يعيش
لبنان مرحلة شديدة الحساسية بين ضغوط الخارج وانقسام الداخل، في مشهدٍ سياسي وأمني متشابك، تتقاطع فيه الغارات
الإسرائيلية على الجنوب مع تصاعد السجالات الداخلية بشأن قانون الانتخابات وملف السجناء السوريين.
كما ان اليومين السابقين اللذين أعقبا الغارات الإسرائيلية على بلدة المصيلح، رفعا من وتيرة المخاوف
اللبنانية إلى ذروتها حيال ما انبرت إليه
إسرائيل بالنار الثقيلة الحارقة لإفهام "
حزب الله" في المقام الأول ومن ثم لبنان كله والدول المعنية بمساعدته ودعمه تالياً، بأنها تفصل وتعزل عزلاً تاماً كل مفاعيل "اتفاق غزة" الجاري تنفيذ المرحلة الأولى منه، عن الوضع في لبنان، حيث باتت المخاوف تزداد مشروعية من حيال ولوج البلد مرحلة تسخين متدحرجة خلافاً للمسار السلمي الموعود انطلاقاً من "سلم غزة".
وتوعد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو "حزب الله" بقوله: ما زالت امامنا تحديدات امنية كبيرة جداً، البعض من اعدائنا يحاولون التعافي لضربنا من جديد.. لكننا سنتولى أمرهم ولم يكشف عن المزيد..
وكتبت" النهار": حجم الخسائر الفادحة الذي خلفته الغارات الإسرائيلية الحارقة على المصيلح لم يكن وحده المؤشر المثير للمخاوف من دلالات هذا التطور، بل أيضاً في كونها الغارات الأوسع على لبنان منذ اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 من جهة، وفي استهدافاته السياسية والميدانية من المقلبين الإقليمي واللبناني. إذ أن تدمير عدد غير مسبوق من الآليات في قطاع البناء بدا ترجمة لرسالة إسرائيلية واضحة بمنع البناء وإعادة الإعمار على نطاق واسع يتجاوز جنوب الليطاني. كما أن توقيت الغارات الأعنف وسط الاستعدادات لتظاهرة ديبلوماسية عالمية ستشهدها قمة شرم الشيخ اليوم احتفاء ببدء تنفيذ اتفاق غزة، شكّل الهدف الذي يفترض أن يقلق لبنان إلى حدود قصوى أيضاً. وما استقرأه معظم المراقبين والمعنيين من الغارات على المصيلح، أن إسرائيل أبلغت لبنان مباشرة عزل أي تأثيرات إيجابية لاتفاق غزة عن الوضع في لبنان، بمعنى ترك الميدان اللبناني مفتوحاً أمامها ما دام سحب السلاح تماماً ونهائياً من "حزب الله" لم ينجز ولن ينجز قريباً. الأمر الذي يضع لبنان مجدداً أمام اختبار شديد الحرج والدقة. كما أن رفع وتيرة الاستعراضات والمزيدات والهجمات العبثية على الحكومة من جانب "حزب الله" والمراجع "الصادحة" باسمه، كالمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي راح يحرض على الدولة، كل ذلك لا يشكل إلا الوجه الأخطر المتمادي في فلش مزيد من الذرائع أمام إسرائيل وعرقلة مسار حصرية السلاح بيد الدولة.
وكتبت" الاخبار": واعتبرت مصادر سياسية أن الاستهداف كانَ رسالة إسرائيلية واضحة بأن الإعمار ممنوع، وقالت إن المشهد الذي
شاهده الناس، هو «مسار مُكمِل لخطة غزة، حيث إنه من غير المسموح للبنان أن يبقى في مقاعد المحايدين عن عملية السلام في المنطقة»، واضعة التصعيد في إطار «عودة المطالبات الدولية لبنانَ بالانخراط في هذه العملية، وفقَ ما كان قد تحدّث به وزير الشؤون الإستراتيجية في الكيان رون ديرمر، ونقله مسؤولون أمميّون إلى أركان الحكم في لبنان، وهم قالوا، إن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو «وضعَ على طاولته اتفاق 17 أيار وهو جاهز للانطلاق منه، وإن المطلوب من لبنان الانخراط في عملية تفاوض مباشرة مع إسرائيل لحلّ النقاط العالقة بينهما كما هو حاصل مع
سوريا التي انخرطت في عملية تفاوض وأصبحت قريبة من توقيع اتفاق أمني مع إسرائيل، لكنّ السلطة في لبنان لم تتجاوب مع الطلب وأكّدت أن لا مجال حالياً لأي مفاوضات تطبيع نظراً إلى الكثير من الاعتبارات الداخلية».
