Advertisement

لبنان

هل يتعظّ "حزب الله"؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
11-10-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1428000-638957698205987532.jpg
Doc-P-1428000-638957698205987532.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
ماذا يمكن أن يُفهم من كلام مستشار المرشد الإيراني، الذي قال بأن بدء الهدنة في غزة قد يكون تمهيدًا لنهاية الهدنة في مكان آخر، وهل يقصد أن جبهة لبنان، التي هدأت نسبيًا بعد 27 تشرين الثاني الماضي، ستعود إلى الاشتعال، وهل هذا الكلام يتناسب مع المناخ التسووي السائد حاليًا في المنطقة بعد أن يستتب الأمن في قطاع غزة، وبعد أن تهدأ الجبهة الغزاوية، وهل أن فيه قطبة مخفية لا تزال عالقة في المفاوضات الجارية، وإن في شكل غير رسمي وغير علني، بين واشنطن وطهران؟
Advertisement
أسئلة لا بدّ من أن تجيب عنها القيادة السياسية في "حزب الله"، التي تتعارض نظرتها إلى المستجدات، كما هو ظاهر للعيان، مع نظرة القيادة العسكرية، التي تصرّ على رفض تسليم السلاح إلى الدولة، وتحاول بالتالي أن تفرض رأيها على "الفريق المعتدل" داخل الكادر الحزبي، والذي يدعو إلى قراءة متأنية وموضوعية وبعيدًا عن الشعبوية للتطورات في غزة، وما سيلي خطوة تثبيت الهدوء في القطاع من خطوات لاحقة وملحقة، والتي تضمنتّها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
من حيث الوقائع الميدانية والسياسية، يبدو أن "حزب الله"، بشقّه السياسي، يتابع ما يجري في غزة بدقة كبيرة، بل يعتبر أن ما حصل هناك هو نموذج لما قد يواجهه أي طرف يعتمد على القوة العسكرية وحدها في مواجهة إسرائيل من دون غطاء سياسي وديبلوماسي متين. فالحرب على غزة أظهرت أن التفوق العسكري الإسرائيلي، وعلى رغم فشله في كسر إرادة المقاومة، نجح في تحويل الانتصارات التكتيكية إلى دمار استراتيجي شامل، وهذه النتيجة يدركها الحزب جيداً، ويعمل على تداركها بشتى الوسائل.
وفي التحليل الديبلوماسي فإن ما أدلى به مستشار المرشد الإيراني يدخل في إطار الحرب النفسية، في محاولة من النظام الإيراني كي يثبت للجانب الأميركي بأنه لا يزال يملك نقاط قوة على الأرض، وبالأخصّ على الساحة اللبنانية، وأن "المقاومة الإسلامية" لا تزال قادرة على المواجهة من جديد بعدما استعادت جزءًا كبيرًا من قدراتها القتالية. إلاّ أن هذا لا يعني بالضرورة أن الجبهة الجنوبية ستُفتح من جديد، خصوصًا أن البيئة الحاضنة لها لم تعد في مستوى الاستعداد لمواجهة جديدة مع الآلة الإسرائيلية.
فلبنان، في رأي أوساط ديبلوماسية، هو الساحة الأكثر حساسية لأي تطور في غزة، لأن "حزب الله" يُعتبر الامتداد العسكري والسياسي الأبرز للمحور الداعم للمقاومة الفلسطينية. وهذا الأمر يقلق المسؤولين اللبنانيين، الذين رحبّوا بما تمّ التوصّل إليه من تسوية بين حركة "حماس" والجانب الإسرائيلي، لأن من شأن تخفيف الضغط على الجبهة الغزاوية أن يزيد الضغط على الجبهة اللبنانية، مع تخّوف دائم من انتقال الحرب إلى لبنان إذا قررت إسرائيل توجيه ضربة واسعة لـ "حزب الله" بذريعة ردعه أو تحييده، خصوصًا إذا لم تقرأ القيادة الحزبية جيدًا في ما بين سطور التطور الغزاوي.
إلاّ أن ثمة رأيًا آخر يقول بأن أي تهدئة في غزة قد تخفّف الضغط عن الجبهة اللبنانية وتتيح استعادة الحد الأدنى من الاستقرار. وهذا ما تسعى إليه الولايات المتحدة الأميركية.

لا شكّ في أن التهدئة على الجبهة الغزاوية قد رسّخت لدى بعض اللبنانيين ثابتة تقوم على مبدأ تحييد لبنان عن أي صراع أو عن أي تطور آخر، لأن في لبنان مشاكل لا تعدّ ولا تُحصى، فيما يرى آخرون أن صمود المقاومة في أي وقت من الأوقات هو جزء من الأمن القومي.
من هنا، فإن الحكومة اللبنانية تجد نفسها في موقع العاجز. فهي لم تستطع أن تمنع "حزب الله" من إضاءة صخرة الروشة، فكيف تستطيع أن تفرض عليه بألا يزج لبنان مرّة جديدة في حرب لا هوادة فيها هذه المرّة، وبالتالي هي غير قادرة على تحمّل  تبعات أي مواجهة مفتوحة جديدة.
في المقابل فإن المبادرات الدولية تجاه لبنان ستتأثر سلبًا، إذ أن الغرب يربط أي دعم سياسي أو اقتصادي بمدى التزام الدولة اللبنانية بسياسة "النأي بالنفس" وضبط الحدود.

وليس سرًّا القول بأن استجلاب التوتر مرّة جديدة سيضرب القطاع السياحي والاستثماري الذي يشكل آخر متنفس اقتصادي للبنانيين. هذا ما حصل بالأمس القريب. وهذا ما سيحصل في الغد القريب إن لم تُبرَّد الرؤوس الحامية. وستدفع المناطق الجنوبية الثمن الأكبر، وهي التي لا تزال تعاني فيما يعضّ أهلها على الجراح.
ثمة قناعة بأن أي حرب شاملة ستؤدي هذه المرّة إلى انهيار ما تبقّى من بنية الدولة التي تعاني أصلاً من أزمات مالية ونقدية خانقة. فلبنان مقبل على مرحلة جديدة على وقع ما يحصل في غزة. فإذا أحسن اللبنانيون التعامل مع المعطيات المستجدّة يضمنون بأنهم قادرون على حجز مقعد لهم، وإن لم يكن متقدّمًا، في قطار الحلّ الشامل. أمّا إذا بقي قرار الحرب والسلم خارج السلطة الشرعية فسيبقى لبنان معلقًّا بحبال الهواء إلى أجل غير مسمّى، خصوصًا إن لم يتعظ "حزب الله" من تجربة غزة. فهو يريد أن يبقى جزءًا من المعادلة الإقليمية، ولكن في الوقت ذاته، بأقل كلفة ممكنة بالنسبة إلى مستقبله.
ومن هذه الزاوية يمكن أن يُفهم موقف "الثنائي الشيعي" من الانتخابات النيابية المقبلة. (للبحث صلة)
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas