ذكر موقع "Tehran Times" الإيراني أنه "في حين دخلت غزة في هدنة من ثلاث مراحل، تعرض
لبنان لغارة جوية إسرائيلية مركزة في منطقة المصيلح الزهراني، مما أرسل رسالة سياسية وعسكرية لم تكن خالية من التهديدات المباشرة. وعلى غير العادة، تحرك لبنان رسمياً للمرة الأولى لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، معتبراً القصف انتهاكاً صارخاً للقرار 1701. هذه الخطوة المفاجئة، وإن جاءت متأخرة، فإنها تحمل دلالتين: الأولى إدراك متأخر لخطورة المرحلة المقبلة، والثانية محاولة إعادة تأكيد الدور السيادي للدولة في مواجهة التطورات الميدانية التي تقودها
إسرائيل وتباركها واشنطن".
وبحسب الموقع، "لم ينتظر الكيان الاستعماري
الإسرائيلي طويلاً بعد هدنة غزة، فاستخدم الطائرات الحربية لا الطائرات المسيّرة، مؤكدًا رغبته في رفع مستوى التهديد وتغيير قواعد الاشتباك تدريجيًا. وبحسب بعض المراقبين فإن ما حدث في غزة لا يعني نهاية المعركة، بل هو تمهيد للمواجهة المقبلة، وهي لبنان. وهنا تبرز مفارقة خطيرة: كلما اقتربت إسرائيل من الهدنة مع أحد الأطراف، وجهت سلاحها نحو طرف جديد. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو التقارب بين الرؤيتين الأميركية والإسرائيلية بشأن لبنان. فرغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى إلى تصوير نفسه كصانع سلام، فإنه يدعم ضمناً تصعيداً "مُتحكماً به" ضد
حزب الله، كجزء من استراتيجية أوسع لتقويض نفوذ
إيران في لبنان. وقد يمنح هذا التقارب إسرائيل هامشاً واسعاً من التحرك في جنوب لبنان، خاصة مع تركيز البيت الأبيض على قضايا دولية أخرى وضعف التعاطف الدولي مع
بيروت".
وتابع الموقع، "من ناحية أخرى، لم يقف حزب الله مكتوف الأيدي. فالحدث الضخم الذي نظمته كشافة الإمام المهدي مؤخرًا لم يكن مجرد نشاط ثقافي، بل كان رسالة قوة داخلية وتنظيمية، تؤكد أن حزب الله لا يزال حاضرًا في الشارع وقادرًا على مواصلة أنشطته رغم الضغوط والعقوبات والحصار. أما الرسالة الأوضح فكانت: على من يظن أن حزب الله قد انتهى أن يعيد حساباته. وفي الواقع، بدا الأمر كما لو كان يعلن عن بداية مرحلة جديدة من التعافي والإعداد، ليس فقط للرد، بل وأيضاً لإعادة التموضع السياسي والأمني الداخلي".
وأضاف الموقع، "إن التحركات الإيرانية والسعودية المتزامنة في لبنان تفتح الباب أمام سيناريوهات متناقضة، وترسل طهران، عبر قياداتها الأمنية، إشارات لتنظيم علاقة حزب الله بالدولة، وتؤكد التزامها بتحالفها مع
رئيس مجلس النواب نبيه بري. وفي المقابل، تشجع الرياض الانفتاح في الشأن اللبناني، وهو ما تجلى في زيارة
وزير الخارجية السوري إلى بيروت. وتشير هذه التحركات إلى أن الأطراف الإقليمية لا تزال تنظر إلى لبنان كساحة حيوية للمناورة، ولكن من دون رؤية واضحة".
وبحسب الموقع، "في غضون ذلك، يواجه لبنان خيارين صعبين: إما الانخراط في مشروع تسوية إقليمية مشروطة، وربما باهظة التكلفة، أو الاستعداد لمواجهة عسكرية قد تندلع في أي لحظة، بحجة ردع حزب الله. في كلتا الحالتين، تواجه الحكومة
اللبنانية اختبارًا وجوديًا، ويُعدّ التحرك في مجلس الأمن خطوةً، ولكنه ليس كافيًا. المطلوب هو خطة وطنية لتعزيز الوحدة في الداخل، وتنظيم العلاقة بين الحكومة والمقاومة، ومنع أي جهة داخلية أو خارجية من احتكار القرار اللبناني. فلبنان لم يعد منطقة محايدة، بل أصبح في قلب الصراع، ولو غير المعلن!"
وختم الموقع، "لا شك أن مرحلة ما بعد غزة ليست سلامًا، بل هي مرحلة انتقالية، ولبنان الآن بين نارين: نار التصعيد الإسرائيلي، ونيران الخيارات الداخلية الضيقة. في الحقيقة، ستكون المرحلة المقبلة مفصلية في تحديد مسار البلاد لعقود مقبلة".