واعتبرت مصادر وزارية أن التدمير الذي حصل هدف إلى القول للدولة اللبنانية وللناس، إنه «لن يُسمح لهم بإعادة إعمار قراهم المُهدّمة قبل الموافقة على الطلب الإسرائيلي»، وكشفت أن «المنشآت التي استُهدِفت كانت الدولة تنوي التعاون معها للبدء بعملية تأهيل للبنى التحتية في 38 بلدة جنوبية، وأن هذا المشروع كان سيُموّل من قروض قديمة جمعتها الحكومة بقيمة 100 مليون دولار».
وجاء في افتتاحية" نداء الوطن"أن الملف الأمنيّ قفز إلى الواجهة بعد غارات المصيلح، وكثف لبنان الرسمي اتصالاته وبرز في هذا الإطار موقف متقدّم لرئيس الجمهورية حيث يستمرّ في موقفه الداعي لحصر السلاح، والمُطالِب لمن دخلوا "حرب الإسناد" نصرة لغزة، بأن يشاهدوا ماذا فعل من ساندوهم ويقفوا الموقف نفسه ويتقدّموا خطوة إلى الأمام باتجاه مساندة الدولة والشرعية التي وحدها تحمي، ويباشروا بالتعاون من أجل حصر السلاح، وبالتالي يعتبر هذا الموقف دعوة صريحة من الرئيس عون لـ "حزب اللّه" من أجل الابتعاد عن إدخال لبنان بمشاكل المنطقة والمباشرة بحصر السلاح لأن العناد قد يوصل إلى نتائج كارثية.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان لبنان والعالم ما زال تحت تأثير اتفاق وقف اطلاق النار في غزة وترى ان انعكاسات هذا الإتفاق ستتظهَّر مع مرور الوقت.
وقالت المصادر ان هناك عدة ملفات تتم متابعتها رسمياً لاسيما بالنسبة الى الاعتداءات الاسرائيلية والتي تعرقل وفق المسؤولين اللبنانيين تنفيذ خطة الجيش في حصرية السلاح.
مصادر مقرَّبة من «الثنائي الشيعي» استبعدت انفجار الوضع مجددا بين اسرائيل وحزب االله، والاستمرار بظروف المراوحة الحالية، بانتظار موقف
الولايات المتحدة وفرنسا والدول الضامنة لوقف النار.
ودعت المصادر الى انتظار ما سيُسفر عنه اجتماع لجنة الاشراف على وقف النار بعد غد الاربعاء، وفقا لمعلومات الرئيس
نبيه بري.
في هذا الوقت، تنتظر الحكومة اللبنانية مآل الشكوى التي تقدمت بها ضد اسرائيل على خلفية العدوان الضخم ضد منشآت وآليات مدنية ولها اصحابها المعروفون، وهي تجارية، وتستخدم في عمليات الجرف وفتح الطرقات وازالة الركام في منطقة مصيلح فجر السبت الماضي.
وجاء في"الديار": منذ أيام قليلة، أثار تصريح الرئيس جوزيف عون تساؤلاتٍ عميقة حين قال: «هل هناك من يفكّر في التعويض عن غزة في لبنان؟» — عبارةٌ حملت ما هو أبعد من الموقف السياسي، لتتحوّل إلى إشارة تحذير من خطرٍ داهم يُخيّم على الجنوب، وقلقٍ من حربٍ إسرائيلية محتملة قد تجعل من لبنان ساحةً بديلة بعد هدنة غزة.
مؤشرات ميدانية تتحدث عن استعداداتٍ إسرائيلية غير اعتيادية، واحتمال تنفيذ عمليات شبيهة بـ«البايجر» نتيجة التفوّق التكنولوجي.