نجح الرئيس الأميركيّ
دونالد ترامب في إيقاف الحرب في غزة، واتّفقت حركة "حماس" وإسرائيل على وقف الأعمال القتاليّة وتبادل الأسرى والمحتجزين. وبعد إنتهاء المعارك الدامية في فلسطين، تتّجه الأنظار إلى
لبنان واليمن والعراق وإيران، وما ستُقدم عليه الإدارة الأميركيّة في هذه البلدان، حيث لا تزال طهران تتمتّع بنفوذ قويّ وتُهدّد الأمن الإسرائيليّ، بعد تلويح "
حزب الله" بأنّه يستعيد عافيته وجهوزيته لأيّ عدوان، واستمرار الحوثيين في إطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ، باتّجاه المستوطنات والمدن الإسرائيليّة.
وبالتوازي مع عملها على التهدئة في غزة، تضغط إدارة الرئيس
ترامب على الحكومة في لبنان، من أجل الإسراع في نزع سلاح "حزب الله"، وخصّصت مُساعدات عسكريّة للجيش في هذا السياق، لتفكيك البنى التحتية التابعة لـ"الحزب". ولا يزال الموفدان الأميركيان توم برّاك ومورغان أورتاغوس يُتابعان ملف ترسانة "المُقاومة"، ما يُؤكّد أنّ هذا الموضوع يُوليه الأميركيّون أهميّة كبيرة، لأنّهم يعتقدون أنّ إنهاء الحرب في غزة وإعادة إعمار القطاع المُدمّر غير كافٍ، إنّ بَقِيَ "حزب الله" موجوداً على حدود فلسطين المحتلّة، وعزّز عتاده العسكريّ وصواريخه ومسيّراته، لمُواكبة التقدّم الإسرائيليّ.
أما في ما يتعلّق باليمن، فإنّ الحوثيين الموالين لايران ، لا يزالون وحدهم في مُواجهة مباشرة مع
إسرائيل، ويُشكّلون خطراً على أمن الإسرائيليين، عبر إطلاق المسيّرات والصواريخ. وحتّى الآن، لم تنجح الضربات الأميركيّة والإسرائيليّة والبريطانيّة في وضع حدٍّ لقدرات "أنصار الله"، وهم مستمرّون في معركتهم مع الجيش الإسرائيليّ، علماً أنّ شرطهم لوقف أيّ هجوم على المناطق داخل فلسطين المحتلّة، مُرتبط بإنهاء المجازر بحقّ الغزاويين.
وفي العراق، تجدر الإشارة إلى أنّ الفصائل المُواليّة لإيران هناك، شاركت في قصف أهدافٍ إسرائيليّة وأميركيّة في أولى أشهر الحرب على غزة، لكنّها انسحبت من المُواجهة، لعدم تعريض البلاد إلى مخاطر هي بغنى عنها. في المقابل، المّح رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو إلى أنّ دور هذه المجموعات آتٍ، لأنّ خطرها على الأمن الإسرائيليّ كبير، وإذا لم تُعالج تل أبيب مُشكلة سلاحها قريباً جدّاً، فإنّها ستُطوّر قدراتها في
المستقبل، وتُصبح كـ"حزب الله" في لبنان، قوّة في
الشرق الأوسط تُطوّق الإسرائيليين.
وفي هذا الإطار، تعتبر إسرائيل ومعها الولايات المتّحدة الأميركيّة، أنّ
إيران هي الراعي لهذه الفصائل، وإنّ تمّ إستهداف هذه المجموعات وإضعافها والقضاء على ترسانتها العسكريّة، تكون قد أضعفت النظام الإيرانيّ، ما يفتح لها الباب من جديد في ضرب العمق في طهران. فصواريخ الحرس الثوريّ البالستيّة هي خطرٌ فعليّ على سكان المستوطنات والمدن الإسرائيليّة، وقد أثبتت حرب الـ12 يوماً في حزيران الماضي، أنّ لا قدرة لدى تل أبيب على إعتراضها كلّها، وأنّ ما قامت به من عمليّات في الأراضي الإيرانيّة، لم يكن كافياً لتدمير كافة مستودعات الصواريخ وقواعد إطلاقها.
وعلى الرغم من أنّ إسرائيل توصّلت إلى ما تُريده في غزة، ولا تزال تستهدف أبرز قيادات "حزب الله" في لبنان، ولا يُمكن مُقارنة الغارات التي تشنّها على اليمن بعمليّات الحوثيين البسيطة، فإنّ إنهاء الحرب في فلسطين لا يعني عودة الإستقرار إلى المنطقة بالنسبة تل أبيب وواشنطن. من هنا، فإنّه بعد نزع سلاح حركة "حماس"، ستكون أنظار ترامب ونتنياهو مُوجّهة بشدّة إلى "الحزب" و"أنصار الله" والفصائل العراقيّة، وأيضاً إيران، لمنعها من النهوض بعد الضربات التي تلقتها في حزيران الماضي.