تقدّم لبنان المشهد الروحي اليوم مع وضع سيرة المطران الشهيد اغناطيوس مالويان في الواجهة، إذ أُعلَن قديسًا خلال الاحتفال المهيب في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان . وتم تكريمه كأحد أبرز الوجوه بين سبعة أسماء جديدة للقداسة، بعدما قُتل عام 1915 خلال الإبادة التي طاولت الأرمن.
وقد أعلن البابا لاوون الرابع عشر سبعة قديسين جددا، بينهم أول قديس من بابوا غينيا الجديدة، و"طبيب الفقراء" الفنزويلي، إلى جانب ثلاث راهبات كرّسن حياتهن للفقراء والمرضى، والكاهن السابق بارتولو لونغو الذي عاد إلى الإيمان وأسس المزار البابوي في بومبيي. وأقيم الاحتفال تزامنًا مع يوم البعثة العالمي. وهذه هي المرة الثانية التي يعلن فيها البابا الأميركي قديسين منذ توليه قيادة الكنيسة في 8 أيار، إذ سبق أن أعلن الشهر الماضي قداسة الإيطاليَّين كارلو أكوتيس وبيير جورجيو فراساتي.
التقديس هو الخطوة الأخيرة بعد التطويب، ويشترط له ثبوت معجزتَين على الأقل، ومرور خمس سنوات على الوفاة، وأن يكون المحتفى به قد عاش حياة مسيحية مثالية.
وتشمل الأسماء التي ستُعلَن قداستها أيضًا بيتر تو روت من بابوا غينيا الجديدة الذي قُتل خلال الاحتلال الياباني في الحرب العالمية الثانية، والفنزويلي خوسيه جريغوريو هيرنانديز سيسنيروس الذي وُصف بأنه "طبيب قريب من الأضعف"، فضلًا عن الراهبة الفنزويلية ماريا كارمن
إيلينا رينديليس مارتينيز التي تخطّت إعاقتها وأسست جماعة خُدّام يسوع. كما سيتم إعلان الراهبتين الإيطاليتين فينسينزا ماريا بولوني، مؤسسة معهد فيرونا لأخوات الرحمة المعني برعاية المرضى في المستشفيات، وماريا ترونكاتي من بنات مريم مساعدة
المسيحيين التي كرّست حياتها في عشرينيات القرن الماضي لخدمة السكان الأصليين في الإكوادور، قديستين.
المطران الشهيد اغناطيوس مالويان
وُلد المطران إغناطيوس مالويان في ماردين عام 1869، ونشأ في بيئة كنسية ملتزمة قادته إلى نيل الكهنوت والتفاني في التعليم والرعاية.أُرسل يافعًا إلى دير سيدة بزمار في لبنان، ثم سيم كاهنًا عام 1896 وخدم في الإسكندرية والقاهرة قبل انتخابه مطرانًا لماردين سنة 1911.خلال مذابح عام 1915 اعتُقل مع أبناء رعيته وطُلب منه إنكار إيمانه فرفض بشجاعة مؤكداً أن "الإيمان أغلى من الحياة"، فتعرّض للتعذيب وأُعدم في حزيران من العام نفسه، ليغدو رمزاً للشهادة والثبات. أعلن البابا يوحنا بولس الثاني تطويبه عام 2001، ويأتي إعلان قداسته اليوم تثبيتاً لرسالة دمه كشعلة رجاء تلهم الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية والكنائس المشرقية كافة في مسيرتها الروحية.
الطوباوي بيتر تو روت
أول قديس من بابوا غينيا الجديدة. وُلد عام 1912 في
جزيرة بريطانيا الجديدة، تزوّج ورُزق ثلاثة أبناء، وخدم كأستاذ تعليم مسيحي متعاونًا مع المرسلين. أثناء الاحتلال الياباني واعتقال المرسلين
الأوروبيين بقي سندًا للجماعة المحليّة، وتعرّض للتهديد وسُجن شهرين، ثم اغتيل بحقنة قاتلة في تموز 1945. كان قد طوّبه القديس يوحنا بولس الثاني عام 1995 في بورت مورسبِي، ويثبّت إعلان قداسته اليوم شهادته للإيمان حتى
الدم وقدوته للعائلات والعلمانيين.
