقدم ملحوظ لـ "الكتائب" في بعض الدوائر...
Sent from my iPhone