فنزينزا ماريا بولوني
فنزينزا ماريا بولوني معروفة بإسم لويدجيا بولوني (1802–1855) راهبة من فيرونا شاركت مع الكاهن كارلو ستيب في تأسيس "جمعية راهبات الرحمة" لخدمة الفقراء والمرضى، وكانت تردد "الفقراء هم أسيادنا" تعبيرًا عن أولوية خدمتهم بكرامة. وُلدت في 26 كانون الثاني 1802 وتوفيت في 11 تشرين الثاني 1855 في فيرونا، وتمحورت رسالتها حول تنظيم رعاية النساء الأكثر هشاشة وتعليمهنّ مهنًا تمنحهنّ استقلالية. أُعلنت طوباوية في 21 أيلول 2008 في فيرونا، ثم اعتُرف في 27 كانون الثاني 2025 بمعجزة منسوبة لشفاعتها، ما فتح الطريق لإعلان قداستها المقرّر في 19 تشرين الأول 2025.
ماريا كارمن رينديليس
راهبة فنزويلية من كاراكاس وُلدت بلا الذراع اليسرى، حوّلت هشاشتها إلى قوة خدمة وتعليم. التحقت أولًا بفرع فرنسي من "خادمات يسوع في القربان الأقدس" ثم أسّست عام 1965 جماعة محلية باسم "Siervas de Jesús" وقادتها كأولى الرئيسات العامّات.كرّست حياتها للتعليم والرعوية حتى وفاتها في 9 أيار 1977، وأُعلنت طوباوية في كاراكاس يوم 16 حزيران 2018 بعد اعتراف بمعجزة شفاء نُسبت لشفاعتها، ثم ثُبّتت معجزة ثانية في 31 آذار 2025، لتصبح وجهًا فنزويليًا بارزًا في قديسي العصر المعاصر.
الطوباوية ماريا ترونكاتي
راهبةٌ إيطالية من بنات مريم أمّ المعونة (السالزيان – FMA)، ومُرسَلة في الأمازون الإكوادورية. وُلدت في كورتينو غولجي عام 1883، عملت ممرّضة خلال الحرب العالمية الأولى، ثم سافرت عام 1922 إلى الإكوادور حيث خَدَمت شعب الشُّوار عقودًا ممرِّضةً، مُربّيةً، ووسيطـة سلام بين السكّان والمستوطنين. تُوفّيت في حادث تحطّم طائرة قرب سوكوا عام 1969. أُعلِنت طوباوية في 24 تشرين الثاني 2012. يصفها السالزيان بأنها "أمٌّ وصانعة سلام". قدّمت طبابةً ميدانية وتعليمًا للفتيات، ونسجت جسور ثقة مع المجتمعات الأمازونية التي عاشت بينها 44 عامًا.
خوسيه غريغوريو هيرنانديز سيسنيروس
هو طبيب فنزويلي معروف بـ "طبيب الفقراء" بسبب تفانيه في خدمة المحتاجين. ولد عام 1864، وكان عالمًا ومفكرًا ومؤمنًا عميقًا، ويُنظر إليه كرمز للإلهام والتفاني في الخدمة، وقد تم تقديسه كأول قديس فنزويلي في عام 2023. توفي عام 1919 بعد تعرضه لحادث سيارة.
بارتولو لونغو
محامٍ إيطالي (1841–1926) وعضو علماني في الرهبنة الدومينيكية، عُرف بـ"رسول الوردية" ومؤسِّس مزار سيدّة الوردية في بومبي. عاش مرحلة ضياعٍ شبابيّة بلغت حدّ الانخراط في طقوس شيطانية قبل أن يتوب ويعود إلى الإيمان ويكرّس حياته للتعليم والرحمة ونشر تلاوة المسبحة. أسّس في بومبي حركة روحية واجتماعية واسعة: ترميم الصورة الشهيرة للعذراء، إقامة المزار والبرج، ومؤسّسات خيرية للأيتام وأبناء وبنات السجناء ومدارس للفقراء. كتب "الابتهال (Supplica) لسيّدة بومبي" الذي يُتلى تقليدياً ظهراً يوم 8 أيار والأحد الأوّل من تشرين الأوّل. طوّبه يوحنا بولس الثاني في 26 تشرين الأوّل 1980 داعياً إيّاه "رسول الوردية".